– كل ما كتبت من اغاني هي محطات انتظار لا تنتهي .
– ( بس تعالوا) خلاصة الوجع والتي اتمنى ان لا استمع لها دائماً.
– ( أسالك يا عراق أشوكت نرتاح) سؤال كتبته كأغنية ولا اعرف الاجابة عليه للان .
– اكتب بطريقة السهل الممتنع لذلك اصل لقلوب الناس .
– الشعر هو حب ..وسلام … والهجاء كراهية وانتقام وهذا لا ينسجم مع لغة الشعر كصانع للجمال .
– كتبت اغنيتين للفنان كاظم الساهر وطلب مني مغادرة العراق ورفضت
– ارى في شعر الشباب عمق ورصانة وما يحتاجه الشباب هو ان يكتبوا بلسان اليوم وادوات الحاضر .
قال وهو في عنفوان ابداعه ..امنحوني ابتسامة رضا او قولوا لي شكرا في حياتي افضل عندي بكثير من باقة ورد توضع بحزن على قبري …
في مواجهة هي الاولى بيننا وبين الشاعر الغنائي الكبير سعدون قاسم في امسية ابداعية سابقة من اماسي اتحاد الادباء الشعبيين في ميسان والتي عقدت تحت شعار ( ميسان تحتفي بمدعيها) في زمن قل فيه الاحتفاء وكثر فيه العزاء وأوقفنا الزمن فيها لبرهة اعلنا فيها الافراح ابتهاج والاحتفاء الوان زاهية رسمت لوحة ميسانية عنوانها شكرا …شكرا لكل من ابدع من اجل ميسان ولازال في محراب الابداع يرتل عطاءه عناوين مجد … والجميل في الجلسة الحضور الكبير لأبناء ميسان وفرسان الاعلام فيها .. واليكم ما دار بيننا من حوار..
هو … شاعر غنائي فذ … في كلماته يختصر الوجع الشفيف .. وفي حروفه معنى لكل عذوبة وصدق ..وفي تفاصيل وجه حيوية الف شاب , ومن لمعان عيونه تعرف ان للحياة وجوه اخرى من الامل ..في كل اغانيه كان عاشقا بامتياز وفي كل مقطوعاته الشعرية كان يرسم بفرشاة انتظاره .. حلم جديد ..حلم مكابر ..حلم يعرف ان كل النهايات تؤدي الى الانتظار الا انه يواصل …يواصل الطريق وفي قلبة ( جتني الصبح وعيونه ذبلانه ) وفي سره ترنيمة سر الوجع ( على الله ويا بشيره ) وعلى شفتيه تتلعثم سيمفونية الانتظار ( بس تعالوا) …
فبثلاثية هذا الوجع هو يتمنى … وينتظر …. وحينما جاءت هي غاب المعنى وعاد من حيث اتى يردد ( تعبنا .. تعبنا ونريد نرتاح ) .. فأي امنية كان يتمنى؟ .. وعن أي محطة انتظار كان يكتب؟ .. والى أي طريق كان يواصل؟ .. تختلط هنا الاوجاع ما بين خسارة حبية .. وغياب اخ .. وتوهان وطن… ورغم كل ذلك تجده كما هو يفتح ابواب صبحه ( للجاي) … وتتسابق خطاه (على الله ) في شارع التربية ودجلة وتهيم عيونه في سواد الليل وهو ينادي للذكريات( تعالوا ) , واخر الليل يستريح من اخر حسرة ويخلد للنوم امناً مطمئناً في التعب .
ذلك هو سعدون الاغنية وقاسم الوجع الجميل ..سعدون قاسم فخر الاغنية العراقية والميسانية شعراً …اهلا بك ابا حيدر في اول مواجهة بيننا على طاولة الحوار
• لا نريد للحوار ان يكون تقليدياً وسأبدأ معك من ثلاثية سعدون قاسم الشعرية … قسوة الانتظار… ما بينك وبين الانتظار شد وجذب تارة انت تطيح به وتخيب اماله فترده من حيث اتى كما في ( جتني الصبح وعيونه ذبلانه ) ومن ثم تجيب الانتظار وليست هيا ( مستاهله والله وحيل )؟ هل تلعب مع الانتظار لعبة القط والفأر ؟ .
