استيقظ الحاج عبد الهادى مكتئباً، الهموم تنخر فى عظامه. فكر فكرة مجنونة ، إن نجحت سوف يزوج بناته الأربعة ، ويفتح مشروع يدّر له المال ، ويعمل به ابناه العاطلان عن العمل.
السيد عبد الهادى أحيل للتقاعد منذ شهران ، كان يعمل موظفاً بالمجلس المحلى للمدينة. راتب التقاعد لا يكفى لضروريات الحياة اليومية. عبد الهادى نشأ بالقرب من الاقصر. سمع كثيراً عن فلاحين نقبّوا و وجدوا أثار تحت بيوتهم. ولذلك فهو يعرف قيمة القطعة الأثرية ، و فى ظل ما يسمى الربيع العربي ، سهل بيع مثل هذه الكنوز.
ذهب عبد الهادى و ابناه إلى بيت العائلة بمركز “أرمنت ” التابع لمحافظة ” قنا ” بجنوب مصر. وابتاع أدوات حفر من معاول و فؤوس و حبال أخذها معه. بدأ الحفر فى ساحة البيت الخلفية للتنقيب عن شيئاً مدفون لاجداده الفراعنة.
عملوا بالحفر سرٍِ لبضعة أيام ، حتى صلوا إلى حجر كبير . تعبوا جداً فى تكسيره إلى عدة أجزاء ، و أخرجه من الحفرة. اثناء إخراج الحجارة ، سقط حجر على رأس قاسم _ ابن عبد الهادى البكر _ فمات فى الحال. طوى الأب حزنه داخله ، لم يعلن موت ابنه . أخرج الجثمان و وضعه فى غرفة بالطابق الثاني ، غطاه بغطاء قديم لم يستعمل منذ ثلاثين عاما.
عاودوا استكمال الحفر ، عبد الهادى و امين _الابن الأصغر _ و كأن جبل من الألم و اليأس بركَ على قلبيهما ، يعملون وهم نصف احياء.
فجأة ، ظهر لهم درج سلم لمقبرة ملكية ، بها تابوت من الرخام و اثنتين و سبعون قطعة أثرية. بعضها من الجرانيت و البازلت و البعض الاخر من الذهب الخالص و النحاس.
قبيل الفجر التالى لاكتشاف الكنز ، جاء رجل دولة رفيع المستوى ، ترافقه حراسة خاصة و سيارة نقل تحمل حاوية فارغة طولها أربعين قدم . أخذ عبد الهادى يكلم نفسه بصوت مرتجف ، ومسموع ،
_”ستموت بين جدران السجن يا عبد الهادى”
فقال الرجل رفيع المستوى:
_ لن تسجن و لن تموت .
ثم أمر رجاله بنقل محتويات المقبرة إلى الحاوية ، و ترك للسيد عبد الهادى حقيبة بها عدة ألاف بالعملة المصرية. و كلم عبد الهادى قائلاً:
_ أنت لم تجد شيئاً ، و نحن لم نأخذ منك شيئاً.
السيد رفيع المستوى ، بعلاقاته الكثيرة ببعض رجال الأعمال ، تواصل مع أحدهم ، و قايض الحاوية بقرية سياحية على شواطئ البحر الأحمر.