… مثلما توقفنا في حلقات سابقة عند ايجازات لمقامات الجواهري المصرية واللبنانية واليمنية والسورية… تأتي وقفتنا اليوم عند بعض محطاته، الباريسية: في الشعر والسياسة والغزل والحياة… ونرى فيها، وقد يشاركنا الكثير في ذلك، انها جديرة بالتسجيل والتأرخة، في الخلاصات والتفاصيل، وبمشاركة مأمولة من بعثة العراق لدى اليونسكو، بقدر المطلوب، والممكن:
… يزور الجواهري العاصمة الفرنسية باريس لأول مرة عام 1948 وهو في طريقه إلى وارسو لحضور المؤتمر التأسيسي لحركة السلام العالمية، ممثلاً وحيداً عن العراق ،وحتى العرب على ما ندري… وبمشاركة شخصيات عالمية بارزة ، ومن أهمها بحسب الجواهري، الرسام الأشهر: بيكاسو… وقد عاد شاعرنا إلى باريس في رحلة الإياب ليبقى فيها نحو ستة أشهر تاليات…
اما الديوانُ العامر فيحدثنا عن قصيد متميز، تغزلا بباريس “أم النضال” بحسب فريدته عام 1948 واستذكارا لتاريخها ، ومحبة لاهلها، ووصفا لجمال طبيعتها، وما بين هذا وذاك كثير… ثم يعود الجواهري ذاته لينظم عام 1956 وفي دمشق هذه المرة، قصيدة سياسية بمناسبة أسبوع التضامن مع الشعب الجزائري ونضاله من اجل الحرية والاستقلال، ولينال من فرنسا الاستعمارية، وقياداتها آنذاك… وجاء مطلع تلكم الفريدة باهراً كالعادة:
ردي علقم الموت لا تجزعي.. ولا ترهبي جمرة المَصرع
أما الوقفة، وقل المحطة الأبرز، في شعر الجواهري في باريس وعنها، فهي رائعته غير التقليدية بأجزائها الأربعة 1948-1949، عن “انيتا” حسنائه الفرنسية، حواء الثانية، كما يصفها في ذكرياته، وقد طالت وتشعبت قصته معها، وقصتها معه… ويكفي البوح هنا عن عمق العشق، ورسوخ الافتتان بتلكم الساحرة الغنوج ، انها لم تغب عن بال الجواهري، ولم ينقطع هيامه بها ، والإيحاء عنها، وحتى بعد نحو أربعين عاماً… ونحن هنا شهود عيان، حين تراءت له، أو خيالاتها بتعبير أدق، في حسناء تشيكية مرت سريعاً أمام مقهى كنا من جلاسه معاً في براغ ذات نهار ربيعي عام 1987… ومما يقع تحت أيدينا بصوته عن قصيدة أو قصائد “أنيتا”…
ان وجه الدجى “انيتا” تجلى …عن صباح من مقلتيك أطلا
وكأن النجوم القيّن ظلا…في غدير مرقرق ضحضاح
بين عينيك نهبة للرياح…ورياض المروج اهدتك طلا
رشفة مج عطرها وتولى…حيث هذا الرأس الجميل تدلى
والفراش الذي به يتملى…خصلات من شعرك الذهبي
كنت فيه الثريَّ، اي الثريّ
وللتارخة عن بعض مقامة الجواهري الباريسية أيضاً، نشير هنا الى زيارته على رأس وفد من اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي، ضد الارهاب والقمع في عهد البعث الأول عام 1963 وذلك بترتيب من دعاة سلام وحقوق انسان فرنسيين، نظموا للوفد عدة فعاليات ولقاءات تضامنية واعلامية بالتعاون مع دارسين ونشطاء وطنيين عراقيين هناك…
… ومما نوثق له كذلك ، زيارة الجواهري الاخيرة لباريس عام 1984 مع عقيلته آمنة… وذلك محاولة لرأب الخلل الذي أصاب بعض نظره، بعد الجهد الكبير الذي بذله في انجاز جمهرته، في المختار من الشعر العربي، والتي دأب عليها نحو عام كامل، وقد جاءت وقائعها في بعض كتاباتنا السابقة… واخيرا دعونا نختم هذه السطور بمقطع آخر من ملحمة “أنيتا” وهو لا يحتاج لشرح ما جاء فيه من موحيات وفنون ومشاعر ، على ما نزعم من جديد …
اسمعي .. اسمعي “انيتا” فهنّا…وهنا، صوت صادح يتغنى
والطريق المهجور عاد فرنا….من جديد ببعثه يتهنى
فلقد دبت الحياة اليه….وتمشى المعاودون عليه
اسمعي وقع رائحين وغادي..وتملي من الوجود المعادِ
