في عمر الخامسة طفلةً صغيرةً تقطف دقائق أو لربَّما ساعات أو ثوان من يدري. الطِّفل يعشق تضخيم الأشياء في الكثير من الوقت أمَّا أن ينفرد بنفسه وينظر إلى المرأة يكتشف جسده قطعةً، قطعة. يقيس حجم أنفه؟ صورة وجهه. هل هو مربَّع؟ مستطيلي، دائري، مثلَّثي، عيناه كبيرةً، صغيرةً؟ لونها أسود؟ بني؟ عسليّ؟ مجعَّد أم مسترسل الشِّعر؟ بشرته بيضاءً أم سوداء؟ ضخم الجسم أمّ نحيف؟ بطنه مسطَّح أمّ ذات كرش؟ يداه ورجليه قصيران أم طويلين؟ كلُّ هذا ممكن لأنَّ طبيعة الطِّفل يحبُّ استكشاف نفسه وما حوله من النَّاس. لكنَّ الغريب أن يقضي وقته وهو يسأل نفسه بعد كلِّ هذا من أنا؟ أنا من؟ عندما تمضي السَّنوات وتكبر قليلاً تلك الطِّفلة لن تجدها في الرَّابعة عصرًا في منزلها. لم يعد تكفيها تلك المساحة الفارغة في غرفة والداها لتطرح على نفسها أسئلتها المهمَّة. كانت وأخواتها وعمَّاتها في غرفة مشتركة في جدران ذلك البيت العربيِّ، بيت والداه وجدها وأعمامها وأخو جدِّها وأولاده كذلك. (بيت العائلة) ويحوي دكَّان لعمِّها أخو جدِّها يبيع فيه الموادُّ الغذائيَّة والكولا الَّذي تحبُّه ويحبُّه الجميع هناك. من الشَّعائر أن يجتمع الجميع في باحة البيت الكبير لتمتُّع بطعم الكولا البارد بعد وجبة الظَّهيرة الخانقة والرَّطبة في معظم فصول السَّنة. من حسن حظِّي أنَّني عشت في زمنًا يوجد فيه المكيِّفات ومراوحات السَّقف ومن حسن حظِّي أنَّ القرية بالكامل مغطَّاةً بشجر النَّخيل حيث كنت أعدو في السَّاعة الرَّابعة عصرًا لأجد لنفسي نخلة أو ظلِّ شجرة أستلقي بجانبها أتأمَّل السَّماء وأتفكَّر في علَّة وجوديّ وماذا سأفعل بأيَّامي الَّتي امتلكها في هذه الحياة؟ كنت طفلةً تستهويني الوحدة لأفكِّر دون أن يلحظ أحدًا سبب حبِّي لوحدتي؟