الهوسة والهوسة المضادة في العراق :صراع سياسي مرير.
أقدم نص هوسة هي ما نسبه الأب انتساس ماري الكرملي لعشائر الهندية قالته وهي تحارب والي بغداد مدحت باشا بقيادة شيخها وادي: «قم وادي وبغداد ارتجت»1869على الارجح , اثر دعوته للتجنيد الاجباري.
ولم يتم العثورعلى أي نص مدوّن آخر طيلة سنوات الاحتلال العثماني .
ويظهر أنّ الهوسة قد عُرفت في حياة الحاج زاير الدويج
ظفر بيّه ابمسايسته ويـدّه
أوعليه طالت أنفاسه ويدّه
جلب هوّه وأبوه مثله ويــدّه
(من سـابع جد ينبح بيها ).
لكن الهوسة دونت وبلغت اوجها ابان ثورة العشرين التي دونت فيها الكثير من الهوسات الحماسية، منها: ( يلترعد بالجو هز غيري / خلوني ابحلكه وكلت آنه / الطوب أحسن لو مكواري/ < أهزوجة رددها الثوار عند قنطرة الرارنجية بعد أن غنم الثوار مدفعا بريطانيا بالمكواروهو عصا غليظة تنتهي بكتلة من القار \ . بس لا يتعلك بامريكه/ . هز لندن ضاري وبجاها/ ودوه يبلعنه وغص بينه)، ولكل هوسة قصة وحدث .مثلا سخر المسؤول البريطاني من الشيخ ضاري لرعشة ابتلى بها فتمكن الشيخ من الفتك بجنوده وهوس (ارعش ما ارعش هذا انة ).لكنا لم نعثر على هوسات مضادة الا في العهد الملكي..(نوري السعيد الجمبدة وصالح جبر ريحانها ).. فاجابتها الحشود المتظاهرة (نوري السعيد القندرة .. وصالح جبر قيطانها ).
وحين نصل الى العهد الجمهوري نرى الهوسة المضادة قد تصاعدت حدتها بسبب الصراع الحاد بين التيارين اليساري والقومي ..خاصة بعد محاولة الشواف الانقلابية .
( كرد وعرب فد حزام … عاش الزعيم المقدام ) و ( لا بعثية ولا قومية … جبهة حرة وطنية ).(عاش زعيمي .. عبد الكريم ).(لا تكول ما عندي وكت واعدمهم الليلة ).(ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة ).(عاش الشعب السوري عاش .. بقيادة خالد بكداش \ زعيم الحزب الشيوعي .
فتجيبها هوسات القوميين والبعثيين:
يا بغداد ثوري ثوري .. خلي قاسم يلحك نوري : نحنة جنودك يا جمالْ … جيب سلاح وأخذ رجالْ
وعاش الزعيم الزيد العانة فلس.
وحين ننتقل الى عهد العارفيين .. نرى خفوتا بالاهازيج او ربما شخصيا لم اعثر عليها ..علق في ذهني جوابا على احد الاغاني القومية (وحدتنا وحدة احباب .. عربانة ومتروسة جلاب …).
بعد انقلاب 1968 اشتعل الشارع بالاهازيج والاغاني والتظاهرات .. مع مجيء البعث ثانية للسلطة تصدعت رؤوسنا من مكبرات الصوت تصدح طيلة اليوم وفي كل مكان (من قاسيون اطل يا وطني .. ارى بغداد تعانق السحبا …).
اتذكر ان التظاهرة الوحيدة التي حضرتها في مطلع السبعينيات .. \ما كنت شيوعيا لكني بعمر مبكر كنت ميالا لليسار \.. وصلنا توجيه بان ندخل التظاهرة زمرا متفرقة .. وكانت الجبهة الوطنية قد بدأت .. فلما وصلنا شارع الوطن انهال رجال البعث علينا باللكم والرفس والمضايقات فسال الدم وانقلبت الحناجر من (جبهة جبهة يا عمال لا رجعية ولا استعمار ) الى <جبهة جبهة يا عمال .. لا رجعية ولا استفزاز >…فغادرنا التظاهرة ولما وصلنا مقر المحافظة الاقدم .. كان رجال طوال القامة باجساد وملابس رياضية يمسكون بعصي غليضة ويضربون كل من لا يصدح ( شعب شعب كله بعث )..ولم تحتفظ ذاكرتي باهازيج مقارعة حتى بداية الحرب العراقية الايراني ما عدا الهتاف الذي صدحت به التنظيمات الاسلامية بداية السبعينيات في التظاهرة التي انطلقت في خان النص <منطقة الحيدرية وسط بين كربلاء والنجف >(صدام كله للبكر هذا الشعب ما يريدك ).
لكن الهوسات والاهازيج والحسجات انهالت كالفيضان ابان الحرب .. وغالبا كان العراقيون يختارون اكثر الاغاني شهرة لينسجوا مضادات عليها :
(يا كاع ترابج كافوري ).. اغنية حربية شهيرة ومؤثرة فكان الجواب :
(جيناكم بالوحدة وخمسة .. وخلينة بكل شارع طسة وناكل معلاك .. أي والله وعونج يا كاع ) .وانطلقت اقوى الهوسات المتاثرة بابيات النابغة الذبياني (يا حوم اتبع لو جرينة )..<صرنا زواج وما فرينة > ..
بعد السقوط 2003 عادت موجة الاهازيج والاهازيج المضادة لتسجل اكبلر احصائية ممكنة في تاريخ العراق … وبدلا من (ماكو ولي الا علي .. ونريد حاكم جعفري ) تدفقت اشهراشهر اهزوجة :
(باسم الدين باكونة الحرامية ).
ملاحظة : ركزت على مصطلح الاهزوجةعلما باني ادرجت الحسجات والشعارات المنغمة والاهازيج ضمن حقل واحد.