– محنة الانتظار هي محنة الجميع فكلنا مشاريع انتظار دائمة فنحن ننتظر الغائبين وننتظر الحبيبة وننتظر الوطن فالانتظار معنا دوماً ولا نستطيع ان نحيا من دونه , اما قصة الاغنية فقد صارحتها كحبيبة يوماً فرفضتني وبقيت تعيش معي كجرح ومرت السنين لتعود بعدما تزوجت وهي متعبة وفي عيونها الف عنوان للتعب نادمة تريد العودة لذلك الحب الذي بحتُ لها يوماً به وهي تشكو لي سهرها ووجعها فكانت اجابة رفضي واضحة (مستاهله والله وحيل ) لأنها باتت على ذمة رجل غيري فطويت صفحة الانتظار حينها وبدأت صفحة جديدة من الوجع مع الذكريات ,وانا انشد:
جتني الصبح وعيونها ذبلانه
حلفت يمين البارحه سهرانه
مستاهله والله وحيل حيل وحيل
روحى اشكى همج لليل
تضحكين من جنت اشتكيلج انه!!
بسنونه عضت شفايفه ندم
ترجف خجل من راسه لحد الجدم
ساعة تغمض عيونه
وساعة يتغير لونه
شفتي العشك شيسوي اه يافلانه
وانه صافن اخذت ايدي بايدها
وكلمه احبك تبتسم وتعيدها
وتكولها من روحها
وترتاح كل جروحها
تذكرين من جنت اشتكيلج انه
وشفتي العشك شيسوي اه يافلانه
• كأنك بالأولى طويت صفحة انتظار بأكملها لتبدأ صفحة اخرى قسى الانتظار فيها عليك فصرخت بكل ما فيك ( بس تعالوا ) دون جدوى كأن سعدون قاسم دون هاجس الانتظار ما كان او يكون ؟
– الانتظار سيمفونية تعيش في الروح دائما ..وبس تعالوا سيمفونية وجعي التي لا تنتهي ..في يوم من الايام وقفت اطيل النظر الى ثلاث نعوش دخلت محلتنا فتنبأت ان لي فيها نصيب وبالفعل كانت احدى النعوش لاقرب الناس لي ..وفي لحظة حزن البيت ونعاوي الام ..دخلت بالبكاء الى غرفتي فكتبت هذه القصيدة لتتحول لنص غنائي لحنة الكبير كاظم فندي وهو كان يشاطرني الحزن والجرح فجاء اللحن مترجماً لحزني وغناها كريم منصور بشكل مبهر وللآن كلما اسمعها اشعر بالوجع والمرارة واحياناً اتمنى لو اني لا اسمعها وانشد بوجع :
بس تعالوا
بس تعالوا
وفرحوا روحي معذبتني تريدكم
سهري ما مر عالليالي
حالي حال الشمعة حالي
والله لو احجيلكم
من أول حجاية تهلّ دموعكم
بس تعالوا
وفرحوا روحي مدولبتني تريدكم
بس تعالوا
ولو اجيتوا
كفوفنا نحنّيها
وكَلوبنا الما تنسى همكم هلبت ننسيها
هلبت بختنا يجيبكم
ونشم روايح طيبكم
وما أصدّك حتى لو جيتوا وكَعدتوا
عيوني احس بيهن غشا وما كَولن انتو
لأن صرتوا مستحيل
لا تجوني لانهار ولا بليل
صرتوا بس ذكرى عزيزه وما تغيب
صرتوا بس جروح بيه وما تطيب
بس تعالوا
ولو اجيتوا
كل عزيز بعمري اطشَّنَّه فدى لعيونكم
• انت والملحن الكبير كاظم فندي كنتم في وهج تربعكم على الاغنية العراقية وكنتما مع سفير الاغنية سعدون جابر آنذاك فلماذا جازفتم ومنحتم مثل هكذا اغنية لمطرب مغمور جاء وقتها تواً لميدان الغناء وغناها في وقت كانت الاغنية العراقية تمر بأزمة واشتهرت هي واشتهر معها ؟
– كنت يوما ما في ضيافة احد الاصدقاء ودعانا حينها الفنان الراحل صلاح عبد الغفور وخلال الجلسة غنى الملحن كاظم فندي الاغنية وطلبها الفنان صلاح عبد الغفور وكان حينها الفنان سعدون جابر خارج العراق فمنحتها له الا انه غير اللحن وسجلها على طريقة المقام فرفضت وكي نتجنب زعل الفنان سعدون جابر منحناها للفنان كريم منصور وقد اداها كريم منصور بشكل مذهل جدا وكان خير من عبر عن احساسي ووجعي .
