استقر قرصا الطعمية وقطعة الباذنجان المخلل فى بطن الرغيف وعلى الأريكة المتهالكة بالحجرة الصغيرة التى استأجرها بمنزل قديم بحي شعبي جلس يقضمه بسعادة واغتباط القضمة بعد الأخرى .
أعد لنفسه كوبا من الشاي وأخذ يرتشفه في جرعات بصوت عال، بعد أن شربه مدد جسده على الأريكة واضعاً إحدى ذراعيه فوق رأسه وعينيه تنظر على ثيابه البالية المعلقة على الجدار وما لبث أن غط في نوم عميق .
ظفر بحقيبة سقطت من احدى السيارات الفارهة دون أن ينتبه اليها أحد ،أوصد على نفسه باب الحجرة وشرع في فتحها..وما أن فتحها كاد أن يفقد عقله فقد كانت مكتظة بالنقود .. التمعت عيناه وتهللت أساريره..حملها بين ذراعيه و قال وهو يتمايل فرحا و بصوت يحاول خفضه : وداعا للفقر .
على مكتب رئيسه في العمل استقرت ورقة مكتوب فيها استقالته من وظيفته كساع ، وفي راحة يد مالك المنزل وضع مفتاح حجرته فهو لم يعد فى حاجة اليها ولمتاعه أيضا.
من شرفة منزله الجديد بالحى الراقي جال ببصره على المكان وقدارتسمت ابتسامة واسعة على محياه ،وبدت ملامح الأنشراح على وجهه الذى أضحى ينضح بالحيوية والنضارة .
من مرآب المنزل استقل سيارته الفاخرة وانطلق بها فى زهو ..قام بتشغيل احدى الأغنيات وأخذ يغنى معها وهو يشعر وكأنه يطير فوق السحاب.
نهض مفزوعا من نومه على صوت طرقات حادة ومتتالية على الباب..فتحه فطالعه مالك المنزل بوجه العبوس يطلب منه أجرة الحجرة.