عبد اللطيف رعري/ باريس :
كمَا يرَى المُهجّرُ أهرَامَات الثَّلج
تنقُلُ خِطَابَ السَّماءِ
بِالْمكْشُوفِ ..
ويَرى الاسيرُ أغلالهُ حِكايَات
بلحْنِ المَآسِي مغترًا بفرجِ الأغنيات
وغَشْوةُ طَلاسِم آخِرِ اللَّيلِ
بالطَّرْحِ المَألوفِ…
مُختالٌ بيُمنَاهُ لِعَودَة طَائرِ القُصُورِ المُنهارَة
وعَلَى أكْتَافِهِ كَثةُ حُزنٍ وَغَمرَة شَعِيرٍ
يجَارِي رِضَاه بعصبية أفرَطَ فيهَا الدهْرُ أنْيابَهُ
عَربِيٌّ فِي غُرْبتِهِ……
عَربِيٌّ فِي عَتمَتِهِ….
عَربيٌّ فِي مَذلَّتهِ
يعدُّ أسْماءَ الغَابة كمَا يَعدُّ أصَابعَهُ
ويثأرُ منْ جُرحٍ عَمَّرَ قَلبَ الخَلوَة أبَدَ مَا نَحْيَا
أبدَ مَا نشْقَى …
أبدَ مَا نسْقُطُ ونَرقَى…..
ليُنهِي دَمَارَهُ فِي دَمَارِ الحَرِيقِ…
ويُرْدِي شَرفَ القَبيلَة فِي رَمادِ تشْرينَ
عَكْسَ الطَّريق …
شَبَّ الحَريق
وَمَا أبْرقَتْ سَماؤُنَا وَلاَ أرْعَدَتْ
فغابَ زَهْوُّ الجِبالِ أمام عَرائِسِ النُعمَانِ
ورَسَتْ قَوارِبُ النَّهْرِ عَلَى وَحَلٍ
وَجَارَ الدَّهْرُ بزَمَانِ الرجَالِ …
مَن حُطَّتْ شَهَامتهُ فِي حَاوِياتِ الاحْياءِ القَدرَة
ُومَا تَشَايخَ منَ الاغْصَانِ بيْنَ قَدَميهِ تأكُلهُ النَّار
فلا النّارُ نَارِي حين تبتَسمُ الجَماجمُ
لكِن نَارُ الله أرْحَمُ
ومن تَشَاوَسَتْ أحْلاَمَهُ بَينَ الغِيابِ صَار
فركعتانِ فُرَادَى يمحِيانِ الخَطِيئةِ ….
وعُقْبُ الديارِ بيننَا شَاهدَة عَلىَ الفَجيعَة
وكَمَا أوْليْتُ للرّيح ذكْرَياتُ الصّبا
وَصَالحَتُ أصَابعِي برَشْقِ الكَلمَات حِين تنمُ عَنْ أصْلهَا
هَا قَد أرْغَدُ فِي رِوَايَاتِي….
بِدُونِ رَدَّة فِعلٍ قًاسِية….
وازْبُدُ فِي كَلامِ الجَدّاتِ لنُطيلَ شَهْوةَ التَّلقِي
فَأنا مَنْ كَسَّرَ الالوَاحَ
وأطْفأ مَصَابيحَ الالْفَةِ
وَانَا مَنْ أتْلفَ مَلابِسَ المَشْهدِ الحَزِينِ
وأنَا مَنْ أخْبْرَ حُشُودَ القَاعَةِ بانتِحَارِ البَطل
أهْوجُ …
أرْعَنُ….
أختلطُ بالتُّرابِ….
أقَوِّسُ الحَاجبين….
أنفثُ الوراءَ ..
أسَامِي زَفراتِي بأنين َ الوِداعِ
كطَائشِ الفِراخِ حِينَ اللَّمةُ تفقِدُه دِفْءَها
وكأن من اصْطفانِي جبلاً له سَبقَ السَريَّة
ولِي فِي مَا أُمَرُ بِهِ شأنٌ للبريَّة ….
أنا الانْهيارُ فِي أوّلِ الطَّريقِ
والانهيارُ فِي ختْمِ الطَّريقِ….
أنا كُفُوفِي للمُصَالحَة ِ..
وعُيونِي وَاقفة ترقبُ عقْربَ الزمَانِ
أحْجِارِي عنْوان المَصيَّدة منعرجَاتِي بألفِ قَصِيدَة
وطَوافِي فِي الاعْمَار مُصَادفَة
مدَّدتُ طَوَابيرَ الأسَاقِفة علَى رَغِيفٍ حَقيرٍ
لِتَحْيَا بَينهُم سُلالةَ الغِيرَة وشَأنِي فِي مَاضِيهم حَزِين
كَمَا يجرِّدُ الغَاضِبُ سَاحَة العُمْرِ بلألأة العِشقِ الأخِيرَةِ
فيُغْرِي شَارِدَات اللَّيالِي بِغِطَاءِ الحُسْنِ
لتنْهمِر بعد صَيفٍ وَحِينٍ
دُمُوع العَازِباتِ علَى أبْوَابِ الهَوى
كمَا تَحجُبُ الرُؤى بلَمسِ الجُحُودِ
تهَشِّمُ ترَاتيلَ الأُغْنيِاتِ
بِوقْفِ صَلاحِياتِ التَّنكُرِ
فيَظلُ العبَثُ مَمْشَاهُ لغَايةِ التَّذَكرٍ
وذَاكَ سَرابُ الأمْكنَةِ بِسبُحَة تُملِّى بهَا سنَوات التَّدلُلِ
أمَامَ صُرَاخَ الهَجِيرِ….
وتلكَ خُدعةُ المَاءِ ترْكُبهَا فَرَاشَةٌ بِلونٍ مَنسِي
فإلى متَّى نَستَشعِرُ الدَّهْشَة نَزْوة عِندَ الفرَاقِ
كمَا يرَى المُهجّرُ أهرَامَات الثَّلج
تنقُلُ خِطَابَ السَّماءِ
بِالْمكْشُوفِ ..
سَأعُدُّ أسْماءَ الغَابة كمَا أعُدُّ أصَابعِي
وأهْوجُ …
أرْعَنُ….
أختلطُ بالتُّرابِ….
أقَوِّسُ الحَاجبين….
أنفثُ الوراءَ ..
أسَامِي زَفراتِي بأنين َ الوِداعِ ..
—