ثامر سعيد آل غريب :
(1) كيف استدرجتي البحرَ ؟
في السابعةِ صباحاً
أحلقُ ذقني …
يهبُّ عليّ عطرُكِ من مرآتي
فتخضرُّ غصونُكِ في قلبي ،
الرّغوةُ غاقاتٌ على وجهي
وأشرعةٌ
فيضجُّ بالزّعيقِ الأبيضِ ،
بيتي :
هل حلمتِ فيَّ ؟
أحلقُ ذقني …
في أصبوحةٍ أخرى
فتباغتني ،
بدروبِ أشجارٍ مظلمةٍ مرآتي
وتحطّ على رغوتي الغربانُ
أغسلُ رأسي
فيشتجرُ النعيقُ .
هل نمتِ البارحةَ
قبل أن تحلمي فيَّ ؟
أيّتها الموجةُ …
كيف استدرجتِ إلى دفاتري
البحرَ ؟
لا أكتبُ سطراً ،
إلا عنّفني عاشقٌ غريق !
أيّتها النسمةُ …
كيف استدرجتِ الريحَ
إلى رأسي ؟
فشاهتْ عن عشبهِ
الغزلانُ والحروفُ !
تنتظرينَ القصيدةَ ، أنتِ
وأهدهدُ جمرَكِ بالوجيبِ
تنتظرينَ القصيدةَ ، أنتِ
وأنا أفتحُ بابَ الغابةِ
بقلبٍ راجفٍ ، قشرتهُ الحروبُ
وتكالبتِ الفصولُ عليه
فلا أرى غير زهرَتَكِ
في أقاصي الحفيف .
هل يكفي هذا
كي أقولُ : أحبُكِ ؟
—
(2) غرّدَ جرحٌ في القلب
حين داهمهُ الطوفان
وسفينتهُ أفاعٍ وقرود ،
قالَ لي ، وفي رأسهِ
عشبةٌ ضائعة :
لا فسحةٌ في الجمر
ولا أحلامُ في العاصفة ،
احزمْ قصائدَكَ
وخذْ من ذهبِ الشمسِ
حفنةً ،
ثم آوي إلى كوكبٍ
يُعصمُكَ من الضِباع .
قاتلٌ ، سروُ الغابةِ ، وقتيل
والنبيُ لم يُعصمَ قبتَهُ .
الصنوبرُ يتربصُ بالدردار ،
على حطبِ الفقراءِ …
الآتون من الرّملِ ،
رقصتْ نيرانهم .
ثم قالَ لي :
حين برطمَ الأفقُ بالدّخان
لا تنتظر سنابلَ عليها تكالبتْ
مناجلُ الريح .
ثورُ الحكمةِ والبأسِ
عن جناحيهِ لم ينشِّ القرادَ
قد يخلعُ تاجَ الملوك
ويعتمر عمامةَ الغراب !
ولا أدري …
ما تضمرهُ آلهةُ الشمسِ
لرعيتها ؟
كرعَ النهرُ آخرَ نخبٍ
من جمجمةٍ مثقوبةٍ ،
والبدويُ الذي أجارَ الجرادَ
أخذتْ سيوفهُ من الوردِ
مآخذها .
قلتُ له :
لا عاصمُ غير دمي
وغرّدَ جرحٌ في القلب .
—