غسلت الأم وجه طفلها ، وفحصت عينه اليسرى ، فلاحظت انتفاخا طفيفا في لحمة إحدى العينين . كان عليها أن تأخذ يوما كاملا كعطلة ، ولا بد أن تركب الحمار ، وتًعطّل عبد الله عن الحرث ، لتذهب إلى المستشفى الذي يبعد عن الخيمة بأكثر من عشرة كيلومترات . ويجب أن تكون محظوظة لكي تجد الممرض في المستوصف ذلك اليوم ، والذي تعتقد بأنه هو الطبيب ، وتقدم له أربع بيضات أو ست ليفحص ابنها ، ويعطيها المرهم الأصفر ، ويطلب منها أن تنظف يدها قبل أن تضع قليلا منه بداخل الجفنين ، وإلا عليها العودة في الغد .
لم يحدث شيء من ذلك . لأن الحمار لابد أن يعمل ، وهي لا بد أن تعجن ، وتنتظر أن يخمر الخبز ، وترميه في الفرن ، وتُخرجه عندما ينضج . ثم تُهيّئ برادا من الشاي ، وتلُفُّه داخل قطعة من قُماش حتى لا يبرد ، وتأخذ معها قنينة زيت الزيتون ، وصينية من الألمنيوم ، وثلاثة كؤوس وصحن صغير ، وحصير من البلاستيك يتسع لشخصين أو ثلاثة ، وتضع كل ذلك في القفة . ولا بد في منتصف الطريق أن تشد الطفل خلف ظهرها (بالرَّكَّاب)* ، ثم تقطع ما تبقى من الخمسة كيلومترات مشيا على الأقدام ، حتى تصل إلى قطعة الأرض التي يحرثها عبد الله . وهو عمل تقوم به كل يوم لمدة أسبوع ، قد يزيد بيوم أو يومين . ويتناولان طعام الغذاء معا ، ويعودان في المساء قبل غروب الشمس . ،
في الحقيقة لم تفكر كثيرا في الأمر . نصحته بعدم حك عينه بيده ، ووعدته بأنها ستعطيه حبة شعير ، وتطلب منه أن يقول باسم الله ، قبل أن يضعها بين حجرتين ، بعد أن ينصب سبعة أحجار بالقرب من الطريق المحاذي للأرض التي يفلحها والده ، عسى أن يمر شخص ما ، ويعثر في الأحجار السبع ، وتسقط حبة الشعير ، وينتقل إليه انتفاخ لحمة العين ، ويتعافى الطفل .
لسوء الحظ ، وهم عائدون في المساء ، وقبل أن يتعثر والده بالأحجار السبع ، صرخ الطفل :
ـ (بّا لاّ لاّ لاّ)
كان قد فات الأوان ، فتهاوت الأحجار السبع على الأرض ، وسقطت حبة الشعير .
المعجم :
ـ الرَّكاّب : إزار صغير تحزمه المرأة على الطفل في ظهرها وتعقده فوق صدرها
مراكش 03 يناير 2021