حظيت قصة “ساعات كالخيول” لمحمد خضير المنشورة في مجموعته الثانية “في درجة 45 مئوي” المؤرخة في تموز 1976 بكثير من التنبه النقدي. وقد مرّت في تموز الماضي الذكرى الأربعون لنشر هذه القصة المتوهجة التي كانت محطّ إعجاب كثير من القراء إذ تمّ نشرها أولاً على صفحة كاملة في جريدة طريق الشعب فلاقت استحساناً كبيراً واهتماماً نقدياً واسعاً وقد ترجمت إلى لغات عدّة منها الإنجليزية والدانمركية وغيرها.
راهن محمد خضير في هذا القصة على تجاوز التجريب فقدمها قصة ذات سرد عذب متدفق فكانت انعطافة بارزة في السرد العراقي.
نشرت ترجمة القصة إلى الانجليزية مرتين فقد اختارها المترجم الإنجليزي دنيس جونسون ديفيز Johnson Davies في أنطولوجيا صدرت في العام 1981 عن مطبعة جامعة كاليفورنيا بركلي لوس أنجلوس بعنوان “قصص عربية قصيرة Arabic Short Stories” ضمت أعمالا لـ 97 كاتباً بارزاً من العالم الناطق بالعربية.
أما الترجمة الثانية فقد اختارها المترجم نفسه في كتاب صادر في العام 2006 بعنوان “The Anchor Book of modern Arabic Fiction” “كتاب أنكر للقصص العربي المعاصر” وقد وصفها إدوارد سعيد بأنها “من أهم الترجمات في عصرنا”.
القصة تتكون من أربعة مقاطع بأسلوب السرد الذاتي وصيغة الأنا تتبع النسق المتتابع ما عدا المقطع الثالث الذي يجري فيه من خلال الحوار بين الراوي وشخصية البحار مرزوق استخدام تقنية الاسترجاع لسرد تجربته في البحر. وتنقسم القصة إلى قصة رئيسة عن شخصية الراوي والقصة المضمنة التي تتعلق بقصة البحار مرزوق.
ومن خلال بحثي عثرت على آراء بعض المدونين الأجانب في القصة أدرجها فيما يلي معلقاً عليها فيما بعد:
لست ستيودنت
ربما تكون قصة “ساعات كالخيول” في المركز الثالث في قائمة قصصي المفضلة في الفصل. كان من الصعب جداً أحياناً فهم ما كان يحدث بالضبط في القصة. أساساً هناك رجل يرحل إلى بلدة للحصول على ساعة ورثها من بحار أصل ويجري تصليحها من قبل مصلح الساعات الوحيد الذي يعرف كيف يصلحها. أعتقد أنه نوع من الامتياز أن مصلح الساعات لديه ساعات تتعقب الأوقات المختلفة عبر العالم. ثم هناك ما يبدو أنه مناقشة حول الحرب التركية والبحارة الذين يشحنون الخيول للبيع. والجزء الذي يبعث على الحزن حين يروي الرجل عن الخيول التي غرقت عندما غاصت السفينة! كانت نهاية القصة مشوشة بالنسبة لي حين يصل الرجل إلى فراشه ويلاحظ رجلاً آخر في غرفته؟
الخلاصة أنّ القصة أصابتني بالتشوش!
آدم جوبين
مما استنتجت أن هذه القصة عن رجل اعتاد الهوس بالساعات. ما يزال يتمتع بالساعة التي ورثها لكن ليس كالسابق. يأخذ إحدى أجمل الساعات ويحملها معه في أحد الأيام. بينما يسأله القهوجي عن الوقت. يسحب الساعة وهو يعلم أنها لا تعمل وقبل أن يجيب القهوجي بأنها لا تعمل بصورة صحيحة يأخذها القهوجي بيديه ويتفحصها. يخبره عن رجل في منطقة الفاو هو الوحيد الذي يستطيع أن يصلح مثل هذا النوع من الساعات. يأخذ الرجل الساعة إذ يعثر على رجل لديه العديد من الساعات في بيته من كلّ الأنواع ومن أزمان مختلفة. وحين يرى ساعته يحاول الرجل أن يصلحها وبينما يفعل ذلك يروي قصصاً عن حياته الماضية كبحار يتاجر بالخيول.
