عن دار ضفاف في بيروت صدر الكتاب السادس عشر للناقد والكاتب المسرحي صباح الأنباري الموسوم (مذكرات مونودرامية) بفصول ثلاثة وبواقع ثلاث مسرحيات مونودرامية لكل فصل من فصول المجموعة، بالحجم المتوسط وبواقع 240 صفحة وقد وضع صورة الغلاف الفنان العراقي سلام الشيخ وهي من الفخاريات التي تميّز بها أسلوباً ومهارة وابداعاً.
يقدم الفصل الأول وهو بعنوان: (الواح ورقم مونودرامية) ثلاثة نصوص يجمعها عامل مشترك واحد هو اشتغالها ذاكراتياً على الأحداث التاريخية الغائبة التي تتوحد مع قرائنها الحاضرة وتتميز باستنطاقها الجماد من التماثيل، والأشجار، والنصب التذكارية. وقد وضع السيناريست رياض حسن سيناريو متكامل لمشهد من مشاهد احدى مسرحيات الفصل الأول والتي تبدأ فعلها الدرامي بالسينما.
أما الفصل الثاني الموسوم (نصوص مونوسبايكرية) والذي تضمن على ثلاثة نصوص أيضاً فقد اشتغل على أحداث معاصرة استمد منها روح نصوصه فجاءت تسميته مركبة من كلمتي (مونو) وتعني واحد وسبايكرية وتعني المجزرة الرهيبة التي سقط ضحيتها 1700 متدرب عراقي ليكون المعنى العام إن واحداً ممن نجا منها سيروي أحداث النص.
وفي الفصل الثالث وهو الفصل الأهم فقد جعله الأنباري مسبوقاً بتمهيد وضّح فيه معنى التعاقبية في المونودراما فهي نصوص جديدة غير مسبوقة تعتمد على كتابة نص مستقل لشخصية واحدة ما ان يكتمل عرضها على خشبة المسرح حتى تبدأ شخصية نقيضة لها بسرد حكايتها المستقلة والمختلفة ولكنها مرتبطة معها بخيط رفيع تتجلى مهمته في نقل تأثير الأفعال في النص السابق على سير الأفعال في النص اللاحق مثل: الجلاد والضحية، القاص والقناص، القتيل والقاتلة. واما كلمة الغلاف الأخير فقد كتبها المخرج المسرحي فاروق صبري الذي أكد على تميّز الكاتب صباح الأنباري بغزارة نتاجه الأدبي فقد صدرت للأنباري ستة عشر كتاباً في مجالات كتابة النص المسرحي والنقد الأدبي فضلا عن مئات المقالات والمساهمات بالتأليف المشترك ومما جاء فيها قوله:
“خلال تجربته الكتابية الممتدة من النص المسرحي (زمرة الاقتحام) وحتى نصه الحالي “إطلاقة واحدة حسب” حاول صباح الأنباري عدم السقوط في فخ (مهنة) الكتابة ونشوة (حرفيتها) التقليدية والمغلقة أحياناً كثيرة، بل أطلق صهيل المغامرة والخروج من السائد في الكتابة المسرحية، والتسابق صوب الجديد والمبتكر. وإذا كان الابتكار من ضرورات الإبداع فإن الأنباري جعل من الأول فضاءً اجتمعت فيه المعرفة مع المغامرة.”
—