هي مولودة في البصرة… قضت العشر سنوات الاولى من طفولتها في قضاء ابي الخصيب والتي تزامنت مع فترة الحرب العراقية الإيرانية .. تزوجت مبكرا في عمر الثامنة عشر، عاشت حياة شخصية مستقرة مع زوج احترم ولعها بالكتابة وشجعها عليها، لديها من الأبناء ثلاث .. كتبت الشعر بداية فصيحا ثم باللهجة الشعبية وعادت لتكتبه فصيحا .. وجدت ضالتها على صفحات التواصل الاجتماعي الفيسبوك حيث انطلقت في كتاباتها عام 2009 والتي قادتها للتعارف بالشعراء والكتاب وشكلت لها حضوراً في الساحة الأدبية في البصرة وفسح لها المجال للمشاركة بالعديد من الفعاليات الشعرية … كان اهمها مشاركتها في مهرجان المربد بدورته الثانية عشر لهذا العام. . هذا الاستقرار النسبي في حياتها الشخصية والشعرية انعكس بالضرورة على أسلوبها الشعري فهي لمن يعرفها انسانة رقيقة مبتسمة كعصفورة مرة تزقزق لفرح ومرة تسقسق لحزن .. لم تصعب عليها اللغة في التعبير ولكنها اختارت من مفرداتها البسيط الذي يرتله اللسان بسلاسة ويدخل القلب بسهولة دون أن يخذلها المعنى الحقيقي للمفردة بوجهه التعبيري الجميل والشاعري .. في حياتها من الاحداث ماكان له الأثر في قصائدها التي ضمها الديوان كان أهمها وفاة أختها الشابة ذات 29 ربيعاً بالمرض ولذلك كان عنوان قصيدتها التي كتبتها لرثاءها هو أيضا عنوان ديوانها (معبد الذاكرة) حيث كتبت تقول :
معبد الذاكرة ..
كيفَ انفض ثوب ذاكرتي المثقلِ بتفاصيلكِ
وكيف احل قيد أحزاني المنعقدة بكِ
ما علقَ بقلبي منكِ
وما تجمّدَ من ضوءِ عينيكِ بعيني
وما نزفته روحُك ذاتَ وجع
نواقيسُ ..
تدقّ بمعبد ذاكرتي كلَ صلاةٍ
سحائبُ ..
خانها البرقُ والمطرُ
يا من تذرين جراحي بملحِ غيابِك
وتزيدين المدنَ الكئيبةَ اتساعاً بقلبي
امنحيني بعضَ حنينكِ الذي كان
أمسحي بهِ بعضَ حزني
وما تركتيهِ لي من شقاءٍ
فلست سوى عابرة
منحها الطريقُ إشارةً للمرور.
……..
لم أسماء عصفورة الشعر ؟؟
لأنها زقزقت وسقسقت في قصائدها كما تفعل العصافير حين تفرح وحين تحزن .. العصفورة التي تبحث عن الحرية دون أن تغادر القفص الذي قضت فيه عمرا .. هو صراع المرأة بين حياة تحكمها الأعراف والتقاليد الاجتماعية وبين محاولاتها لنيل حريتها في ممارسة حياتها كما تحب فكانت الشاعرة أسماء تشبّه المرأة بالعصفورة… ففي قصائد متتالية في ديوانها تكتب عن حالات مختلفة ومتناقضة تعبر عن هذا الصراع الذي تعيشه المرأة في مجتمعنا في علاقتها مع الرجل.. فهي الباحثة عن الحرية بعزم واصرار حيث تقول في قصيدة (لحن جميل)
لحن جميل
شاهِدُنا الأوحدُ أمام الشاطيء
هو البدرُ
يرددُ لحناً قديماً
ربما سَمِعتُهُ قبلَ أن أولدَ
و بهِ تخيلتُ شكلأً للحياة
تخيلتُني عصفورةً
سأحلقُ يوماً ما
أعاكسُ بجناحيّ خيوطَ الشمسِ
أزقزقُ أينما كنتُ ومتى شئتْ
لن أسمعَ صوتاً للقيود
ولن أتخيلَ شكلاً للقبيلةِ
ما أكذبهُ من لحنٍ
وما أجملُهْ
…….
بينما تعود لتستظل بمظلة الرجل إذ تكتب في قصيدة (مظلة)
مظلة
تخيل
كيف أبدو وأنا اقفُ
تحت هذا المطرِ الغزيرِ
دون مظلةٍ
لا..
ﻻ تتكلم
سأُخبرُكَ
كنت سأبدو كطائرٍ صغيرٍ
سقطَ من عشّهِ في بركةِ ماءٍ
يرتجفُ بصمتٍ
لا يدري ستعودُ أمُهُ
أم ينتظرُ طلوعَ الشمسِ؟
ما الذي يمنعُ
من أن تكون
مظلتي ؟
……………….
لتكسر الطوق مرة أخرى وتطالب بحريتها كعصفورة في قصيدة
(ولو لمرة)
ولو لمرةٍ
ما كنتُ ساذجةً
لأصدقَ إن العصافيرَ في أقفاصِها
لا تفكرُ بالطيران
وإن السلاسلَ الذهبيةَ
تُغْنِيها ..
عن أفياء الأشجارِ ولونِ السماءِ
وعطرِ الأرضِ ..
لا تُحدثْني عن سعادتِها
فقط ..
جربْ ولو لمرةٍ واحدةٍ
أن تصبحَ عصفوراً …
…………..
بدأت القصيدة
ماكنت ساذجة
حيث اعلنت تحديها على عكس خيبتها في قصيدة سابقة (سذاجة)
سذاجة
ناضجةٌٌ بما يكفي
لأبصرَ..
ما تكسّرَ في عينيكَ من ضوءٍ
حين لمحتني
وساذجةٌ ..
بما يكفي
لأغضّ الطرفَ..
عما تكسرَ في الروحِِ
لم تكن الأولَ..
ولن تكونَ الأخيرَ
لا تترددَ في التحليقِ
لأمثالكَ ..
خُلقتِ السماءُ
ولي أنا ..
وحدي ..
خُلقت الخيبات
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
عصفورة الشعر لها حلم
كتبت عنه في مقدمة ديوانها
(وتحت دثار الحلم تخنقني كوابس الحقيقة )
اختصرت معاناة المرأة في هذا النسق الشعري البسيط اللغة العميق المعنى والأثر
حين نقلب الصفحات ونتجول بين العناوين نتلمس روح المرأة ومعاناتها معظمها يتجلى في علاقتها بالرجل وبالحرب والخيبة مما يدور حولنا في هذا الوطن والعالم
لكننا لانفقد الأمل ولانضيع في متاهة أو يغلبنا الحزن لجمال ماكان من شعر..
مبارك للشاعرة خطوتها الأولى في تحقيق الحلم مجموعتها الشعرية الأولى معبد الذاكرة ..
—