نافلة ذهب، من مواليد 31 جانفي 1947 بتونس، زاولت دراستها الابتدائية والثانوية بمعهد نهج الباشا، مجازة في الحقوق اختصاص قانون عام، عملت بداية من سنة 1975 و لمدّة ثلاثين سنة مستشار قانوني في الإدارة التونسيّة، وتقلّدت خطّة “مكلّفة بمهمّة لدى وزير التربية والتعليم”، ومديرة بوزارة الثقافة، ومديرة بوزارة التربية والتعليم العالي، بعد إحالتها على التقاعد المبكر تفرّغت لكتابة القصّة والعمل الثقافي.
انتسبت إلى نادي القصّة بالورديّة منذ 1967، وإلى اتّحاد الكتّاب التونسيين منذ سنة 1987، وتحمّلت مسؤوليّة الإشراف على النوادي في هيئة مكتبه الوطني، في الدورة الممتدّة بين 1989 و1992، ثمّ استقالت منها.
شاركت في عديد الملتقيات والنّدوات الثقافيّة في تونس وخارجها:)الهند سنة 1982، فرنسا واسبانيا سنة 1994، إيطاليا سنة 1998، فلسطين سنة 1999، المغرب وليبيا ومصر سنة 2000، سوريا سنة 2004 ولبنان سنة 2009.(
نشرت ستّ مجموعات قصصيّة:
• أعمدة من دخان، شركة صفاء للنشر والتوزيع والصحافة، تونس 1979،
• الشمس والاسمنت، شركة صفاء للنشر والتوزيع والصحافة، تونس 1983،
• الصمت، تبر الزمان، تونس 1993،
• حكايات الليل، تبر الزمان، تونس 2003،
• هارون يأخذ المنعطف، تبر الزمان، تونس2012،
• شرفة على البحر، تبر الزمان، تونس 2017،
كما نشرت خمسا وثلاثين (35) قصّة للأطفال، وقامت باقتباس وتعريب، عن الفرنسيّة، ثلاث قصص للأطفال وديوان شعر من تأليف الكاتبة التونسيّة صوفيّة القلّي، وروايتين لليافعين: “الزنبقة السوداء” لألكسندر دوما و”يوميات إليزابيت” للكنديّة دي روزيي.
تُرجمت بعض قصصها إلى الرومانيّة، الروسيّة، الإيطالية، الفرنسيّة، الإسبانيّة، الألمانيّة، الصينيّة، الإنجليزية، السويديّة، والتشيكيّة، تضمنتها أنطولوجيات باللغات المذكورة.
سجّلت مسيرتها الأدبيّة ومنشوراتها في “القاموس الكوني للمبدعات” الصادر عن دار نساء ، باللغة الفرنسيّة في جزئها الأول صفحة 1236 لسنة 2013.
حصلت على عدّة جوائز، منها: الجائزة الوطنيّة لثقافة الطفل، جانفي 1997، جائزة لوستيلاتو للقصّة العربيّة المترجمة إلى اللغة الإيطالية بمدينة سالرنو سنة 1999، جائزة الستار الذهبي عن قصص الأطفال من معرض صفاقس لكتاب الطفل سنة 2000، جائزة الأديبات المتميّزات في القرن العشرين في القصّة القصيرة من الكريديف، كما حصلت سنة 2010 على القلادة القصصيّة من نادي القصّة.
