بغدادُ كانتْ أُغنية
بغدادُ قلعةْ
بغدادُ صارتْ أُضحيةْ
بغدادُ دمعة
* * *
بغدادُ
جرحٌ نازفٌ
بغدادُ
شعبٌ خائفٌ
وعراقُنا المذبوحُ
أَصبحَ مجزرةْ
مُذ أُسقطَ التمثالُ والجبروتْ
” و” البعثوتُ والدعشوتْ
والنواقصُ والزوائدُ
والاباطرةُ …البرابرةُ …
وأَربابُ الدياناتِ
والخياناتِ والقهرِ والوحشوتْ
والطغاةُ والجناةُ والغزاةُ
وثعالبُ الخلجانِ والذؤبان
وهراطقةُ الرهبوتِ والطاغوتْ
والذينَ بلا ضميرٍ أَو هاجسٍ أَو وازعٍ
من صاحبِ العرْشِ العظيمْ
والكونِ والخَلْقِ الكريم
والأُنسِ والجنِّ
و” الكُـن … فيكونْ ”
وهُمْ طاغونَ وطاعونْ
وهُمْ سُكارى بدمِ الحمامِ
والنوارسِ والغزلانِ
والأَطفالِ والملائكةِ
ومنْ دمعِ العيونْ
وماهُمْ بسكارى
ولا هُم بحيارى
ولا هُمْ يحزنونْ
لا على القتلى
ولا على الموتى
ولا على الجرحى
ولا على الذينَ قدْ يهوونْ
ولا على الذين من خوفِهمْ
وجوعِهمْ وقهرِهمْ
يذوونَ مثلَ شمعةِ الحَلَموتْ
إِنَّهُمْ بلا ضمائر
وبلا دمٍ حي
يرمونَ بالناسِ
الى الجحيمِ
وجهنَّمِ الجمراتِ والناروتْ
وهُمْ يسحلونَ ويضربونَ ويجرحونَ
ويخنقونَ ويشنقونَ وينبحونَ
ويذبحونَ أَهلَ اللهِ والناسوتْ
وهُمْ يحرقونَ ويسرقونَ الأَرضَ
والنخلاتِ والحنطاتِ والشِلْباتْ والخُضراتِ والنفطاتِ والورشاتِ والحاناتِ والصبايا والمرايا والبنينَ والحنينَ والاباءَ والابناءَ والأُمهاتِ الغالياتِ والخالاتِ والعمّاتِ والجدّاتِ الطيّباتِ
والزوجاتِ الحنوناتِ والأخواتِ والصديقاتِ والحبيباتِ الرائعاتْ
والاعمامَ والاحلامَ والاجدادَ والأحفادَ
والنوارسَ والكنائسْ
والجوامعَ والصوامعْ
و الاشجارَ والأَزهارْ
والجنائنَ والأَماكنْ
والحقولَ والواحاتْ
والقصائدَ واللوحاتْ
والبساتينَ والغاباتْ
ويسرقونَ فراتَ اللهِ
ودجلتَهُ العطشى
والزرعَ والضرعَ والحقلوتْ
ويستبونَ نساءَنا
ويأَكلونَ صغارَنا
وشيوخُنا أَبداً تموتْ
وبلادُنا قد أَصبحتْ
مقبرةً داميةً
أَحياءٌ تنهشُ أَمواتاً
وأَمواتٌ تنهشُ احياءً
وتابوتٌ يحملُ ” تابوتْ “
* * *
بغدادُ : حُلْمْ
بغدادُ : ملحْ
بغدادُ : لحمْ
وقَدْ تناثر
فوقَ كلِّ الأَرصفةْ
بغدادُ نهرُ دَمٍ
وقَدْ تفايضَ
من عيونِ الناس
ومن قلوبِ الأُمهاتِ النازفةْ
* * *
بغدادُ دولابٌ وطاحونٌ
بغدادُ ناعورٌ وتَنَّورٌ
وقَدْ تناهبَ الأَجلافُ
والسُرّاقُ واللقطاءُ
والأوغادُ والعملاءُ
منْها الأَرغفةْ
بغدادُ لحنٌ راعفٌ
بغدادُ نايٌّ نازفٌ
ولَمْ نُرِدْ أَنْ نَعْزفَهْ
لأَننا صِرْنا كما الموتى
أَو في الحقيقةِ
نحنُ الموتُ حتّى
ولمْ تَعُدْ لا الأَرضُ
تَقبلُ بإِحتضانِ جسومِنا
ولا سجونٌ ولا برارٍ
ولا قبورٌ ؛ ولا منافٍ
ولا حدودٌ أَو جحورٌ
ولا بحارٌ ولا جبالٌ
ولا إِلهٌ أَو نبيٌّ
يحنو على أَجداثنا
ويُرَتِّلُ الآياتِ
والسورَ الكريمةَ
ولنا يُكَرِّسُ مُصْحَفَهْ
*
بغدادُ : قُبَّرةٌ
نافرةٌ وباسلةْ
بغدادُ : قَنبَرةٌ
صابرةٌ وعاقلةْ
لكنَّها … وهكذا
تحكي التواريخُ
والألواحُ والأُممُ العظيمةُ
والشعوبُ الكريمةُ
والصحائفُ العارفةْ :
إِنَّ بغدادَ وناسوتَها
في أَيِّما وقتٍ
سوفَ يَنْهضونْ
ويَصْرخونَ ويثأَرونَ
على الغُزاةِ والطُغاةِ
والبُغاةِ والزُناةِ
والـ ” خوااااتِ “
الـعاهـ…ااااتْ
الذينَ سَتُصبحُ لهم بغدادُ
مُقبرَةً وحاويةً وهاويةً
للهزيمةِ والغنيمةِ والمماتْ
والعراقُ الجميلُ
سيعودُ ملاذَنا الكوني
وفردوسَنا الأَبدي
وسرَّ الخليقةِ
والحقيقةِ والحياةْ