عبداللطيف رعري :
لِحَافٌ للِطُّرقاتِ أمّنَتهُ فَرَضِياتُ المَيْلِ
فسَكَنهُ سَرابٌ عَنيدٌ عِشْقُهُ في الهُرُوبِ
تسْكُنُه شَامَات سَودَاء
فاتَهَا أمَدُ القُبلِ وتخَلّى عنْها صَخَبُ الارْتعَاشِ
تَتَمَوَّجُ عُذْراً لِقَيلُولَةٍ مُتَأخِرَةٍ
لأخِرِ عَهدٍ لهَا بِالبَقَاءِ….
لأخرِ زمَنٍ لَها بالنَّقَاءِ….
لأخِرِ أمَدٍ لَها مَعَ التّقَاءِ….
بَل لِحُلمٍ لَها بِنحْرِ سَاعَاتِ العُمْرِ
بما تدلَّى مِن خَيطِ شَفقٍ يَحتضِرُ
شَامَاتٌ سَوداءَ الأصْلِ
تقْتَرِفُ بِسَبقِ إسْرَارٍ كُلَّ الخَطَايا
فَرَمتْ مُنذُ البِدايةِ سِرّ العُيُونِ
وأخْلَتْ حَواشِيَّ المُفتَرَقَاتِ
بِطَلْحِ صَحْراءٍ قَابلٍ لِلكَسْرِ
بصَخْرٍ هَشٍ تَسَرّب لِعُمقِه دَمْعٌ جَارِفٌ قابِلٌ للْعَصْرِ
فَسَلَّمَ لِلرِّيحِ بَرَاءَة النُشُورِ
وَسَارَ لجَنْبِ الماءِ خَرِيرًا
يَربُو فَوقَ المَتاهَةِ…
تسْرِقُهُ المَنَامَةِ …..
ويُهْدِي النَّهْرَ الأعْرَج مَا هَوَى مِنَ القَمَامَةِ…..
رَمَّلَ أصَابِعِي
وَزَحَفَ عَلَى هَوَاهُ
خَلّدَ طُقُوسَ البُكَاءِ وَنَبَشَ ثُقُبَ السّمَاءِ
فَكَم ْفِي النُشُورِ مِن نُفُورٍ ؟
وكَمْ فِي النُفُورِ مِن فُتُورٍ؟
شَامَاتٌ سَودَاءَ الأصْلِ
أبَانَ الحَالُ قَضْمَهَا
لشَرفِ الكلمَاتِ
وافْتَضَّ النّوْمُ نُكْهَةَ الوِصَالِ خَلْفَ بَابِهَا
فَطَافَتْ فِي العَرَاءِ زُهْداً
فَانْطَوَى الِّلحاَفُ سَبعاً
وَتَقزّمَ الظُّهْرُ دِرْعاً
وعَادَ الخَيَالُ فَجْوةَ الجمَالِ
مَنْ مِنّا أصَّابَ الشّامَاتِ سَوداءَ الأصْلِ
بِغَمزٍ فأسْقَطَهَا فِي حِبالِ العِشْقِ
أِصِيرُ لَهُ عَبْدًا يَحْكِمُ الاسْتقَامَةِ
مَنْ مِنّا أقالَ الشّامَاتِ سَوْداءَ الأصْلِ
مِنْ قُمَاشٍ أخْضَرَ وَمَنَحَها عُذْرِية الخَلاَءِ
فَمِنْ بَلاءٍ لِبَلاءٍ فَرِيضَة
مِن بَلاءٍ لِبَلاءٍ قَصِيدَة
مِن بَلاءٍ لِبَلاءٍ طَرِيدة
وشَامَاتِي قَصِيدَة طَرِيدَة
وَشَامَاتِي قَصِيدَةٌ فَرِيضَة
فاتْلُوهَا عَلَى سَوَادِكُم يُشْفَى السَّقَمُ
تَيَمَمُوا بِحُرُوفِهَا وَتَطَهَّرُوا فالعِيدُ يَبْتَسِمُ
مَنْ مِنَّا ألْهَمَ الشَّامَات سَودَاءَ الأصْلِ
بِسِحْرِ الجُنُونِ
فَتَيَّمَنتْ بِعَادَتِها
فَاهتَدَتْ للسَّبِيلَ طَمَعاً فِي خُلْوةٍ
عِشْقًا فِي سُلْوَةٍ
ليُطْفِئ َنَارَ الضَّغِينَةِ حِينَ هَزَّتْ كُنْهَ الأصْلِ
فَهَابَ السَّوَادُ الأصْلَ كُلَّهُ
مَنْ مِنَّا يُرَقِّصُ الشَّامَاتُ سَودَاءَ الأصْلِ
فِي ضَيْقِ المَسَافَاتِ
عَلَى صَدْرٍ عَارٍ
إلِّا مِن نَبْضٍ حَزِينٍ
مَنْ مِنَّا سَيُهَللُ للشَّمْسِ أصِيلاً
بِخَيطِ مَاءٍ مُنْسّلٍ مِنْ قَبْضَةِ الرُوحِ
فِدَاءًا للشَّامَاتِ سَوداءَ الأصْلِ
فَلِحَافُهَا فِي الطُّرُقَاتِ
والطُّرُقُاتُ عَلى دَوَامٍ عَارِيةٍ
وَمِنْ شَامَةٍ لِشَامَةٍ يَكْتمِلُ النِّسْيانُ
من شَامةٍ لشَّامَةٍ نَبدَأ الكِتْمَانُ
مِن شَامةٍ لشَامةٍ يَسقُطَ إثْنَانُ
عَبْدٌ خَاضِعٌ فِي عَمّان… فِي لُبنَان..
فِي قَحْطَان.. فِي حُورَان ..
فِي الجُولاَن ….فِي وَهْرَان…..فِي كُلٍّ مَكَان………
فِي فاسَ …فِي طَرَاُبلُس…فِي تُونُس….
وَعَبْدٌ خَاضِعٌ فِي كُلَّ إنْسَان سَاكِنُهُ مُنْذُ زَمَانْ …….
فمِنء بَلاءٍ لِبَلَاءٍ
ومِنء شَامَةٍ لِشَامَةٍ
تَسْقُطُ البَلَايَا مِنْ لْحَافِ الطُّرُقَاتِ.
—