وصل بعد سنوات من الغبار يملأ المدينة التي عاش فيها رياح الصيف الحار تضطره إلى الإستلقاء تحت المروحة تيار هوائي حار يتجدد التيارات كثيرة التقلّب في حياتنا والرياح الجافة تجفف ملابسنا كنّا ما نرتديه ملابس محفوظة لسنوات تواسي أجسامنا وتخفف عنّا شراء الجديد.
قالت وهي ترتدي نفس الملابس انت ماهر في صناعة الجدران ماذا تقصدين؟ ردّت بصوت واثق قرأت عن الجدار الذي سجّل غربة الإنسان في عصر الحروب…. الحروب التي لا تموت في ارضنا والضياع الذي اذهب بالكثير من شبابنا ولا تنسى الفراغ الذي عاشت فيه البنات فراغ اكل اعمارهنّ واصبحن مِن القواعد من النساء.
_اسكتي أيتها المرأة البلهاء!
_ولكنّك انت مَن كتبتَ في قصتك الجدار.!
_انا كنت في حالة تسلّم للكلمات وكتبت باعتقادي إنّ كتابتي ستغيّر الواقع.
_آخر ما تحلمون به ايهّا الكُتاب هو تغيير الواقع انتم مستسلمون في كُلّ الازمنة يختبيء اغلبكم بنا نحن نساؤكم يستغّل بعضكم عاطفتنا بينه وبين الشرطي والضابط ومفرزة الجيش، ومفارز الاحزاب والتيارات الممتلئة بالزهو!
_١سكتي ولا تدسّي انفكِ في شؤون الرجال.
_لماذا ونحن النساء نمضي خلفكم ايّها الرجال نعرف كُلّ شيء عنكم حدّ الرائحة في اللقاءات الحميمة نسمع هذيانكم وضحكاتكم عنّ معشر النساءنعرف ١ستغفالكم لنا ونحن نملك الحيلة والدهاء.
_متى ستصمتين؟
_لقد فتحت انت ساعة الحساب والغريب منك إنّك تكتب في الجدار عن العارفين والمريدين والعشّاق ها.. ها.. ها!
بزغ الفجر والفجر فيه البكاء والألم فيه الارق ودعاء بعد صلاة تخيّل اليه إنّ الجدار قد تناسل عن الجدران الكثيرة، قال مع نفسه الآن هي في إجازة عند اهلها مراجعة لعارض فيهم.. الآن سآخذ نفساً طويلاً يلغي ما نثرته من كلمات الأمس انتم وانتم ومن نحن إذا لم نصبُ اليكن نستغفل عقولنا لتدبير جميل منكنّ عجيب هو الامر.
عاد إلى إطلاق التسميات يلهو وحده في المنزل وبعد فإنّ الجدران تنقسم إلى جدار اسود يحمل الوّد والوداعة والمحبة وتُزرع فيه الورد ويحنو الأخ فيه على أخيه الذي يرغب من الحياة أن يعيش، وفيه تثمر الاشجار والنساء بوافر من الخير كُلوا واشربوا.
عاد إلى الجدار الرمادي بدت صور الناس متعبة وكسالى تنظر إلى الصحراء تبحث عن عُشب يابس يصبح وقوداً للنار، النار حارت على مرّ الأزمان دخلت أجسادنا وحلّت بها فرحة الجائع والملهوف نار الحب الضائع طوال دورة الجدران على الأرض تنازل فيه الحبيب والمحبوب أمام هجمات الريح وبدى لهما أن ْ يشبعا البطن كي لا يدفعا ثمن الجوع. النار تناسلت مع لهيب الحديد المتشظي.وشظايا الوجوه بطفح احمر يرأفقه دموع العيون.
عرج على الجدار الأبيض قال كلامه قرب حديقة البيت :عسى أن ينفعني هذا الجدار فقد سئمت الجدارين السابقين، فتح الجدار الأبيض قرأ ويحمل البغض والجحود ويركّز على الحقد والكراهيةفيه يفتتن الناس بالاشياء التافهة يأكل البعض حياة الآخرين يرفس فيه الناس النعمة وهم يبكون، يقفز البعض على الكُل ويهرول الكُل من البعض تصفّق الأيدي كما صفقّت في السنين الخوالي يسقط ويعيش يحيا ويموت. يحاول إنسان ان يصبغ الجدار بكلّ الألوان، تحاول ١مرأة أن تغسل الجدار بالفرشاة الطويلة يحاول الأطفال ان يرموا الجدار بالحصى وأصوات الكبار خلفهم هذا جدار النحس جدار الموت.
كانت نقرات على الباب مَن؟
_انا ١مرأتك صباحاً سعيداً.
_رد:صباح سعيد لكنني لم أقل كلمتي بعد في الجدران!
تجلس على الاريكة قائلة:كنتُ طوال السنين اُردد كيف سيكون جدار الحياة عندك؟ وانا الآن مُشوّشة!
وانا كذلك قال لها وبدأ يطرق على بطنه فهمتْ هي عن حضور المائدة نصف ساعة تفحّصا وجهيهما تشابهت نظراتهما بعدما فرغت المائدة. ساد الصمت بينهما كان صوت الشاشة أمامهما عالياَ يعلن تحقيقاً عن الجدران اصابه الذّهول من ملازمة التحقيق لنواياه حول الجدران رفع كوب الشاي الحار رفعت كوبها تداخلت عيناهما في التلفاز. صوت مقدمة البرنامج :وللجدران عالم يصل حدّ الخرافة يجتاز الأسوار ويحجز المسلوبين حمايتهم ينفرهم من العيش الرغيد والناعم والسعادة.
هرع إلى إطفاء التلفاز والقضاء على صوت المقدمة. تهرع هي باكواب الشاي الفارغة إلى المطبخ تنظر اليه ضرب كفّاً بكف قال بسخرية :الرغيد والناعم والسعادة ضحك قليلاً ها.. ها أنا منذ سنوات بحثت عن الجدار يمنحني بواحدة مما تفوّهت به مقدمة البرنامج ولم احصل على شيء، الآن بنتا نحلم نحن بالثلاثة وصلت اليه تراقبه عرض عليها خلاصة البرنامج خيّرها بواحدة من الثلاث إختارت مسرعة الجدار الناعم، صاح انا إخترت الجدار الرغيد الآن بقيت السعادة أعلنا عن ١سمها سعادة الجدران او الجدران السعيدة وقَفا عند الثانية قال مسرعاً: لماذا ركنتِ إلى الجدار الناعم، ردّت هي وانتَ لماذا ركنتَ إلى الجدار الرغيد.
وعند صباح اليوم التالي تخيّل اليه إنّ الحلم يحتمل أنْ يعيد سلسلة أفكاره وها هما ينتظران زوال الشمس وحلول الظلمة على الجدران التي تمّ اختيارها عسى انْ يقفا على جدار واحد. !