كَكَلْبِي وَحِيدٌ
أنا أيْضاً
أحْتَمِي بأجْنِحَة المَوتَى
أقتَفِي أثارَ الظَّهِيرَة
أذْكُرُ مَودَّتِي ببِيلْوانْ وهُو يَلثُمُ العَالَمَ حَولَهُ
يَنْثرُ اخِرَ شَرَارَة الحُمْقِ فِي النَّهْرِ
وَيسْخَرُ منْ نوْمَتِي الكَلْبيّةِ
وكَأسِي المَقْلُوب
طَاوِلتِي الخَشَبِيَّة,
حِينَ يلْحَسُهَا ذُبابَ غُرْفتِي المَهجُورَة
******
قُلْتُ
انْتَ بيلْوَانْ شَرِسٌ فِي مَوتِكَ
ألَّا تخْلَعُ عنْكَ جِلْدَ عِنَادِكَ
وتُرِيحُنِي مِنْ بلاءِكَ ؟
******
النَّاسُ يَا بيِلوَانْ صَارُوا يُنادُونِي باسْمِكَ
ولَمْ يُخْجِلْنِي ذَالكَ
وصِغَارُ الحَارَةِ يرْمُونِي بالحِجَارَة,
فَأبْتَسِمُ كَمَّا كُنْتَ
تبْتَسِمُ
*****
نعَمْ لقَدْ صَارَ وجْهِي يُشْبهكَ
وَعَيْناي مقْلُوبتَانِ الى الوَرَاءِ
كَمَا تفْعَلُ حِينَ تَشُمُّ رَائِحَةَ الغَدْرِ
وَطبْعِي تَعَلَّقَ بِطَبْعِكَ
أنَا أيْضاً أحَادِي ظِّلَّ الحَائِطِ
وألْوِي ذَيْلِي حِينَ يُغَرَّرُ بِي
نُبَاحِي لَمْ يَعُدْ يُخِيفُ المَارَّة
لَمْ أقْوَ القَفزَ عَلى أطْْْْرافِ مَعْشُوقتِي
*******
مُنْذُ شَيّعتُكَ فِي مَكَانٍ مّا
بالصَّحْرَاءِ
لَمْ أُبلِّل قَبْرَكَ بعَرَقِي
لَم ْأزرَعْ نبتَة تَدُلّنِي اليْكَ
ولَمْ أقْرَأ مِنْ قَصَائِدِي المُرَّةَ حَرْفاً
يُلْهِيكَ عَنْ عَذَابكَ
لَكنِّي
لَمْ أنْسَاكَ
أبَدًا
*******
الايَادِي كَثِيرَة منْ حَوْلِي, وَلَا واحِدَة تُمْسِدُ ظَهْرِي ,كَمَا كُنْتُ أمْسِدُ ظَهْرَكَ
وأنْتَ تَتَقوّسُ
نَشْوَاناً بِطَلعَتكَ
وَلا يَحْمرُّ لكَ وَجْهٌ كَمَا يَحْمَرُّ وجْهِي
ولا يُخْجِلُكُ طارِئٌ كَمَا يُخْجلُنِي
********
الايَادِي بَيْدَاءٌ مُصْفَرّة
والدِيّارُ خَرْبةٌ سَكَنَهَا تُرَابٌ مُوجِعٌ
ولَمْ يَعُدْ مِلْح الغُرَباءِ نَدِياًّ
لَمْ يعُدْ للتِّينِ مَذاَقاً بِطَعْمِ الجَنّةِ
الافْوَاهُ غَرَّادَة بلَحْنِ الدَّمَارِ
تُنْعِي الأشْهُرَ لِلسُّلْطَانِ
********
نعَمْ بِيلْوَانْ
أنّهُ الانَ بِمَزْرَعَةِ الخَنازِيرِ
يُرَوِّضُهَا عَلى الرَّكْضِ
*******
الايَادِي تُداعِبُ فَراغَهَا
مَرَّة داخِلَ الجَرَّة
ومَرَّة مُلَطّخَة بِالوَحَلِ
*******
يُقُولُ العَرّافُ
انَّ الأرْضَ سَتَحْترِقُ ألفَ عَام
وَسَتَبكِي السَّمَاء عَشِيَّة
لإحْياءِ النُّخَيْلاتِ