• ما بين الانتظار والتعب صلة رحم …وانت كلما تريد ان تأخذ استراحة محارب تردد مع نفسك بأعلى صوت في روحك السؤال العراقي الابدي ( أسالك ياعراق أشوكت نرتاح) فيتردد السؤال في كل العراق (تعبنا .. تعبنا ونريد نرتاح ) هل هكذا اختصرت وجع العراق منذ الالاف السنين ؟؟وانشد شعراً:
أسألك يا عراق شوكت نرتاح ؟
نبجي لحالنا لو نبجي ع الراح؟
صار سنين واحنه همومنا جبال
فوكَـ صدورنا صغناه الوشاح
تعال تريد فوضى؟ حمل وشيل
ولا تلكَي بشر حساس مرتاح
تعبنا .. تعبنا .. ونريد نرتاح
غزونا يا وطن من كل الاجناس
وعلى ابسط ثمن تزهق الارواح
مثل باقي الشعوب ببالنا نعيش
وطنّه شمس مو ترسانة سلاح
انطلمو ناس عدنه وصارو اعلام
الحسين بكربلا ما مات من طاح
يا بغداد اصبري الامل موجود
مكان الشوك نزرع ورد قداح
تعبنا .. تعبنا .. ونريد نرتاح
– ذات السؤال اردده دوماً مع نفسي وانا قائلهُ ولا اعرف الإجابة عليه متى يرتاح العراق مما هو فيه ليعود كما كان ايام السبعينات بلد الحضارة والابداع والازهار ولا اعرف متى يعود ابناءه لرشدهم ويعيدوا للعراق ألقه وجماله.
• حتى في دعوتك لمواصلة الطريق توهت من قلت لهم ( ثيمالله يامسافرين ) وكأنك ترميهم في سموات من ضياع ؟؟ .
– كان العراق يمر بفترة ضياع نتيجة للحروب والاعدامات وتسلط الاخرين لذلك كنا نودع الاحبة الى شواطئ الغياب المختلفة في كل وقت , تارة بالحرب واخرى بالإعدام وكثيرا ماكنا نعدهم مسافرين خارج العراق بلا عودة لذلك كانت هذه المفردة ( ثيمالله) تشغلني وكنت اؤمن بأنها كلمة للرجوع مستقبلا والغياب المؤقت فكتبتها كنص وشاءت الاقدار ان اكون في مكتب المطرب الراحل سعدي الحلي فسمعها وغناها ولده الراحل خالد سعدي الحلي بأداء جميل جدا .
• قيل في تصريح اعلامي قال الملحن الراحل طالب القره غولي ان الغياب اختصر في الوطن العربي ب(الاطلال ) في مصر ( والاماكن ) في الخليج (وبس تعالوا ) في العراق كيف تقيم هذه الكلمات ؟
– بالتأكيد اشعر بالفخر لأنه راي من قامة ابداعية كبيرة مثل الراحل طالب القره غولي لا بل هو ايثار منه وهو من لحن مدونات الجمال في الاغنية العراقية واسهم هو وملحنين كبار معه في تأسيس الذائقة الجمالية للمتلقي آنذاك ,وانا وصلني عربيا ان الاطلال في مصر هي جسدت الغياب وان في العراق اغنية ( بس تعالوا) و( انا وليلى ) للمطرب كاظم الساهر جسدتا المعنى الحقيقي للغياب .
• هناك تشابه كبير ما بين جملك الشعرية احساساً وموسيقى وما بين اصالة الشعر الجنوبي وكان من يسمع مالديك يكون في شك بأن هذا الشيء سمعه من قبل في ترنيمات الامهات ولربما (يا محمد ماظل ضيم وما شفته واليمته اظل بسكته) نموذج مما اقتنصت مالسر في هذا الامر ؟
– انا اكتب بطريقة السهل الممتنع لذلك تجد كلماتي قريبة من المخيلة والاذن معاً فانا انحت المتداول واتوغل فيه لأزيد من لمعانه وبريقه وكأني اخوص في الذاكرة الجمعية للناس فانتقي منها ما اريد من الوارد والغير متداول وانحت فيها روحاً جديدة
• متبنياتك الشعرية الاولى تعود ( لحدهن ) جدتك ام لأبيك ( قاسم ) وكلاهما يكتبان الشعر كما قيل ؟فلاي منهما تنتمي شعرياً؟
– انا انتمي لكلاهما ..لجدتي بفطرتها الشعرية ونقاء جملها ورشاقة شعريتها ولوالدي بجمالية الحرف ولمعان الصورة الشعرية .