روس روهر
تدور قصة “ساعات كالخيول” لمحمد خضير حول حكايتي رجلين. الأول مسافر يبحث عن طريقة لتصليح ساعة تعود إلى قريب متوفى. الرجل الآخر كان كهلاً جداً يكسب عيشه من تصليح الساعات. شعرت أن الجزء المهم من القصة يكمن في الطريقة التي عقد فيها المؤلف علاقة بين أحلام الرجل الكهل وساعاته. في رأيي كانت قصة مكتوبة بشكل جيد جداً وقد تمتعت بقراءتها حقاً.
كيلي لمبو
في قصة “ساعات كالخيول” تأخذ الشخصية الرئيسة ساعة الجيب الخاصة بها إلى مصلح ساعات كان بحّاراً. حين تصل الشخصية غرفتها في الفندق تلتقي بصبي يسأل الرجل إن كان هندياً وينكر بأنه هو نفسه هندي. لست متأكداً من السبب في أن تكون هندياً يعني أمراً مميزاً. ربما كان هذا زمناً كلّ شخص فيه موسوم بهويته. حين يأخذ الرجل ساعته إلى مصلح الساعات يروي له المصلح حياته حين كان يعمل بحّاراً.
اعتاد الرجل الكهل أن يكون خادم إسطبل أو سائساً ويخبر الرجل عن رحلاته من ميناء إلى آخر في تجارة الخيول وقد كان عليه أن يتسلل إلى ما وراء عيون الأتراك الذي يريدون الخيول للحرب. وهو يروي أيضاَ النهاية المأساوية لتجارة خيوله حين تحطمت السفينة على الصخور وغرقت كلّ الخيول. أعتقد أنّ مغزى الساعات الموضوعة لكي تشير إلى الأوقات حول العالم يمثل إيقاعاً فريداً يذكر الرجل الكهل بالخيول والضجيج من أيام الإبحار. إنّ إيقاعات الساعات ربما تخلق حسّاً للرجل الكهل بالسلام. كانت نهاية القصة صعبة الفهم لأنها تعيد ما قيل في الفقرة الأولى من القصة بالضبط. لا أعلم إن كان تكرار الفقرة يفترض أن يدلّ على أنّ نبوءته صحيحة أو أنها كانت إلى حدّ ما مرتبطة مع ثيمة الساعة. ربما كان من المفترض بأنّ عمليات الساعات الميكانيكية تمثل كيف أن المجتمع يؤدي وظائفه والأمر دائماً ممكن التنبؤ به. في القصة المجتمع دائماً ممكن التنبؤ به إذ أن الناس يتوقعون منه أن يكون علامة لكلّ فرد.
نيكول تيوتر
قصة ” ساعات كالخيول ” مثيرة للاهتمام. لقد تمتعت بقراءتها حقاً. عاش مصلح الساعات حياة مهمة جداً. أعتقد أنه فرد مميز ومحظوظ في العيش. لديه عديد من ساعاته المخصصة لتوقيت بلدان مختلفة وهي متوقفة كلها. يستمرّ بالقول بأن الساعات كالخيول. الواحدة تسابق الأخرى. وجدت أن هذا فيه القليل من التشويش أو من الصعب فهمه. لم تكن النهاية واضحة بالنسبة لي.
ستاسي
من المثير للاهتمام كيف أنّ الرجل الذي عمره 90 سنة احتفظ بالوقت لمختلف أجزاء العالم كأنّ الوقت يمرّ ونحن نستمع إلى قصص الحرب القديمة وكيف أنه عاش حياته وهو يعمل في السفن. الجزء الغريب حين تشير القصة إلى رجل كهل ينتظر مضطجعاً في فراشه ميتاً. ربما كان في هذه القصة معنى بديل لكني لم أستطع حقاً الإمساك به.
ملاحظة:
يلاحظ أنّ أغلب المدوّنين لم يفهموا نهاية القصة بسبب بنائها الدائري إذ تستهل بجملة وتقفل بالجملة نفسها في نهايتها. هذا البناء الدائري جعله الكاتب يتوافق بشكل هارموني مع مسير الزمن ومجراه الدائري من خلال عقارب الساعات إضافة إلى أشكالها الدائرية كأنه بذلك يحيل إلى أنّ بناء الأحداث في القصة يتتبع مجرى الزمن ووطأته على الشخصيات من خلال مقاطع الاسترجاعات الفنية وتجاوزه ليكون تاريخاً لمدينة بحرية تختلط فيها الأجناس وتتمازج كما أشارت إلى ذلك مقدمة القاص في مجموعته ” في درجة 45 مئوي”.