التقيت بهذه القامة الأدبيّة، أيقونة القصّة التونسيّة، بمدينة المرسى في المكان الذي تغنّت به الفنان الشهيرة عليّة، وطرحت عليها الأسئلة التالية:
أنت من مواليد 1947 بتونس، زاولت دراستك الابتدائية والثانويّة بمعهد نهج الباشا، وهي مؤسسة خاصّة لتعليم البنات، لو تحدّثيننا عن نظام التعليم فيها، أسلوب التعليم ومواد التدريس، وهل كان ذلك تحت الإدارة الفرنسيّة أم التونسيّة؟
ج: كان نظام التعليم فيها مثل الصادقية إذ كنا نتلقّى الدروس باللغتين العربية والفرنسية ولنا مدرسين ومدرّسات باللّغتين ومن جنسية تونسية وفرنسية.كانت لنا كتب قراءة بالفرنسية وبالعربية كما كنا نطالع الكتب التي توزّع علينا من مكتبة المدرسة بالفرنسية وبالعربية. مديرتنا كانت فرنسية وتدعى الآنسة Lemard
كيف كانت بدايتك مع كتابة الأقصوصة وعملية النشر؟
ج: بدأت كتابة الأقصوصة بفضل تشجيع أبي، وكنت ولوعة بالمطالعة، أحببت كثيرا حصّة هواة الأدب للشاعر المرحوم أحمد اللّغماني، وكنت أستمع إليها دائما بقراءة السيد عادل يوسف جميل الصوت، وككل أدباء جيلي أرسلت إلى السّاهرين على الحصّة بقصصي تباعا وترقّبت الردّ وشجّعني المرحوم أحمد اللغماني على المشاركة في هواة الأدب وأصبحت أدعى إلى ملتقياتها في المنستير وتحصّلت على جوائز وكانت تتمثل في إهداء الفائز كتابا لمن يشارك، في موّفى كل شهر. بعد عامين أو ثلاثة طلب مني السيد أحمد اللغماني الذهاب إلى نادي القصّة الذي لم أسمع به من قبل حيث عرّفني بعميد الأدباء المرحوم سي العروسي المطوي وكان يوم سبت فاستقبلني بكل لطف وعرّف بي بقية الأعضاء من الأدباء مثل ألمرحوم مصطفى الفارسي والمرحوم الطاهر قيقة وأصبحت أرتاد النادي بانتظام وأستمع إلى القراءات وبعد شهرين أو أكثر قرأت قصّة تناولها الأعضاء بالنقد ثم نشرت في مجلّة قصص لأول مرّة في 1967 وكنت آنذاك بالجامعة، ومنذ ذلك اليوم بدأت بنشر قصصي في المجلة وأصبحت عضوا في نادي القصّة كما نشرت أغلب قصصي في الجرائد والمجلات بتونس في ذلك العهد ومنها مجلة الفكر.
في نصّك أعمدة من دخان يلوح تأثّرك بوجوديّة المسعدي وأسلوب محمد العروسي المطوي في القصّة الحواريّة، طريق المعصرة بالخصوص، فكيف كانت علاقتك الأدبيّة بهذين العلمين؟
ج: كنت أعشق كتابات المسعدي وأتابعها دائما لأنها فلسفية ونابعة من عمق الإحساس أما بالنسبة للقصص الحوارية فقد نشرت ضمن ” أعمدة من دخان “في 1978 بينما نشرت ” الطريق إلى المعصرة ” في 1981، ولكن كنا نقرأ لبعضنا دائما في النادي ونهتم بكل ما هو جديد فلا غرابة أن يقع التلاقي الفكري …
صحيح أنّ المجموعة القصصيّة “طريق المعصرة” نشرت سنة 1981، لكن القصّة الحواريّة تمّ نشرها قبل ذلك في الصفحة الخامسة من العدد الأول من مجلة قصص، سبتمبر 1966. ما هي الميزة التي وجدتها في سمير العيّادي ولم تجديه في غيره حتّى يكون هو المختار لتقديم مجموعتك القصصيّة الأولى، “أعمدة من دخان”؟
ج: كنا أصدقاء أنا والمرحوم سمير العيادي وكنت أحب ما يكتب وهو الذي فاجأني وقال لي إنه يريد إهدائي تلك المقدّمة التي أعتزّ بها كثيرا وهي تتصدّر أول كتاب لي… رحمه الله.
