إلى الغائب خلف حواجز الحياة
أبي الحبيب..
هاهي الذكرى الأولى على رحيلك تقترب حاملة نفحات شوق محرق تتناثر على أراضي قلبي الكظيم..
أبتاه..
عام انقضى و روحي ضائعة بين سراب الوجع، تارة تتلمس خيوط النور من بصيص إيماني، وتارة ترتجف مثل ريشة أمام لهب البوح في وجه المرايا.
فقيدي الغالي!
مذ فارقتني نسج الحزن شباكه في زوايا قلبي وصارت البسمة مبتورة عنه.. وتشمّعت فيه صهاريج الصبر، فمن أين لي بصبر أيوب؟
أبتاه! في غيابك..
صار الفراغ يلتهم مساحات عمري، وتباريح الفقد أنهكت نفسي السائرة بلا أقدام في ليل الذكريات حيث ملاذي الأنيس.
والشحوب يمتص إشراقة أيامي.. وينابيعي جفت، فمن ذا يروي جذوري بالأمل المنشود؟
والدي الحنون..
ستظل حاضرا في حاضري _ حتى إن كنت في خبر كان _ بأشيائك المتبقية في صندوقي العتيق، فصوتك المبحوح متردد في سمعي، وعطرك يداعب أنفي، وأطيافك تومض في أحداقي.
أواه يا أبي!
في ذكرى رحيلك أُسرجت الأشجان في بيتنا من جديد، والدمع الحار ترك أخاديد ملتهبة على وجهي، وتلبد أفقي بسحائب سوداء.. فلا زالت تفاصيل الوداع تغسل آماقي من أرمدة الدموع..
أبتاه!
بعد موتك ذبلت شمس الصباحات
فمن يعيرني وهج بديل يرشدني لخطوط الدرب الصائب حيث الضياء يبدد دُهمي..
أبتي..
تمكث بعيدًا عن ناظري لكن اسمك يطرق أبواب ذاكرتي باستمرار، وابتساماتك غيث يبلل ثغر عمري..
ستظل كسحابِِ يظللني من ضيم الدهر.. سيظل اسمك كماء زلال يرويني من ظمأ المسافات..
فنم بسلام في مرقدك؛ فكل يوم سأروي قبرك بمياه الدعاء، وأهديك فاتحة الكتاب دبر صلواتي؛ علّها تؤنسك من وحشة القبر.
ابنتك المخلصة لذكرك (أسماء)