
* أيها الصديق الذي اتخذتك في الشهقة الرؤوم ، كن كما اتخذتكَ ولا تتهجى الخراب .
أبعد خرافاتكَ وخيولك المسرجة بالرجولة ولا تنظر إلى مراياك ،لأنك ستكتشف دم الذبيحة عالقاً في عينيك.
فتّش عن نواح المدينة وابعث له طائراً ، حينها ستسجد كل الأمسية تحت قدميك، اجمع من كل زوجين اثنين.
صباحان، قلبان، ضميران، روحان، أطلق العصافير واسمع شدو الشمس.
أنا مدينتك فانظر إليَّ ليرسو قلبي إلى شاطئ رسول . لستُ جسداً للبيع أنا مدينتكَ المحرمة إلاّ عن روحك الطهر.لا تلامسني بل المسني بقلبك.
* أيها الابن الذي أصغيتُ إلى كلمة ” يمَّة ” الخارجة من حقل فمه مثل إله عاشق ولم يصغِ إلاَّ لأحمر قلبي وهو ينطقها ” يمَّة ” كنت أعرف أن مكوكك الدم لكني حلقتُ حيث فضائك الملطَّخ بأنفاسي.
استدر،، فالقناديل عنقي ولن ترى قنديلاً يفرش أبجديته على وسادتك.
* أيها الأخ الذي يصبُّ بصَمْته عسل الكلام على هدوء الوقت، لا تصغ لطنين الذباب الذي يحوم حول أذنيك.
لم أكتب عنك يوماً بل عشتُكَ وكتبت، تنفستك وشهقت، شربتُك وبكيت.
*أيها الشارع الذي علمني أن أتأهَّب لثورة الأقمار وأرسم أرضاً لي كلما تاهت سبلي، وأكتب على النوافذ المهيأة للصحو. أنا بياضكَ وحليب التراب،أكادُ اُقتَـلع بيد القصابين الذين أتقنوا شِباك الصيد ولم يتقنوا لغة الفراشات.
كن حولي ولا تتوهم الضوء المقنَّع على شفاه فوانيس عانس.
أنا بياضكَ فعلمني الخروج من كحل الأعوام واكتشف لونينا ثم ضع يدك على كتفي كشجرة.
2 – بحثاً عن الضوء
أختبئُ بين أكمام زهر التراب ، أتـكئُ على صدره باحثة عن نفسي وعن عيون تراني فيها،أغرق في لهب الورد ، يضمني صدره في الحلم وحين أتوضأ بماء الحقيقة أجدني مجرد مزلاج وباب.
أيّ هذه الأبواب، القلاع، السجون، الأقفاص، السكاكين، لماذا لا تتريثون قليلاً وتنظرون في قلبي ولو ثانية.
أخبركم: ستجدون وجوهكم هواءً تتنفسه الرئة.
أختبئُ في صدر المعنى باحثة عن حرف يكتبُني على جدران الحقيقة ضوءاً غير منسيّ،،أتوسله نطفةً لم يرها أحدٌ لا يفقه الحياة ، أوقظ فيه أسراري التي استجدت زمناً على أبواب القواميس حين خانتها اللغة الأم ، لكني أصحو من حلم البحث على ألف ياء تغلق فكَّيها وتُوسع وجه الناب.
أيّ هذه الأنياب ترفَّقي ما أنا إلا شاعرة تعشق العشب،،ويحي ،، أعلمكِ وقت زرته أرتجي الكلمات سقفاُ والحروف وسائداً نزع سرواله الهشّ ، فتلعثم الضوء في صدري وأبى أن يخرج كي لا يبقى مسكوناً بالخوف.
أختبئُ بأريج المشي صوب المعنى فتخنقني اليد القاحلة القاتلة.
أتوسل رجاء المآذن، النواقيس، القبَّعات، العمائم، أتجه إلى بريدي اليومي فأجد رسائلَ معنونة باسم جراثيم العصر.
أيّ هذا الأريج، المشي، غاضبة أنا، هادئة مطعونة بلغو المواعيد، والأرض الرماد، فأين أشتل ورد الضوء؟
أيُّها ال “أين” ألا ترى شكلكَ في مراياي؟
خذ بيدي وقل:
– أيتها الشواطئ عودي إلى أصل الماء، أصلكِ البكر.
3- بحثاً عن الغيث
إلهي.. أثقلني الحزنُ والبواباتُ تضيق، استبشرت خيراً ساعة نشرتُ أشرعتي لكن الأردية المدمِّية جاعت لنازفي فإليك ألجأ من الظل الذي يلاحق سفني.
إلهي… امنح الأرض مطراً من الرياحين واستبدل الطعنة بالجَمال.. فمازالت الطيور الأليفة تعشق أعشاشاً رطبة.
امتشق المطر من غمده واغمده في صدري فعبر دمي تزهر هيفاء تلد الأنثى الجموح .
إلهي….ألا ترى قلبي الطفل يختبئ في القصيدة ولا يجد غير اعتذار الكلام؟
أنا لا استبدل البراءة بالحلم، بل اعشق الحلم البريء.
إلهي اغسلني بغيثك واتركه يطاردني مثل طفل ، لي طفولته ولي المحطات المطارِدة فلا تُسقط اسمي من شجرة عائلة المطر.