• قيل ان العلاقة الفنية التي تربطك بالملحن كاظم فندي اثرت سلباً عليه فبات لا يشدوا لحناً جميلاً الا اذا كانت الاغنية من كلماتك ؟
– لأنه رفيق الحزن والدرب الطويل وهو العارف بكل احزاني وافراحي ومسراتي لذلك بات مترجماً بارعاً لها وهو ملحن كبير مع كل كلام يلحنه سواء لي او لغيري , وانشد مقطعاً شعرياً:
لوه ولول ولوا .. شوفوا بحالي شسوى
الحب مو بالكَوه
سألوني وكَلت لهم … سافر يوم ويرجع
لا وعد مصبرني … ولا دمعات لتنفع
هل بت بيك مرووه؟؟
الهوا يلعب بالكَذلة .. بعينه تلوكَـ الكحلة
حبك عسل واحلى .. نار وبيها اتجوى
• ماذا عن تجربتك مع كاظم الساهر والتي لم ترى النور ؟
– كاظم الساهر صديقاً وأخاً وعلاقتي به قبل الشهرة ويمتلك نفسية طيبة وذوق راقي وكان لديه رغبة بان أكون معهُ في أعمالهُ وعندما جاء الى محافظة ميسان عام 1997 طلب مني ذلك ولكن الظروف العائلية العصيبة والوضع العام هو من منعني من السفر وقد كتبت لهُ قصيدة (اشرب مره واكل مر ولا تعشر مر)ولكن لم يغنيها نصاً حيث غير فيها الشاعر غازي السعدي وايضاً عمل اخر (وارد اشتعل خصبا على دنياي …. حملي وانا اتحمله وما ريد عونه وياي) وطلب مني ان اغادر معه العراق الا اني رفضت مغادرة العراق .
• هل تصنيفك كــ ( شاعر غنائي ) يزعجك ؟
– بدايتي كنت شاعراً أكتب القصيدة، ونتيجة لظروف خاصة ومعاناة ذاتية كتبت النص الغنائي فودت بالنص الغنائي عذوبة ورقة الاحساس والجمال كما ان النص الغنائي رافد من روافد الشعر الذي يصل للناس اكثر ويحقق انتشار اكبر .
• كيف ترى الاغنية العراقية اليوم ؟
– اراها مريضة بعلل كثيرة لا بل ترقد في غرفة الإنعاش، تشكو من العزل والاسفاف الكثير لا بل هي مؤامرة مقصودة لتخريب متعمد يستهدف ذائقة الناس وطبعا هناك حالات استثنائية بسيطة لأغنية هنا او هناك جيدة .
• كيف ترى علاج الاغنية العراقية ؟
– العلاج صعب جدا لان المسببات كثيرة وكبيرة ومتشعبة تبدء من رداءة النص وركاكة اللحن وضعف امكانية الأصوات على الرغم من وجود عدد جيد من الاصوات لكن يعاني من سوء الاخيار .
• علاقتك بالمجنون الشاعر نعمة مطر تشبه تماماً علاقة النهر وطيور النوارس , لكن سمعت انه هجاك في قصيدة ولم يقرأها الا لك ومزقها امامك فأي علاقة تربطكما اذن وكيف تقيم هذه الاخلاق الشعرية العالية مع تقاذف الشعراء اليوم فيما بينهم هجاءاً شعريا ؟
– الشعر هو حب ..وسلام … والهجاء كراهية وانتقام وهذا لا ينسجم مع لغة الشعر كصانع للجمال , فأنت تقضي وقتك لكتابة الهجاء فماذا تركت من وقتك لكتابة الشعر للمحبة والسلام والناس وهي ظاهرة معيبة ولا تليق بالشعر والشعراء اطلاقاً وانا انصح الشعراء ان يكتبوا للجمال والحب بعيداً عن لغة الحقد والكراهية وتعميق الخلافات لأنها لا تترك اثراً شعرياً للشاعر .
• ماهي نصيحتك للشعراء الشباب ؟
– انا ارى في شعر الشباب عمق ورصانة لا بل بعض القائد تدهشني وتشعرني بأننا لازلنا في قمة الشعر السبعيني فقط ما يحتاجه الشباب هو ان يعمقوا التجربة اكثر ويكتبوا بلسان اليوم وادوات الحاضر .
وختامها انشد شعراً:
على الله ويابشيره على الله
هواج شلون اغيره على الله
بعد كل ذاك الفراك على الله
نرد ردود عشاك على الله
هواج شلون اغيره
على الله ويابشيره
على الله ويابنادم على الله
اكابر وحمل الهم على الله
يجي يوم من الايام
يرد الشمل يلتم
الظلام يصير قمره يابشيره
اضن مابلعرب مثلي
حبيبي والوكت وهلي
تحل بياذنب كتلي
ياروحي بالج تذلي
ذليل رماد عمره ..ايوالله
عمري لو اوصفنه
نهر اه ونهر ونه
وارضه ولا حجي المنه
افضل النار على الجنة
ولا عشرة المره
على الله