
إِلى السِّتِّينِ يَسْري رَكْبُ عُمْري
وَمَا يَومًا خَلَفْتُ مَعَ القَوَاعِدْ
تَرَاني أَعْتَلي الهَيْجاءَ مُهْرًا
بِهَيبَةِ فَارِسٍ وَخُطَى مُجَاهِدْ
فَفِي رَأْسِ النَّفِيضَةِ قَدٔ تَرَاني
وأَفْعالُ الكِرامِ لَنا شَوَاهِدْ
وَلَمْ أَحْزَنْ على الدُّنْيا وتَبْقَى
لِيَ الأَخْلاقُ لِلْعَلْيا مَصَاعِدْ
فَمِنْ رَحِمِ المَشَقَّةِ وَالدَّوَاهِي
وُلِدْتُ وعَيشِيَ المُضْنِي أُكَابِدْ
فَلا يَوْمًا جَزِعْتُ بِمَا دَهَتْنِي
وَإِنْ أَلْقَى عَلَيَّ الشَّرَّ حَاقِدْ
مَضَتْ أَيَّامُنا سُودًا وَحُمْرًا
لَظًى بَينَ المَلاهِي وَالمَعَابِدْ
هيَ الأَخْلاقُ مِيزَانُ البَرَايا
فَتَعْسًا لِلذي رَكِبَ المَفَاسِدْ
وتَبًّا لِلذي قَدْ ضَاعَ لَهْوًا
وأَوْقَعَ نَفْسَهُ رَهْنَ المَصَائِدْ
وَنَحْنُ الوَاقِفُونَ بِها ارْتِكَازًا
نَلُوكُ بِعُسْرِها لَوكَ المُعَانِدْ
وَلا نَرْضَى الغَضَاضَةَ في هَوَانٍ
بِطُهْرِ القَاصِدينَ إِلى المَشَاهِدْ
يَعِيشُ المُتْرَفُونَ بِنا عَفَافًا
وَعِزُّهُمُ الكَرَامَةُ في المَقَاصِدْ
فَمَا أَهْوَى بِنا صَيدٌ سَمِينٌ
وَلا أَغْرَتْ بِنا دُسْمُ المَوَائِدْ
نَعَمْ جُعْنَا وَلَكِنْ مَا ذُلِلْنا
فَعَارُ المَرْءِ طُولَ الدَّهْرِ خَالِدْ
مَضَتْ سُتُّونَ مِنْ كَدٍّ وَلَهْوٍ
وَعُشْرُ العُشْرِ مِنْها في المَسَاجِدْ
وَمَا ذَلَّتْ لنا فِيها رِقَابٌ
سِوَى للهِ خَرَّ الوَجْهُ سَاجِدْ
فَوَرْدُ شَبَابِنا جَافَى رَبِيعًا
خَرِيفُ العُمْرِ يَبْدُو في تَصَاعُدْ
وَنَهْرُ العُمْرِ يَبْدُو مُضْمَحِلًّا
وَقَدْ جَفَّتْ عَنِ النَّهْرِ الرَّوَافِدْ
سَنَرْحَلُ وَالرَّحِيلُ بِلا شَرَابٍ
فَمَاءُ الزَّهْوِ شَحَّ وَلَنْ يُعَاوِدْ
أَرَى عُمْري غَدَا يَمْضِي سَرِيعًا
إِلى رَبِّ العُلا بالشَّيبِ وَافِدْ
طَرِيقُ القَبْرِ يَبْدأُ بَعْضَ خَطْوٍ
فَأَوَّلُهُ نُحَالُ إِلى التَّقَاعُدْ