
عبد الكريم العامري
قبل الخوض في ماهية الجمهوريات التي اصطبغت بالفساد منذ ان خط بريمر بقلمه الخبيث بعض اسس السياسة التي جلبت للعراق كل اشكال الفساد ولم يخل موضع في هذا البلد من ذاك الداء الذي اوصلنا الى ما نحن فيه، لابد من القول اذا كانت السياسة في بعض مفاصلها مقترنة بالفساد فكيف تقترن الثقافة به ونحن نعرف ان المثقف متنزها عن كل ذلك..؟ نستطيع ان نجيب بكل سهولة ونحن نتصفح ترسانة الفساد في المؤسسات الثقافية حكومية كانت او شبه حكومية او منظمات مجتمع مدني والاجراءات التي تتخذ ضد الفاسدين والمفسدين سنتوقف عند نقطة واحدة وهي ان من (يتذابح) على شغل المناصب ما هو الا فاسد والمؤسسات مليئة بالمتطفلين وهم ابعد ما يكون للثقافة. لا نريد ان نشير الى مؤسسة معينة، فكل المؤسسات سواء خاصة وانها تعج بأولئك المتطفلين واشباه المثقفين!
هذه واحدة من مشاكلنا التي ما زلنا نخوض بها منذ عام 2003 حتى اليوم واذا ما وقف مثقف حقيقي ضد آفات الفساد واذرعه يكون الاتهام الجاهز له اما من ازلام النظام السابق او ارهابي ! هذه الاتهامات المجانية كانت وما زالت واحدة من اسباب صمت كثير من المثقفين الحقيقيين ازاء ما يحدث ففضلوا الانزواء بعيدا عن تلك المفاصل النتنة واكتفوا بانجاز مشروعهم الثقافي الادبي او الفني منفردين تاركين السفن تحترق بما فيها وهكذا وصلنا الى الحضيض في جمهوريات تعاقبت وهي موغلة بالفساد.
نبحث عن الحل ولا نجده الا في حملات وهمية تعلن بين فترة واخرى ولا تخرج بنتيجة مجدية ذلك لان الفاسدين أمنوا العقاب وصارت اذرعهم طويلة جدا قد تنال من أي فرد يحاول كشفهم..
ما حدث مؤخرا من اجراءات في المملكة العربية السعودية لمكافحة الفساد والتي نالت رؤوسا كبيرة ينتمي بعضها الى الاسرة الحاكمة هي اجراءات صائبة لان الفساد لا يمسك الا من الرؤوس الكبيرة عكس ما يحدث في العراق حيث تنفذ الاجراءات على الذيول وهي رؤوس صغيرة وقد يكون بعضها ضحايا ابتزاز معين من متنفذين خاصة اذا كانوا يشغلون مناصب حساسة في المرافق التي تحتوي على اموال وهذا الامر معروف بشكل مشاع في الحياة العراقية الحالية.
اذن ما المطلوب لكي نخرج من معمعة الفساد المستشري.؟
لا نتحدث عن الحكومة التنفيذية بالرغم من ان مفتاح معالجة الفساد بيدها، لكننا نتحدث عن طبقة المثقفين في البلد، المطلوب وقفة جادة تتعدى الكتابات المتفرقة التي لا يقرأها السياسي والتي لا تصل الى مدى ابعد من الورقة التي يكتب فيها، وقفة جادة تختلف عن تلك الممارسات الفردية في الاعتزال او الامتعاض بغرف مغلقة، وقفة يصل صوتها الى ابعد نقطة وزاوية في المناطق المظلمة والتي تنبعث منها رائحة الفساد..وقفة بعيدا عن المؤسساتية التي دجنت بعض المثقفين ورسمت لهم خطوط سيرهم واصبحوا في ليلة وضحاها مشاركين فيما يحصل. نحتاج الى خطاب يلجم الخطاب السياسي المنفعل والذي صار سببا في خيباتنا، صوت يصل الى الانسان البسيط لكي يعرف قيمة المثقف العراقي القادر على التغيير ، المثقف الذي اتهم برضاه عما يحصل في بلد استغنى فيه المتنفذون وافقر ابناءه.
—
أبشع أشباه المُتعلمين والمُتفيقهين الاُميّين، مُرتزقة الثقافة قليلي الأدب، جعلوا مواقع القطيعة (التواصل) الإجتماعي الإلكترونيَّة؛ دكاكين دَجَل مُراوغ وجدية مُستترَة مفضوحة للحصيف الأسيف.
مُراوغ مُرتزق