عبرت بي الأغاني وحلَّقت للمحبين ، دخلت البحر. الزلزلة، العاتي من الموج،،واستخرجت نفسَها درّة اللقاءات لكنها استغربت الدرر الغاشية على سواحل الرمل.
سالت الرمال واحدة تلو الأخرى عن غفلة البحث، فأجابتني:
– منذ خمسين نعانق الأزقـَّة الحريق.
دعني أصعد إلى غيث نضر وإن تعاقبت الحراب فأنا أهب الورد للورد وأمنح قلبي بالتساوي لعطر به متسع لابتسامة طفلة.
إلهي… ماذا أفعل بالقذيفة، القنبلة، الطلقة، وفي يدي الدوالي ؟
كيف أتلقف هذا الغزَل الشرقي الغربي لراحتيّْ؟
كيف أردِّد: ُ”سبحانكَ، سبحانكَ،، الغوث، الغيث” وفمي موصدٌ بما ليس لي.. لي منكَ ما للحمائم وأنت العارف بمَن يظلِّلُها صمتُ الظِلِّ.
اكتشفني ارتفاعاً، يقطف من امتداد أعاليكَ ما لم تألفها الرعشة العاشقة ويقولُ: – هو الغيث فاحضروا مزاميركم وأبقوها إلى يوم الدِين.
إلهي،،، إلهي…
دعني أضيء إلى العالم القولَ:
– أنا زُرقةٌ في السماء… أنا زرقةٌ في الأرض.
4 – البحثُ عن الأعشاش.
اكتمل النصاب …. اقبلي الخراب الجميل.
شاهدتُكِ ليست سِدرة َالنبق أو حجراً من بغداد،،هل نسيتِ أن أصداءَ ألأعوام هيأت نفسها لتحلب شجر الخشخاش؟
دوري كما شئتِ بين النبوءات فلن تجدي غير قلم فحمي يرسم على جُدر الحوائط ظلاً يستجير فلا تقولي :خُيل إليّ.
أو تخيلتُ أطيافاً ممشوقة بين الظن الظنون.
اكتمل النصاب .. لن تجدي في الكأس نجماً فاسكري ودوري،اثملي بكِ، توجَّهي أنَّا شئتِ ، لن تُصبح الطرق أجنحة.. أجنحتُكِ أنتِ، وأنتِ المُطلقُ والسماء.
لا تثقي بالأعمدة… لها ذكرى المسيح وقيظ مالح ، ولها من أردانه بعض دم.
ضلَّ حبرهم وقت استجاب لرغبة الليل، ألئكَ لن يكتبوكِ فكوني قطافكِ الدانية.
اخرجي من بذرتكِ ساكنةً … سكونكِ جميلٌ بذاته، تجمَّلي برائحتكِ المسك، خذي أشعتكِ الأنثوية واستشفي الطُهر منه، لن يبيعكُ العطارون فقواريرهم غير كافية لمسكِ أنثى.
اختلطي بالأكوان ، أنتِ لستِ أنثى وجسد..الصوتُ بين شفتيكِ بدرٌ وهياكلهم الجوفاء تحلم به كي تكتنز.
كأنِّي خرجتُ بكِ توَّاً.. نعم أسرفتُ بكِ عشقاً وصرَّفتُ اسمكِ بأفعال الأمر نسجتُ من ساكنه عشاً وعصيانا على طبولهم . قلتُ :أخرجي من بذرتـَكِ الساكنة.. أعيدُها: أخرجي قوافل خلد ومقام.
أنتِ حاضر السؤال ، اتكئي الآن أيتها الفاصلة… عمودهم مجزومٌ منصوبٌ على حجر.
5 – البحثُ عن عينيكَ.
أوصلُ الكلام لمَن؟
لمَن أيها الدافّق من بحور الغواية؟
نزلتُ إلى عروقكِ حيث أرضك المزوَّدة بكينونة الأشياء،، كنتَ نصف أسطورة ونصف قنطرة.. عبرتُ إلى نصفك ماشية على نصفك، ناداني الإله فيك: تحت قدميكِ جنتي،،هلِّلي فقد بلَّلَ قدميك الفراتان.
لهاتفكَ خرجتُ ببللي أتضوَّعُ،،، أستنشقُ صورَكَ والأخيلة… وجدتُ حرَّاساً خارج ألأرض، اقتدتُ نفسي بهيئتي الملطخة بالطمي،، مررتُ بالزقاق الضيِّق لأنتشلكَ وأطير.
…… فوجئتُ بأنني نسيت ثيابي بين يديّ نصفكَ ورئاب الجراح الخبيثة.
أوصلُ الكلامَ بمَن؟
والمسامير متحجَّبة حتى لا أعرف أي ملح في خبزي وكي ينهب عسلي ذباب النهار.
نظرتُ إلى قدميّ فلم أجد تحتهما وعدكَ لكن هلوسة التراب انغرست فيها وأكملت فصل المسامير.
عفوكَ… أليسُ الغصنُ من جنان الله؟ فلماذا أيها الوثني لا تقرأ فاتحتي؟
ليس تزلفاً…لكنني أريد أن أوصل الكلام.
أنا الآن أكثر يقيناً أن التي ولِدت من رحم سلسلة يهرسها سندان الكفن.