لنَا أذنْ مُتَّسَعٌ مِنَ الحُلْمِ
لِنُرَتِّبَ ذَاكِرِتِنَا المُهْمَلَة
ونَصْعدُ بتَنْهِيدَة عَمِيقَة
نَنْتَهِي وايّاهَا قُبَالَة حَائِطَ المَدّى
*********
كَذا العُيونِ مَعْمِيَّة مِنْ حَولِي
وَلَا عَيْن وَاحدَة
لِفُقدَانِكَ دَرفَتْ دَمْعَةً كَاذبَة
أنَا وَحْدي بَكَيتُ
انَا وَحْدِي شَكِيْتُ
*********
دَعْنِي يا بِيلوَانْ أبُوحُ بِزَمَنِيّتي بعْدَ رَحِيلكَ
دَعنِي
َلَا تقُلْ كَلَمَة وَاحِدَة
أصْبَحْتُ عُدْوَانِياً
غَيْر مُتَمَاسِكًا
مُتسَّلِطاَ
قُلْ مَا تَشَاء
*********
لكِنْ لا أحَدَ يشْفَعُ لِي ثَورَتِي
وتَمرُّدِي
غَيْرك
***********
لا أحَدَ يسْمَعُ هَذيَانِي
وَخَرَفِي
وانْفِعالِي
غَيْرَكَ
***********
أنَا يا صَديقِي أتفَرَّدُ بالهزِيمَةِ
خَذلَنِي الضَّياعُ
مَزّقنِي الغِيّابُ
وَمكَّر َبِي الاحِبَّة
أتَذّكَرُ سُلْطتِي علَى الحَرْف
وصَوْلتِي فِي مِحْرَابِ السَّلاطِينِ
ٍمَسَاء كُلِّ عُرس
********
فانْ أنسَاكَ المَوْتُ مَن أكُونْ
فَأنَا أذكُرُ غِيرَتَكَ مِنِّي
وأنَا زَاهِياً بِكِتابَاتِي
أتَذكرُ كَمْ مَرّة أيْقظتنِي
مِنْ غَفْوتِي
لا لشيء
سِوَى لإسْكاتِي
*********
اه يَا بيلْوانْ
مَا أغْباكَ كَانَ عَليكَ انْ تُدوِّنَ قَصَائدِي
وانَا أتْلُوهَا نَائِماً
لَو فَعلْتَ لَمَا مُتَّ الانَ
—-
انَا كَائِنٌ نَوْمِيٌّ
مُنْذُ خَذلتْنِي اليَّقَظَة
كَائِنٌ عدَمِيٌّ
منْذُ أعْمانِي الوُجُود
كَائِنٌ شَّاكٌ
مُنذُ تَزَيّنَ اليقِينُ بِسُبْحَتِي المَائيَّةِ
كَائِنٌ أحْرُسُ المَوْتَى
ِمنْ عَويلِ الذِئاب
مُنْذُ شَرَّدَتنِي تِقَتِي
**********
اه يَا بِيلْوَانْ
مَا اغْبَانِي ترَكتُكَ ترْحَلُ وَحِيداً
لَكِنْ لمْ تَمُتْ
كَمَا تَمُوتُ الكِلَابُ
لأنَّكَ لَمْ تعِشْ كَلْباً
مِثْلَ الكِلابِ
كُنْتَ ظِلِّي
كُنْتَ حَظِّي
وَكَمْ صُنْتَ عِرْضِي
***********
صَديقِي بِيلْوان
لا شيء تَغيَّر بِمَوتكَ
السَّمَاءُ لمْ تُمْطِرْ
الجَائِحةُ أخَدَتْ نِصْفَ الأهَالِي
خَرَجَ الجِيَّاعُ الى الشَّارِعِ صَامِتُون
نعمْ خَرَّبُوا الحَدائِقَ
وَحَرَقُوا المَزَارِعَ
نَهبُوا أمْلاكَ بعْضِهِم
وتَسْتعِدُ رُوسيَا القَيْصرِية بِغَزوِ اوكْرانْيا
مُتْ يا بِيلوَان فالعَالَمُ مُقبِلٌ علَى حَرْبٍ ثالثَة