ما هو الزواج المبكر؟
الزواجَ المبكر: زواج رسمي أو أي ارتباط غير رسمي بين طفلٍ تحت سن 18 عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر¹.
من خلال التعريف أعلاه نرى أن هذا الزواج الذي نسميه ب(المبكر) هو زواج “أطفال” والأطفال غير صالحين لمثل هذهِ الرابطة المهمة اجتماعياً.
أسباب اللجوء إلى هذا الزواج:
١-الحالة المادية للعوائل التي تجعل العائلة تضحي ببناتها لكي تقل التزامهم المادية.
٢-العادات والتقاليد وهذهِ تعتبر السبب الأكثر أو السبب المقترن بكل الأسباب الأخرى التي قد تدفع العائلة لاتخاذ قرار تزويج أبناءهم الذين لم يكملوا الثامنة عشر، خصوصاً الفتيات تعاني من هذه النقطة لان في مجتمعاتنا أن الفتاة تشكل عبء على عائلتها ويجب التخلص من هذا العبء بالزواج لكي يطمئن بالهم على عائلاتهم وعلى العبء الذي تخلصوا منه بنية الستر وخوفاً من أن تجلب الفتاة الكلام لعائلتها اذا تاخرت بالزواج تحت مسمى (العانس) أو أن ابنتهم غير جيدة فلم يتزوج بها أحد.
كم عمر هذا الزواج؟
تشير الاحصائيات حالات الطلاق المخيفة هذهِ الأيام إلى أن بعض العلاقات الزوجية لم تدم سوى ثلاثة شهور او ربما أقل وأن دامت سنة أو أكثر فإنها تستمر على أساس هشْ تكثر فيه المشاكل على أشياء لا تستحق أن تندرج تحت مسمى مشاكل أسرية والمشكلة الأكبر أن هذه المشاكل تؤدي إلى الطلاق!
يقول جاسم عبد الأمير، وهو كاتب عرائض أمام أحدى محاكم الرصافة في بغداد: “نصادف قصص طلاق غريبة بشكل يومي. فأحد الرجال، على سبيل المثال، طلّق زوجته لأنّها خلدت إلى النوم من دون أن تُعدّ له العشاء. أمّا آخر، فوصلت به غيرته من ممثّل محدّد تشاهد زوجته مسلسلات وأفلاماً له إلى حدّ تطليقها”. يضيف عبد الأمير أنّ “ثمّة زوجات طلبنَ الطلاق كذلك لأسباب غريبة، من بينها رفض الزوج شراء هاتف نقّال جديد لزوجته، الأمر الذي أدّى إلى مشكلة كبيرة. كذلك، فإنّ زوجة أخرى نسي زوجها شراء هدية عيد الحبّ لها، فاتّهمته بأنّه يكرهها وبدأت مشكلات انتهت بالطلاق”².
برأي القراء الآن هل هذهِ الأسباب تستحق أن تُنهي رابطة مهمة ومقدسة عند البعض؟
بالتأكيد نحن لا نقول أن كل حالات الطلاق جاءت من أسباب وحجج غير قوية هناك أسباب يكون الاستمرار معها دمار للشخص نفسه (زوج أو زوجة) سواء كان الدمار نفسي او جسدي، نحن نوجه كلامنا إلى حالات الزواج التي تنتهي بسبب الحجج البالية.
أين القانون من كل هذا؟
أشار قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 لشروط الزواج، المادة 7
1- يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشر.
المادة 8
1 – اذا طلب من اكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فللقاضي ان ياذن به اذا ثبت له اهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه الشرعي فاذا امتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له فان لم يعترض او كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار اذن القاضي بالزواج .
2 – للقاضي ان ياذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر اذا وجد ضرورة قصوى تدعو الى ذلك, ويشترط لاعطاء الاذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية.
نستنتج من المواد أعلاه أن السن في الاصل إكمال الثامنة عشر ولكن هناك استثناءات وهي من لم يكمل الثامنة عشر ولكنه أكمل الخامسة عشر ولديه القدرة البدنية والبلوغ الشرعي (أي سن البلوغ في الاسلام) فياذن له القاضي هنا بالزواج وهنا الولي الشرعي³ لا يأخذ برفضه الا إذا كان تحت حجة قوية.