اللافت للنظر في عناوين قصصك غرامك الكبير للحكايات، حكاية الثعلب والأرنب، حكايتي والشجرة، الأميرة النائمة، مات سندباد، وغيرها كثير، لكن القارئ حين يلج إلى الموضوع يراوغه النصّ ويكتشف عدم انسجامها-أي العناوين- مع المحتوى، فهل من تعليل؟
ج: كنت مولعة بالحكايا منذ الصّغر وكان عمّي رحمه الله يجمعنا كل ليلة أحد ويقصّ علينا الحكايات وكنت أنا المستمعة الوفية له في تلك السّهرات وعندما أصبحت أجيد القراءة كان أبي يشتري لنا الكتب فأقرأ ما يلذّ لي، كما كنا نطالع ما تجود به علينا مكتبة المدرسة كل أسبوع حيث توزّع علينا الكتب للمطالعة باللّغتين بواسطة المدرّسين والمدرّسات. الأسلوب الذي توخيته في هذه الكتابات هو الأسلوب الرّمزي الذي يعجبني لأنه يحمل تخييلا مجدّدا في تناول القصّة ويجعلها موحية دون تسطير مملّ ومقتضبة بصفة محكمة مع منح الكاتب والقارئ في ذات الآن حرية التأويل وإثراء النصّ .
في مجموعتك القصصيّة الأولى، شغفك بالرمز جعل أفكارك في النصّ محجبة بحجاب ساحر خفيّ، إن لم أقل غامض، لماذا تسعى نافلة ذهب في قصصها إلى اختراق عقل القارئ بدلا من مداعبة أحاسيسه حتّى تتمكّن من جلب انتباه أكثر ما يمكن من القرّاء، وتحظى بقبول أوسع ؟
ج: في السّبعينات كنا نحب هذا النوع من الكتابة لأنه يعين القارئ على التخيّل وكأنه يدعوه إلى عدم أخذ الأمور مسلّمة بل يدعوه إلى البحث مثل الكاتب… يصبح القارئ صنو الكاتب…
وأنا أقرأ قصة “القصر من القصر” تطلعت، لا إراديا، إلى صورتك المعلقة في ظهر غلاف المجموعة أتفحّص قَصَّة شعرك في سبعينات القرن الماضي، لقد كانت الشخصية مستفزّة للمجتمع، فهل كنت تشاركين شخصياتك ذاك التحدي؟ وممن؟
ج: هي أفكاري التي أعبّر بها وتعبّر عنّي، أنا لا أتحدّى جميع الناس ولكن أولائك الذين يستحقّون.
يقول سمير العيادي في حديثه عن نصوصك إنّها تستدعي قراءة ممعنة في الدقائق الأسلوبية والموضوعية التي تميّزها عن غيرها من النصوص القصصيّة التي تكتبها المرأة الجديدة في تونس. ونحن نعلم أنّ حضور المرأة في تلك الفترة كان ضعيفا، أسماء قليلة على ما أذكر: حياة بن الشيخ، فاطمة سليم العلاني، عروسية النالوتي، نتيلة التباينية، زهرة الجلاصي، خيرة الشيباني، دليلة الزيتوني، وبنت البحر حفيظة قارة بيبان، فإلى من يشير في ظنّك؟
ج: في الحقيقة يصعب علي تقييم أعمالهن فكلنا تداولنا على الكتابة في نفس الوقت وكنا نحمل نفس الهموم في مجال الكتابة…
من خلال تفحص عناوين نصوصك القصصيّة: حكاية الثعلب والأرنب، مات السندباد، الأميرة النائمة، جحا آه يا جحا، …، ومن خلال قراءتي لقصّتك التي تحمل عنوان “في الناحية الأخرى من النهر”، تأكّد لي أنّ الكتابة للأطفال تستهويك كثيرا وأنّها لن تلبث أن تخطفك من عالم الحكي للكبار، فهل هذا التوجّه ظرفي أم دائم؟
يبدو أن علاقتي بالكتابة للصّغار لم تغادرني فهي راسخة وأهتم بها مثل ما أهتم بالكتابة للكبار… ولهذا تراني أكتب في الاتجاهين بصفة مطّردة وأحاول أن أكون في مستوى المسؤولية بالنسبة للصغار.