قد يشدك غلاف وتبحث داخله في عناوين ثم تقرر أن تقرأه وبمجرد أن ينخفض مستوى نظرك عن العنوان ويلاحق السطور والكلمات . يشرد عقلك وتقرأ دون استيعاب وصولاً لنهاية الصفحة وتكرر القراءة بغية الفوز بمعلومة او قوة جذب تشدك للتعمق اكثر في كتابك لكنك تمل من الإعادة وتغلقه .
هذه المشكلة الأساسية لكل فرد يحب القراءة لكنه لايعرف كيف يطوع نفسه الجامحة المنشغلة بالاستماع والاضواء والكلام .
إسأل نفسك بدايةً هل تملك فضول تجاه شيء ما ؟ هل تجالس القارئين ويبهرك انهم حين يتحدثون يملكون رؤية ورأي ومعلومات ؟ . هل يعجبك انهم صابرون في الموقف ؟ ويستنبطون من كل مشهد فكرة او يذكرهم على الاقل اي فعل بمقولة ؟
تتمنى لو تملك قوة حفظ وذاكرة لدرجة ان الحوار معك ثري ومناقشتك مقنعة ورأيك دليل ؟
هل تتمنى ان تكون نفسك متسعة لكل ماهو مفيد تمتص كل فائدة في كل مجال ؟ .
لن اكتب ماكُتب قبلي واستهلكه كل ناصح كتب عن اهمية القراءة وكيف يمكن ان يرتفع شعب وتزدهر أُمة وتُبْنَى أجيال بالعلم ونوره .
كتابتي الان ليست تعداداً لنتائج القراءة انما لمعالجة العزوف عنها .
من تجربتي المتواضعة الغير مُستندة على قانون إنما هي فقط محاولة تكللت بالنجاح ولله الحمد . اذا اردت بناء نظريتك ورؤيتك الخاصة لا تقرأ الا المراجع الرئيسية . لا تتوه في الكتب المكررة والمستهلكة . حدد وقتاً وإن لم تجد داهم نفسك به واحرص على خلق فراغ في يومك او سرقة دقائق من اي نشاط . اذا كنت مطلعاً تريد الخوض في عقول المؤلفين إقرأ مايقع بيدك وكل مايحمل في صفحاته ينبوع ارتواء لتعطشك تجاهه . إذا بدأت بالقراءة تخلص من الحوار الداخلي والافكار والاعمال اليومية والمهمات المؤجلة صفي ذهنك بالقراءة الصوتية وإن كنت من الأشخاص الراسفون في أغلال الوسواس القهري تجاه أي عملٍ لم يُنجز “مثلي ” حاول إنهاءه قبل الجلوس وتوخى تنظيم الوقت توخياً قاصداً طالباً . تمارين التأمل لمدة خمس دقائق قبل القراءة تساعد على إخراس الضجة في رأسك والاستسلام لمحتوى الكتاب . يجب تحديدا ان تبني خيالك حتى تستوعب كل خيالات المؤلفين وتتعداها . انصح برواية مئة عام من العزلة لغابرييل ماركيز لانها تثري الخيال وترسم فيه صورا لم يكن من المتوقع خلقها . تصويرها للبشر عالم اخر قلة من وصل بخياله إليه . ولأن لكل فرد خيال كما ذكرت في مقالي خيالي والخيال الآخر جرب عند قرائتها ماذا سينشأ خيالك وكيف ستنتج الكلمات في داخلك صورا ومشاهد وعبارات ؟! . بالقراءة ستجد نفسك وتلتقي بها على صفحات كتاب بالصدفة سيكون يلامس فؤادك واسئلة عقلك وماتبحث عنه لذاتك .
ستكتشف ان لك موهبة برزت ولك هواية تستمتع بها . ستؤمن اكثر ولن يكون ايمانك غيبياً بل تستشعر وجود الله معك لأنك بت تعرف ان لكل قدر حكمة ولكل موجود سبب وجود. ستجد ان رؤيتك للناس تغيرت . بدأت تراعي تصرفاتهم . تصبح قليل الغضب منعدم العتب منهمك في ماتحب تبحث كثيرا عن ماهية كل شيء . يمتلأ عقلك وقلبك فيزيد صمتك ويشدك التأمل والتفكر . الضوضاء والكلام ستصبح مصدر تشتيت تهرب منه بعد ان اطلت الغرق به .
بالقراءة تتحول الى انسان نقي صافي متزن يحب الخير مهذب النفس مشذب الهوى ومتفاعلٌ منتج . إقرأ لتكون سعيدا إقرأ لتشاركنا الحياة