هذا يعني أن كان الولي موافق والشخص الذي يريد الزواج سليم بدنياً وبلغ البلوغ الشرعي فهنا القاضي سيوافق على الزواج، لكننا يجب أن نقف هنا ربما الأشخاص المعنيين بهذا الزواج قادرين جسدياً وقد بلغا سن البلوغ الشرعي لكن ماذا عن بلوغ عقلهم للحياة الزوجية؟
هنا تقع مشكلة هذا الزواج أنهم جاهزين خارجياً، لكن ماذا عن الوعي والنضوج الفكري؟ نحن نعلم أن أغلب الآباء يوافقون على هكذا زواج فقط لأنهم يرون الزوجين ناضجين جسديا والعادات والتقاليد تحبذ مثل هذا الزواج فيوافق بكل سرور ليتحقق لدينا كل شروط قبول القاضي فيأذن لهم بالزواج.
هذه في حالة تسجيل الزواج في المحكمة، لكن هناك حالات عديدة لا تسجل يكتفون بالعقد عند رجل الدين (سوف نتكلم بهذهِ النقطة لاحقاً) لأنهم يعلمون أن المحكمة سوف تردهم لعدم تحقق شروط الاستثناء او هم بالأصل لا يهتمون للتسجيل الرسمي.
في أيامنا هذهِ سن البلوغ الشرعي ليس فيه وعي عقلي كافي للتصرف السليم وان كان هناك أشخاص لديهم وعي في هذا السن فهم قليلون جداً، فيجب أن لا يأخذ به في هذه المسألة حتى لو كانوا الأشخاص كاملين وجاهزي جسدياً.
إلى الآن لم نرى حلول قضائية وقانونية لمشكلة الطلاق الناتج من زواج الاطفال (الزواج المبكر).
نحن لا نقول أن هذهِ الاستثناءات خاطئة ولكن الوعي هذهِ الفئات العمرية قليل يجب أن يبلغ عقلهم لكي يكون اختيارهم سليم حتى تنشأ عائلة صحية فنحن حالياً بسبب هذهِ الحالات أصبحت الأسر فيها اجزاء سامة تشتت العائلة بأكملها.
وهذا رأينا قائم على أسباب الطلاق المتداولة وهي أسباب واهية جداً (كما وضحنا اعلاه عن أمثلة من اسباب الطلاق).
فيجب الأخذ بالبلوغ العقلي كما يأخذ البلوغ الجسدي والشرعي بعين الاعتبار.
إلا يرى رجال الدين نتائج هذهِ الزيجات؟
كما أشرنا سابقاً أن عدد حالات زواج القاصرين خارج المحكمة أكثر بكثير من الحالات المسجلة، أن رجال الدين كونهم يملكون من العلم الكثير وعِلمهم يدخل بجوانب عديدة من المجمتع ودورهم توعوي عليهم أن يصدوا هكذا حالات ولا يستقبلونها لأنهم اقرب الناس من بعد العوائل لنتائج هذه الحالات.
مع أن هناك مراجع دينية تبيح هذا الزواج، أو حتى زواج الرجل من الفتاة الغير بالغة⁴، فليس بالضرورة التزام رجال الدين بذلك وليس عليهم اشكال شرعي أن امتعنوا من إنشاء العقد .
لو توحد فعل رجال الدين وتوقفوا عن تسجيل العقد للقاصرين سوف يلجأ الناس إلى المحاكم لأنها ستكون الطريق الوحيد للزواج وبهذا ستقل حالات زواج القاصرين لأن ليس كل من بلغ هو أهلا للزواج، ولكن هذا يرجعنا على مقياس القاضي في الموافقة الذي ذكرناه سابقاً.
وهذا يتطلب تعاون كبير من رجال الدين لكن للأسف البعض من رجال الدين هم يؤيدون هكذا حالات ويرحبون بها.
إلى ماذا نصل؟
أن اول دور هو الذي يقع على رجال الدين وتوحيد موقفهم وتوعية الناس بهِ؛ لكي لا يبقى للعوائل مكان غير المحكمة وهنا يأتي دور المحكمة والقاضي الذي يجب أن يضيف لشروط حالات الاستثناءات هو البلوغ العقلي.
والأهم من هذين النقطتين هو وعي الأسر بمدى خطورة فعلهم لكي يتجنبوا.
فبدون هذهِ النقاط لن تقل حالات الزواج المبكر والطلاق الناتج عنها كونها أحد اهم الأسباب تزايد حالات الطلاق في الوضع الراهن⁵.
—–
المصادر:
¹منظمة “يونيسف”.
²موقع العربي الجديد.
³الولي الشرعي: هو الشخص المسؤول على أمور القاصرين وغالباً ما يكون (الأب).
⁴منهج الصالحين (للمرجع الشيعي السيستاني)/ ج٣/ ص ١٠/مسألة ٨.
⁵صفحة وكالة تركمنلار الاخبارية (الانستقرام)/كركوك https://www.instagram.com/p/ChFVE48jVr8/?igshid=YmMyMTA2M2Y=.