تبقت المستلزمات الكهربائية حتي يكتتمل جهاز (زينب )ويتحدد موعد زفافها…
…(خلاص هانت يا بنتي فلوس اللي باقي من الجهاز هاتحصل عليها النهاردة )
…(صحيح يا بابا)
…(ان شاء الله…المقاولة اللي اتفقت عليها هاتخلص النهاردة والراجل هايعطيني كل الحساب )
إحتضنته زينب وقبلت رأسه
(الأستاذ عبد الكريم) مدرس ابتدائي وصل لمنصب وكيل مدرسة بعد عمر كافح فيه مابين عمله في التدريس وعمله الآخر في مهنة (..المحارة والنقاشة…)فهو لا يهوى إعطاء الدروس الخصوصية ويعتبرها نوع من الإنتهازية وسلب لما في جيوب الآخرين دون وجه حق لذا ظل في مهنته التي اكتسبها من أيام شبابه قبل تعيينه في سلك التعليم
: منذ سنوات ألحت زوجته على أن يفعل مثل أقرانه الذين يلعبون بالفلوس من جراء إعطاء الدروس الخصوصية…وتحت هذا الضغط وقلة الراتب ووجود بعض الركود في أعمال البناء ومايتبعها..اضطر أن ينخرط في هذا الطريق ونجح وأخذت الأمور تتحسن معه إلا أنه وبعد أول شهر كان يرقد بالمستشفى ويصرف كل ما جناه حيث صدمته سيارة وهو يعبر الطريق إلى بيت أحد الطلبة الذين يعطيهم الدروس بمنازلهم…وحينها أحس أنها إشارة بعدم الإستمرار فيما بدأه من إعطاء الدروس الخصوصية
لذا قرر أن يظل علي حالته الأولى؛ مدرس أول النهار ومعلم
( محارة) بعد الظهيرة
زينب وجهها يلمع كمثل ضياء القمر وعيناها السودوان شعاع الأمل يبرق منهما وقد إزدان يومها بقشيب ثياب الأفراح بعد كلام أبيها ووعده الذي سينهي كل معوقات تعرقل سعادتها ولم شملها مع عريسها المنتظر
( عبدالكربم) انطلق ويداه الخشنتان تتراقصان في انتظار آخر النهار الذي فيه تنقشع غمامات همومه وتصفو دنياه بنهاية سعيدة لآخر بناته …
غادرت الشمس سماء البلدة..ومعها اقترب موعد حصول (عبدالكريم) على مستحقاته
هناك زينب وأمها تنتظران حتى تقوما بالذهاب إلى السوق لشراء ماتبقى من جهازها…
رن الهاتف الجوال…
وبعد ما ردت زينب
صرخت…وهرعت إلى المكان الذي وصفه لها المتصل
وجدت زحام من أُناس عادية وشرطة ورجال إطفاء
فالمبنى الذي يعمل به (عبدالكريم) قد انهار حيث أن صاحبه ترك ضميره وتعانق مع الطمع ومن ثم زين له شيطانه أن يزيد الطوابق طابقين آخرين مخالفا لشروط البناء فلم تتحمل الأساسات واستوى المبنى على الأرض…
بعد البحث وجدت زينب أباها وقد تم تغطية جثته بأوراق جرائد..
وقبل أن ترفعها لمحت خبرين فزاد صراخها وعويلها..
الخبرالأول…المدرس الأعلى دخلاً في أمريكا واليابان
الحبر الثاني مع صورة النجم المصري الكروي الكببر وخبر انتقاله براتب مليون جنيه استرليني في الأسبوع