قرر فنان أمريكي إنجاح مشروع جنوني وشبه مستحيل يتمثل في طباعة كامل محتوى الواب على ورق. ويقوم تحدي كينيث غولدسميث على جمع كل صفحات الشبكة العنكبوتية بعد أن يطبعها أشخاص من كل أنحاء العالم لتشكيل عمل فني.
بدأ معرض “طباعة الإنترنت” للفنان كينيث غولدسميث في 26 يوليو/تموز في قاعة “لابور آرت غاليري” بمكسيكو سيتي. ويبلغ ارتفاع قاعة العرض 8 أمتار كدست فيها 10 أطنان من الأوراق أي ما يعادل حسب صحيفة “واشنطن بوست” وزن ثلاثة أو أربعة من صغار الحوت الأزرق. ويدعى الجمهور إلى الاطلاع على الأوراق أو إلى قراءة صوتية للنصوص من فوق منصة صغيرة.
واستجاب منذ 22 مايو/أيار 2013 أكثر من 600 مشارك لدعوة كينسث فأرسلوا مطبوعات تظهر مختلف المحتويات التي نجدها على الانترنت. ويؤكد الفنان في حوار مع “سي بي إس نيوز” أن هذه المحتويات أخذت أشكالا مختلفة من رسائل إلكترونية وآلاف الصفحات من شفرات البرمجة إضافة إلى “البورنوغرافيا طبعا، فماذا تتوقعون ؟ أنها الإنترنت !”. وتلقت كذلك قاعة العرض بيانات مصرفية ومذكرات شخصية على النت ومقالات صحفية …
تكريم لآرون شفارتز وهو ناشط من قراصنة الإنترنت
أما المناهضون لمشروع كينيث غولدسميث فهم يتهمونه بالأساس بالإضرار بالبيئة. لكن الفنان يؤكد أنه سيحرص على إعادة تدوير كل الأوراق وأن المشروع في جوهره نضال إيديولوجي. فهذا العمل الفني صمم كتكريم لآرون شفارتز وهو ناشط من قراصنة الإنترنت انتحر في يناير/كانون الثاني الماضي عن عمر يناهز 26 عاما وكان ملاحقا قضائيا. وكان الناشط متهما بقرصنة الصفحة الرئيسة لمعهد التكنولوجيا بماساشوستس MIT ، بهدف إتاحة المجال لرواد الانترنت للاطلاع على نحو 5 ملايين من المقالات العلمية لا يمكن عادة قراءتها إلا عبر عقد اشتراك.
ويوضح كينيث غولدسميث مشروعه “لا أفعل هذا لكي يهرع الكل إلى سرقة محتويات الإنترنت. في الحقيقة أريد جعل هذه المبادرة نقطة انطلاق لطرح أسئلة كبرى”. وروى غولدسميث أنه عثر يوما على ملف في موقع للتحميل غير الشرعي، قدم على أنه جزء من الملفات التي سرقها آرون شفارتز، فقال “كان حجمه 33 حيغابيت أي ما يعادل 18 ألف ملف تقريبا، بدأت في فتحها. وكانت توجد داخل كل ملف آلاف وآلاف الصفحات وهذا ما جعلني أفكر في ضخامة كمية المعطيات الموجودة”. وأطلق غولدسميث عمله الفني لتجسيد هذه المقاييس الخيالية، وأضاف “نحتاج إلى وسائل جديدة لنقيس اللانهاية”.
أرسلوا صفحاتكم إلى مكسيكو سيتي
ولد غولدسميث عام 1961 و هذا ليس معرضه الأول الذي يجرب فيه الاستفزاز. ودعي غولدسميث عام 2011 إلى أمسية شعرية في البيت الابيض وقرأ أمام الرئيس أوباما مقتطفا من كتابه بعنوان “حركة المرور” يتمثل في نقل 24 ساعة من أخبار حركة المرور الصعبة في نيويورك والتي تنقلها إذاعة محلية. ومن بين مؤلفاته كتاب بعنوان “يوم” نسخ فيه عددا كاملا من صحيفة “نيويورك تايمز”، ومؤخرا كتاب “سبعة أيام أمريكية من الموت والكوارث” ونقل فيه ريبورتاجات حول11 سبتمبر/أيلول 2001 و يوم اغتيال كيندي و كوارث أمريكية أخرى.
يستمر معرض “طباعة الإنترنت” حتى 26 أغسطس/آب الجاري ويواصل الفنان قبول كل الصفحات التي يرسلها له الناس من كل العالم ويكفي أن تكون الشبكة العنكبوتية مصدرها. نقترح عليكم حيلة : يمكنكم طباعة هذا المقال وإرساله إلى مكسيكو سيتي فربما كنتم بذلك تساهمون للمرة الأولى في حياتكم -على غرار صاحب هذا المقال- في صياغة عمل فني.
فرانس 24