حين دخلت الشارع الضيّق تفاجأت بالمارة يجرون مسرعين ثلاثة منهم إلى صيدلية السعادة وأربعة خرجوا من باب البناية التي تضّم اطبّاء توزعوا على جسد الإنسان يحاولون أن يأكلوا من همومه وآلامه لقمة لهم او يرشدونه إلى السرير الخاص يكمل دفع إجور العمليّة الموقّع عليها وهي لم تجر بعد.
وهو في الطريق إرتطم برجل يتآلم تسابق شفويّاً إلى الإعتذار منه لينهي الأمر بلحظات قبل أن يخضع لجلسات خاصة يتربّع فيها الرجال ليقسموا بأنّ ما جرى كان فظيعاً وعليه أن يدفع مبلغاً عن تصرّفه. تصوروا إن كُلّ الذي جرى إنّ ارتطامه بالرجل قد دفعه إلى جهة أخرى لم يتحرّك من مكانه ثم انّه اخذ يقهقه. لا أعرف لماذا يكرر قهقهاته إنّ أقّل ما يعنيه ذلك إنّ نفسه المنقبضة مع امرأة ترافقه قد افصحت عن إزالة جبل من الهموم قبل أن يأخذ طريقه إلى طبيب العلاج النفسي ّاعتقدت أنني وفرّت عليه مبلغاًمن المال يعادل قهقهاته السعيدة. إلاّ إني لمحت من تقاطيع وجه المرأة التي معه أنّها بدت كئيبة منقبضة وأخذت تنظر بحماقة لم يساعدها لسانها على النطق كنت مجبوراً ان أسير مع الرجل والمرأة إلى طريق آخر خفّت فيه حركة الماشين عرفت أنّ السيارات تسحب الكثير منهم من حرّ الشمس. كانت أوامر المرأة تجبرني انْ اصعد مع زوجها كما نوّهت به عند ركوبنا السيارة إنطلق بنا مسرعاً كنت خلف الرجل انظر إليها تحاوره وهو يعاود قهقهاته في الشارع انظر إلى قسمات وجهها ميّزت منها الغضب والحنق والشزر وتقطيب الوجه أيقنت عندها أنّ الشيطان وكما جاء في الأمثال ابتلع الرجل سريعاً لكنّه لم يستطع إبتلاع المرأة.
شاركت السائق القهقهات المتسارعة زادت أصواتنا ارتعبت المرأة من ذلك وزادت في عبوسة وجهها نظراتها زادت مع ميلان رقبتها مثل لعّابة لم تنزل من اليدينِ. الشارع هو الآخر زاد من سرعة السيارة أشجاره المتوزّعة المورفةزادت من حفيفها بهواء لطّف وجوهنا.
أمرت زوجها ان يتوقّف عند البيت المطلي باللون الأحمر يتخلله اللون الاسود. أشار زوجها إلى البيت وانا انظر إلى البيت تسآلت لماذا اللون الأحمر يملأ كلّ جدران وخطوط سوداء متوزّعة عليه؟ حتى القهقهات إنتهت.
ترجّل السائق مع زوجته يرافقاني بعد خطوات ضعيفة منّي.
سألت ثانية الرجل بعد سؤال نفسي عن اللونين. وأنّ الأحمر لون اساسي ّ، إنتظرت منْ عاود قهقهاته ثالثة ثمّ اردف قائلاً:عباءة امرأتي سوداء، ولون البيت احمر فسّر ذلك.
اكثر مِن قهقهاته شعرت بعدها إنّ ارتطامي، بالرجل ذي الدشداشة البيضاء لم تكن من الألوان الأساسية. قطعتِ المرأة قهقهات زوجها. وقالت :لا تتركه حتى لا يفّر منك ايهّا الزوج المتقهقه
. قالت ذلك وهي مقطّبة الوجه تعجّبت مِن امر هذه المرأة والتي لم تقهقه مرّة واحدة كانت تقابل فرح زوجها وقهقهاته بالمال. رفعت صوتي أمامها :كيف تجمعين بين القهقهة، والمال انا اعرف إنّ إبتسامة أيّ امرأة تزيل همّاً كبيراً فما عساها هذه المرأة الجبلية لا تزيل الإبتسامة والقهقهات همومها. أين الرقة؟ أين العواطف التي يثقل بها قلب المرأة؟ لا… لا.. كُلّ شيء تغيّر حتى قلوب النساء حاولت أن اتخلّص من الموقف الذي امرّ به حتى لا أقع ضحية اللونين، أحسست إنّ الشارع يضيق ولا مفّر لي إلأّ ان اصرخ واصرخ في أرضية الغرفة التي إرتميت عليها من حلم جعلني انظر إلى تقاطيع وجهي في المرآة أحاول ان استرجع قهقهاتي في السيارة. وجدت إنّ الساعة هي الخامسة صباحاً، وقد زادت قهقهاتي في الغرفة وقد اتركها إلى شارع آخر.