والقطار المجلجل المتهادي…في سفوح منسابة ووهادِ
اسمعي.. اسمعي “انيتا” صداه …
… يزور الجواهري العاصمة الفرنسية باريس لأول مرة عام 1948 وهو في طريقه إلى وارسو لحضور المؤتمر التأسيسي لحركة السلام العالمية، ممثلاً وحيداً عن العراق ،وحتى العرب على ما ندري… وبمشاركة شخصيات عالمية بارزة ، ومن أهمها بحسب الجواهري، الرسام الأشهر: بيكاسو… وقد عاد شاعرنا إلى باريس في رحلة الإياب ليبقى فيها نحو ستة أشهر تاليات…
اما الديوانُ العامر فيحدثنا عن قصيد متميز، تغزلا بباريس “أم النضال” بحسب فريدته عام 1948 واستذكارا لتاريخها ، ومحبة لاهلها، ووصفا لجمال طبيعتها، وما بين هذا وذاك كثير… ثم يعود الجواهري ذاته لينظم عام 1956 وفي دمشق هذه المرة، قصيدة سياسية بمناسبة أسبوع التضامن مع الشعب الجزائري ونضاله من اجل الحرية والاستقلال، ولينال من فرنسا الاستعمارية، وقياداتها آنذاك… وجاء مطلع تلكم الفريدة باهراً كالعادة:
ردي علقم الموت لا تجزعي.. ولا ترهبي جمرة المَصرع
أما الوقفة، وقل المحطة الأبرز، في شعر الجواهري في باريس وعنها، فهي رائعته غير التقليدية بأجزائها الأربعة 1948-1949، عن “انيتا” حسنائه الفرنسية، حواء الثانية، كما يصفها في ذكرياته، وقد طالت وتشعبت قصته معها، وقصتها معه… ويكفي البوح هنا عن عمق العشق، ورسوخ الافتتان بتلكم الساحرة الغنوج ، انها لم تغب عن بال الجواهري، ولم ينقطع هيامه بها ، والإيحاء عنها، وحتى بعد نحو أربعين عاماً… ونحن هنا شهود عيان، حين تراءت له، أو خيالاتها بتعبير أدق، في حسناء تشيكية مرت سريعاً أمام مقهى كنا من جلاسه معاً في براغ ذات نهار ربيعي عام 1987… ومما يقع تحت أيدينا بصوته عن قصيدة أو قصائد “أنيتا”…
ان وجه الدجى “انيتا” تجلى …عن صباح من مقلتيك أطلا
وكأن النجوم القيّن ظلا…في غدير مرقرق ضحضاح
بين عينيك نهبة للرياح…ورياض المروج اهدتك طلا
رشفة مج عطرها وتولى…حيث هذا الرأس الجميل تدلى
والفراش الذي به يتملى…خصلات من شعرك الذهبي
كنت فيه الثريَّ، اي الثريّ
وللتارخة عن بعض مقامة الجواهري الباريسية أيضاً، نشير هنا الى زيارته على رأس وفد من اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي، ضد الارهاب والقمع في عهد البعث الأول عام 1963 وذلك بترتيب من دعاة سلام وحقوق انسان فرنسيين، نظموا للوفد عدة فعاليات ولقاءات تضامنية واعلامية بالتعاون مع دارسين ونشطاء وطنيين عراقيين هناك…
… ومما نوثق له كذلك ، زيارة الجواهري الاخيرة لباريس عام 1984 مع عقيلته آمنة… وذلك محاولة لرأب الخلل الذي أصاب بعض نظره، بعد الجهد الكبير الذي بذله في انجاز جمهرته، في المختار من الشعر العربي، والتي دأب عليها نحو عام كامل، وقد جاءت وقائعها في بعض كتاباتنا السابقة… واخيرا دعونا نختم هذه السطور بمقطع آخر من ملحمة “أنيتا” وهو لا يحتاج لشرح ما جاء فيه من موحيات وفنون ومشاعر ، على ما نزعم من جديد …
اسمعي .. اسمعي “انيتا” فهنّا…وهنا، صوت صادح يتغنى
والطريق المهجور عاد فرنا….من جديد ببعثه يتهنى
فلقد دبت الحياة اليه….وتمشى المعاودون عليه
اسمعي وقع رائحين وغادي..وتملي من الوجود المعادِ
والقطار المجلجل المتهادي…في سفوح منسابة ووهادِ
اسمعي.. اسمعي “انيتا” صداه …
مقاطع من قصيدة انيتا بصوت الجواهري الكبير … على الرابط النالي
http://www.iraqhurr.org/content/article/2148267.html
مع تحيات مركز الجواهري في براغ