
الكابتن / الخال / ابو الاحكام / الشايب .. تلك هي العبارات الرائجة التي كنا نطلقها في ملعب الادارة المحلية في الجمهورية على الرجل الثلجي الذي يجوب المضامير والسوح والملاعب بلا تعب او كلل .. ليحقق رقما قياسيا للشرطة او البصرة او العراق .. ولا تعجب ان يجر هذا البطل الاسطوري اطار سيارة او يرتدي سترة تحمل ثقلا حديديا او انه يصحبنا في نزهة يكون (موحان جبر ) قائدها و( ضياء البصري) راصدها من على دراجة هوائية ، فنخوض في وقت المطر وانتشار برك المياه اشواطا ومسافات حتى نصل مصفى البصرة في الشعيبة بطريقة (الفارتلك) او التفاوت في السرع ، ونعود ادراجنا لنجد (ارميناك سورين) يمسك ساعته توقيتاته ليضع اصابع يده على رقبة (علي هادي) او (شنشول حسون ) او (عودة قاسم ) ويومئ برأسه ايجابا .. نعم لم ينبس ببنت شفة ، هكذا هو عميق في رأيه وكبير في هدوءه .. لكنه ينفجر افصاحا امام (الخال) الذي تتجدد قدرته الاوكسجينية وهو يعلن عن تألقه . كنا – ونحن العداؤون الذين لا يرتقون الى اللاعبين الكبار – نبالغ بالرهبة ونحن نتوسط اولئك المتمرسون الذين تتقزم المضامير المحلية امام بطولاتهم ، بل قل صولاتهم وجولاتهم التي كان لها الوقع والصدى والرنة والمخاض العسير الذي يشهد عن كد ودأب وطواف وسفر لا يستقر بملعب او مكان . ولكم بحثنا عن السر الذي غاب عنا ونافت عن افكارنا مقترباته ، السر الذي يتناسب ونزعات الرياضيين الكبار الذين ضربوا لنا مثلا في الخلق السامي والمهنية العالية واحترام اللاعب والمدرب ، لا سيما ونحن الاقزام الذين يقيمون تدريباتهم الصباحية والمسائية في حضرة جبار رحيمة وفاهم عبد السادة وهاني عبد وليد وعبد الامير حسين وحسين نصيف وحسين علي لفته وابو العيس وسيد رضا والقائمة المشرقة الملآى بالابداع والعطاء تطول .. لكننا نوجم وتلجم كل عباراتنا امام الخال المتواضع حكمت عبد الامام وهو يعظ (ركين) اخاه ليقول له : لا تلتفت الى الوراء ، او اطلق زفيرك بقوة ، او اجعل صدرك يناهز مقدمة الفضاء .. كانت الدروس عسيرة في بدايتها ونحن نواجه تلك الثلة العاملة وهي تقيم تمارينها بطقس وقفي كهنوتي هو اشبه بل اقرب الى العبادات اليومية او الطقوس البديهية . الساحة التي تحتضن اربعمائة مترا بهندستها المستطيلة لا تسع هذا الكم المزدحم بالقابليات والمهارات التي تشق عباب بحارها ، لتنتقل الالعاب الى صعود المدرجات لعشرات المرات او اكثر صعودا ونزولا .. كان العقيد حقي اسماعيل علي وعباس وغازي وعبد الهادي شاكر امين مدراء التدريب البدني في البحرية يتحرون الاخفاقات الناتجة عن الاختبارات الملحة التي يجريها الخال او سورين او ضياء حلاوة او غيرهم … فهناك جبهة محتدمة محترقة تنتظر امثال هؤلاء الين لا يقوون على مقارعة الكبار ومواجهة النجوم ، والامر متوقف على تقييم هؤلاء المدربين ! فما كان من (الخال) الا ان يتقدم الامر ويتصدر المسؤولية ليعلن من ان الجميع يمتلك المحاولة لنيل البطولة او الاشتراك في بطولات الفرق والاندية والجنوب والمفتوح والقطر .. كنا ننظر الى هذا الامر الذي يحمله الخال ويرتقي بأبعاده ان لم نقل يجعله قائما في نفسه .. كان البعض يفيض اليه شكرا ، لكنه يأخذ عهدا على العداء عهدا ووعدا بان يطور ادواته ، وفعلا فلقد صنع من تلك المضامير ابطالا كانوا بمثابة امتداد بوجوده الرياضي ومكانته المتألقة كلاعب ومدرب ومشرف … رحم الله البطل الدولي حكمت عبد الامام الانسان والمؤمن والبطل الكبير .. والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .