حسين حسن التلسيني:
وأســألُ الســـفـنَ والملاحيـــــــــــــنَ
وأمـواجَ البحـــار وشبــــاكَ الصَّيــــدِ
عنـــكِ يــا ليــــلى
وأمخــرُ العبــــــــــــابَ
مـن بـحــــر إلى بـحـــــر
ومـن مُحيـــــــط إلى مُحيـــــــط
بـاحثــــــاً ســائـــــلاً
مملكـة البحــار والمُحيـــطـاتِ
عنـــكِ يـا ليــــــلى
وعن شعـركِ الأسـودِ المُســتـرسـلِ الآفـل
كظـلام الليــــلِ الحـــالكِ
خـلــفَ حواجــز الحُدودِ النـائـيــــاتِ
بتُّ أخشـى علـى نفـســي مـن الغـرقِ
من أنْ تـبـتـلعــني أمـواج البحـر العـاتيـة
دونَ أن أراكِ دونَ أنْ أحظــى
بلقــاءِ قــدِّكِ الناضــحِ بجمـالِ اليـاسمـيـــن
وفـتـــون خمـــائــــل الجنــــــان ِ
كُـنـتِ علـى ســواحلِ البحــر الأبيــضِ
تجلـســـــيـنَ كطفـلـــــة
تقـفـيـــن كـريحــانــــــة
بـأقــدامكِ العاريـة وثـوبـك المـرتــق
من آلام الســـنـيـن ومـرارة المحــن
كُـنـتِ تــرســمـيـــنَ ما تـشـتـهـيـــن
مـن سـفـــح ومــــن جبـــــل
مـن بــــر ومــن بحـــــر
مــن ألـــــم ومـن أمَـــــــــل
كُـنـتِ حيـنـمـا تـقـفـيــن أمـامَ خارطـة هذا الكوكب
كُـنـتِ لا تـرسـمـيــنَ إلا قـاراتـهِ المُحتــرقـة
قـاراتِــه العـطـشـى لـمـقـلـةِ الشـمس الذهبـيـــة
مـا الـذي قــد حَـلَّ بــــــكِ ؟!
هـلِ ابـتـلعـتــكِ أمـواج المـدِّ العاتـيـــة
إلى كـنـفِ جحيــم جـزْرهــا الملتهـب ؟!
أمْ هلِ اغـتـالتــكِ قـراصنــة البحـر المجرميــن
وليـمـــــة لظـلام دمائـهـــم الحـقـيـــرة ؟!
لا أدري !
سـأبـقى أقـفُ علـى حـافـات الموانـئ
ومـراسـيـهــــــا
فـي مَمَـــرّاتـهـــا
أسألُ المسـافـريـــنَ والمتعـبـيـــن
وأولئــك القادميــــن
مـن تـلـك البحــــارِ النائـيـــــة
عنـــــك يــا ليـــــــلى
ثـم أقـفُ قبــالـة أمواجــهِ العـاتيـــة
أصــرخ أبكي
أســـــأل أنــــادي
ليـلى ليــلى أينـــك يا ليـــلى
إلـى أن أهــوي مـن عـليــــائي
ســـاقطاً فـوق وجهـي المُـدَمى
مـن قســــوة الفــــراق
وآلام الاشــــــتـيــاق
دونَ مُجـيـبٍ لـي دون مُغيـــث !
سـأبقـى أعـزفُ بقـيـثــارتي التي
صنـعـتـهــا لـي
مـن أرز لبنــان ومـنْ جـوز كـردســـتان
ووضعـتِ لهـا أوتـــاراً
مـن أوتــار هـذا الكوكـب الـدَّوَّار !
سـأبقى أعـزف لعودتـنـا يا طائـر البحـر
لحـن الشــرق والغــربِ
لحـنَ اللقــــاء
بعــد الفـراق المُـرِّ الطويــل !
سـأبقى أجـوبُ بحـار العالـمِ وبـراريهـــا
مثـلَ مجنــون لايَمـلُّ المســـيرَ ولا التـرحـال
باحثاً عنكِ سائلا ً عنكِ
الطيــر والشـجر
الموج والنـهــر
القمر والبشـــــر
دونَ أن أملَّ المســـير ولا التـرحال !
(*) أربيــــل ــ خوشــنـاو /9 /10 /1989