( عمق ) نص فسيفسائي تجريدية :
السكون جفن ناعس لهواء عاصفٍ لا يصلني منه سوى الهمس ، كضجيج الشمس وصوت لهيبها ، لا يصلني منه سوى نسمة ضوء ، الا تشعر بذلك ؟
لقد رحلتُ كمركبة غريبة نحو العمق ، نحو مرآة أرتني عالما براقا لجنيات الربيع و فراشاته ناعسة الجفون ، كل هذا ما كان ليكون لولا صخب رهيب يتربع أغصان حكاياتي الباردة .
أنظر الي ، أنا أقف هناك كطائر قطبي ، لا أنتظر شيئا ، فلقد اهدتني الرمال العاصفة وردة حمراء باسمة ، لقد ملأ عبقها النديّ مساماتي و زوايا روحي المسافرة . انظر الي يدي ، انها تحتفل ، أنا واثق انك تشعر بذلك .
هامش :
الفسسيفسائية ترتكز على الترادف التعبيري ، اي مجموعة تعابير في نص واحد متميز عن بعضها الا انها تنطلق من فكرة محورية و تشابه تعبيري كبير ، محققة حالة تشبه الترادف اللظي و تكون تعابير النص و جمله و فقراته بشكل مرايا متجاورة تعكس صورة عميقة و فكرة موحدة ، و تكون التعابير متجهة نحو تلك الفكرة و القضية و الصورة العميقة الموحدة كما تتجه ازهار الشمس نحوها في كل حين .
و التجريدية ترتكز على استعمال اللغة و الالفاظ بشكل تعبيري غير معهود ، اي ليس لأجل نقل المعنى و توصيل الفكرة و الحكاية ، و انما لنقل الاحساس و الشعور ، و جعل المشاعر و الاحاسيس هي ما يتجلى بالالفظ و ليس المعاني و المغزى ، كتكون الالفاظ و الجمل كالوان المجردة من دون تشكل محاكاتي اي بشكل الوان في لوحة تجريدية تعتمد في تاثيرها على الاحساس و الشعور و ليس المحاكاة و المعنى .لا مشكلة أبدا في ان تصبح الافاظ و الجمل بهذا المستوى من التجريد ، و لقد نجحت تجارب عالمية و تجارب لي خاصة في ذلك .
هنا تجربة جديدة و معقدة ، وهي كيف يمكن تحقيق نص تجريد و الافاظ لا تحكي و لا تبين و انما تنقل الاحساس ، و في ذات الوقت يكون فسيفسائيا ، وهو نص يعتمد على الترادف التعبيري . و الجواب يمكن تبينه من خلال حقيقة ان الترادف الفسيفسائي غير منحصر في الترادف المعنوي و الفكري و الحكائي ، كما ان التعبير الأدب لا ينحصر بذلك بل لدينا التعبير التجريدي و الذي يحقق نظاما تعبيريا شعولايا احساسيا كما تحقق اللغة الحكائية نظاما تعبيريا معنويا حكائيا . و كما ان الترادف الفسيفسائي يكون بين التعبير المعبرة عن فكرة و حكاية واحدة في الترادف المعنوي فانها تكون معبرة عن احساس و شعور واحد في الترادف التجريدي ، فتكون لغة المرايا هنا مرايا لاحساس و شعور واحدة يتجسد في التعابير و يتجلى في المرايا .
لو لاحظنا النص اعلاه ( عمق ) نجد ان كل فقرة تنقل و تجسد احساسا و شعورا واضحا و نجد ايضا ان الاحاسيس و المشاعر التي تتجسد في الفقرات متقاربة و تنمتمي الى مجال احساسي واحد . ان الفسيفسائية التجريدية تبين و بشكل صريح انه كما ان هناك حقولا دلالية و معنوية في اللغة فان فيها حقولا شعورية و احساسية . كما اننا سنكون امام وحدة نصية و ايقاعية و تناغمية جديدة و عميقة هي الوحدة الاحساسية الشعورية كما هو ظاهر في النص اعلاه .
—