الموجود البشري هو حقيقة منفتحة على العالم …هيدجر
الإبداع لابد ان يطلق عنانه امام الجمهور وامام النخبة والعامة على حد سواء..المبدع يعيش ويستديم بحياته عن طريق المتلقي والسامع وبدونهما يموت البوح في الكتاب وصفحاته .. كما انَ الحياة دون الحب مثل الإبحار دون نجمة توجهنا ولذلك من الضرورات المهمة ان تتاح للشاعر والمبدع بمختلف نتاجاته ان يمتثل امام محبيه وعشاق كتاباته في هكذا مهرجانات التي تعتبر مثالا للحب والإبحار الموجه من قبل بوصلة الإبداع الادبي ولذلك يعتبر المهرجان الدولي في المغرب هو المحطة الجوراسية التي جمعت زهور المبدعين من الأدب والفن التشكيلي في بلدية سيدي بنور في مقاطعة كازابلانكا ..وحدائقها الخضراء وناسها وأطيابها وشعرائها ونقادها القادمون من مختلف الدول ..صربيا ،كرواتيا ، رومانيا ، مصر والعراق وغيرها من الأجناس البشرية المفعمة بالحب والترافة وكان الحضور للجنس اللطيف من النساءالمبدعات نصيبا عظيما وواضحا يختلف عما في بلدي العراق الذي تغيبت به المرأة المبدعة نتيجة العنف الثقافي والإضطهاد الناجم عن التقليد السائد الذي يكبل المرأة المبدعة فيجعلها بعيدة كل البعد عن المشاركة في المشهد الثقافي على غرار هذا المهرجان .المرأة في كل الأحوال هي النصف الثاني من المجتمع فهي اليوم رئيسة وزراءالدنمارك المتمثلة بشخص ميتا ذات العمر الثاني والأربعين ربيع …اما في اوطاننا فهي ابنة المطابخ والمكوث في البيوت لخدمة الرجل فحسب او هي الخطيئة التي تمشي على قدمين . اما ما وجدته في المغرب رغم التردي الغير ملحوظ في مستويات حقوق المرأة الا انها استطاعت مواكبة الحداثة بشكل كبير اذا ما قورنت مع بقية بلدان العرب .ولذلك كان المهرجان معطرا بحضورهن وسببا في نجاحه بشكل ملحوظ . المهرجان أعطى لشخصي انا كاتب المقال ان أكون باديءالندوة الاولى النقدية عن الشعر والحداثة بمعية زملاءالابداع اللذين ابدعوا في مداخلاتهم النقدية بهذا الخصوص . ثم الامسية الشعرية التي شارك بها العديد من الشعراءالكبار القادمون من مختلف بقاع الارض ثم الحفل الغنائي والمسرحي الراقص مع النغمات المغربية والفلكلور الشعبي الذي أعطى المهرجان الترافة المطلقة والناعمة فادخل البهجة والحبور في نفوس الحاضرين والحاضرات من المبدعين والضيوف الآخرين الذين جاءوا كي ًيكملوا الفرحة على وجوه المشاركين ..اما بخصوص القيادة المركزية للمهرجان فكانت في غاية الدقة المتناهية المتمثلة بشخص رئيس إتحاد المبدعين بالمغرب الشاعر الصديق احمد الشاهدي مع مساعديه المصطفى المخنتر والفنان الغنائي الجميل القادم من الصحراب رشيد الصافي. ثم تكلل النجاح المبهر بزيارة وزير الاتصال واطلاعه على معرض الكتاب ومدى احتياجات المهرجان استعدادا لمهرجانات اخرى قادمة .ثم نقل احداث المهرجان عن طريق احدى القنوات التلفزيونية الشهيرة في المغرب فأعطى المهرجان صفته الثقافية الرسمية والمنهجية والأكاديمية علاوة على الصفة الإبداعية التي خلقها المشاركون والعاملون في تحضير مستلزمات المهرجان من القاعات وصالات الطعام المبهرة التي جمعت المبدعين على طاولة الطعام المغربي فكانت البهجة اكثر معنى ومغزى وحلاوة في لم شمل الشعراء مع بعضهما .انه مهرجان الموسيقى والشعروالحب والجمال ومهرجان كل من يفكر بوضوح يستطيع التعبير بوضوح . ورغم المستويات المتفاوتة في نوعية ومغزى الشعر ومعانيه الا اننا استمعنا الى شعراءقدماء قدّموا الحداثة الشعرية التي ارتقت بالشعر فجعلته قريبا مما يريده المتلقي في العصر الحالي الذي ركب موجة الحضارة الأدبية والعلمية على حد سواء إضافة الى فن الأدب التجريبي كما العلم الذي قد يفشل وينجح في تجاربه لكنه في كلا الأحوال يهدف الى خدمة الانسان الذي نال الكثير من الحيف تحت ظل أنظمة ارادت ان ينتصر بها عشاق الدم على حاملي رايات الكلمة والأغاني والأناشيد لكن إرادة الشعوب بمثقفيها جعلت من الفم يقول الحقيقة المطمورة في جوف المبدع والإنسان الخائف ويقول مايريده تحت طائل التغيير والعبور الى الضفة الاخرى من السلام والتكافل الاجتماعي . أنه مهرجان الترافة والحب والشعر والفن التشكيلي .فكل هذه المترادفات اجتمعت لتعطينا مهرجانا ثريا بالمعرفة التي انطلقت من مدارك الأنتلجنسيا القادمة من مختلف بقاع البلدان .