تعرضت المنظومة التربوية في الجزائر الى اصلاحات عدة ووجهت لها انتقادات حملتها مسؤولية ظهور أفكار تطرفية مهدت لبروز الارهاب في الجزائر و عدم مسايرة التطور الحاصل على مستوى العالم جعل من التعليم في بلادنا أداة غير فاعلة و مؤسسة غير منتجة مقارنة بالغلاف المالي الضخم الذي تخصصه الحكومة لقطاع التربية ،
فعكف مسؤولو القطاع من دكاترة و مفتشين وباحثين تربويين على ايجاد وصفة تعالج الداء الذي أصاب جسد التعليم و أنهك قواه ، فعقدت الندوات و الملتقيات و أقيمت الورشات و أسيل حبر كثير حول كيفية الاصلاح و من أين سنبدأ وفيم تكمن الاختلالات ؟ و ماهي التعديلات التي ستطرأ حتى نتمكن من تقويم الاعوجاج و بناء نظام تربوي فعال ينتج عنه أفراد قادرون على مسايرة المتغيرات السياسية و الاجتماعية و الثقافية و مواجهة التحديات الجديدة؟ فكانت الأهداف الأولى للاصلاح هو البحث عن سياسة تربوية تطور المجتمع و تعيد اليه توازنه كما ترفع من نوعية التعليم مع الحرص على عصرنة المدرسة و تكييفها مع المتطلبات الداخلية و الخارجية فاتجهت الأبصار نحو لجنة بن زاغو التي أوكل اليها مهمة الاصلاح و معالجة الاختلالات وقد كان هذا الاصلاح الثاني بعد اصلاحات ما بعد الاستقلال بعد صدور المرسوم الرئاسي 2000/ 102 مؤرخ في 09 مايو 2000 الذي تضمن تعيين أعضاء اللجنة الوطنية لاصلاح المنظومة التربوية حدد مهامها و كيفية عملها لكن الكثير من الممتبعين و المختصين أعابو عمل لجنة بن زاغو لأنها لم تفتح أبوابها أمام الشركاء الفعليين لقطاع التربية كالنقابات و أولياء التلاميذ كما أنها استعانت بالأجانب من دول أخرى و أقصت أصحاب التخصص في وطننا .
كما عمدت لجنة بن زاغو الى ادراج اللغة الفرنسية في السنة الثانية ابتدائي هذا الأمر بعث بالصراع الاديولوجي من جديد بين المعربين و المفرنسين أو الاسلاميين و اليساريين ، اذ يعتبر هؤلاء أن اللغة الفرنسية لغة حضارة و رقي و لم ينظروا اليها يوما أنها لغة أجنبية و قد قللوا من شأن اللغة العربية لأنها عمقت الخطاب الديني ووجهت قاطرة التعليم نحو التطرف ووسط هذا الصراع أثير جدل و لغط كبيرين حول تقرير لجنة بن الزاغو الذي مرر تحت الطاولة دون مناقشة محتواه على طاولة البرلمان و دون عرض التقرير الذي اتسم بطابع السرية في بدايته و كأن نية أصحاب القرار في الجزائر لم يكن اصلاح المنظومة بقدر حرصهم غلى اعطاء نفس جديد للغة الفرنسية على حساب اللغة الانجليزية التي أصبح خطر انتشارها يلوح في الأفق و بين هذا و ذاك وجدت المنظومة التربوية في الجزائر نفسها بين نارين و خطين متقاطعين لكل واحد وجهته و تصوره للمدرسة الجزائرية و كيفية بنائها و على هذا الأساس خرجت المدرسة أجيالا جمعت بين المتناقضات و أخذت من كل شجرة ثمرة لم يكتمل نضجها فكيف يمكن أن نعد أبناءنا و نكسبهم قيم ثقافية و حضارية في مدرسة لم تجد طريق سيرها بعد و هي أسيرة صراع مقيت يضحي في كل مرة بجيل من أبناء الجزائر دون مراعاة العوقب المترتبة
و ها هي اليوم وزارة التربية تعيد من جديد ما حاولت لجنة بن زاغو تمريره فخرجت علينا وزيرة التربية بمشروع لا يقل خطورة عن سابقه و كأن التاريخ يعيد نفسه فاتجهت الأنظار الى المنظومة التربوية و رميت بوابل من الاتهامات الخطيرة و أعيد فتح النقاش و لم نشهد من توصيات الندوة الوطنية و مقترحات المشاركين فيها الا ما تعلق الأمر بالعامية و الامازيغية و بذلك خرجنا مرة أخرى بالنتيجة نفسها و المدرسة الجزائرية اليوم تراوح مكانها و تنتظر من يرفع الظلم عنها …
—