صفّر مديره ثقته به فقد افنى عائلته واقرباءه واصدقاءه جميعا كذرائع ينال بها اجازاته غير المحدودة وفي ذات يوم قصد المستشفى وتكفل بجنازة مجهولة الجذور واتى بتابوت على سقف سيارة وادخلها الى دائرته وخاطب مديره :(جئت بجنازة خالتى والتابوت قربك على السيارة لتصدقنى ) ,كان حزينا متسخ الشعر مترب الوجه…
وشاءت الصدف ان مديره مر قريبا من احد الفنادق الراقية في طور الانشاء وشاهده يوجه العمال على تثبيت المكيفات في الطوابق العليا واقفا في منتصف الطريق العمومي : (هل هناك عذر يا عبود …وين جنازة خالتك ).
ــ (شكله ) \ما اقول؟ قالها مبتسما هازا يديه باشارات سخرية وهو يخاطب المعزّين في ماتم مزدحم بعد عقدين من تلك الحادثة .
واضاف : (تصوروا مرة كنت ابيع الشوربة انقلها في عربة يقودها حمارموضوعة في قزان كبير وصادفتنا حفرة فتغوط المطي وهو يجتازها فتدفق خرؤ فى القزان فقلت في نفسي : ( ولك عبود من نص الليل وانت تطبخ ..وتعب ويروح بلاش …فخلطتها بالكرك خلطا اضاف لها لونا رائعا ونكهة متميزة …وصلت ام البروم وواصلت الصياح ـ (توها حلت ….توها حلت ) تصوروا (مخاطبا المعزين الذين تناسوا تمثيل ملامح الحزن في الماتم وتدفقوا بموجة ضحك ) ..(يوميا ثلاثة ساعات وما تخلص الا في ذلك اليوم نفذت في ساعة واحدة ـ <الحموضة فعلت فعلها يمكن هه > ..توها حلت …..توها حلت وانا امزجها بالكرك
وتعالت ضحكات .. تناسوا التمثيل وردد البعض للاخر <توها حلت > ومضت كلمته مثلا في الحي…
مرة (قال) <تصحرت جيوبنا .. ماذا افعل ؟! لا يوجد خبز في المنزل …فقصدت مشفى ودخلت الطب العدلي قالوا لا احد لها .. جنازة امراة في تابوت قلت لهم <انا التزمها > اخذتها لقلب المدينة وصحت باعلى صوتي (جنازة اين المحسنون ) فامطروني نقودا … استاجرت تكسي وثبتناها وفي مفترق الطرق بين البصرة والنجف .. قلت للسائق قف واستدر للزبير .. لمقبرة الحسن البصري فاستغرب .. وتركتها هناك في مدخل المقبرة ..وعدت لزوجتي ام عبود , مثقلا باكياس المخضرات والفاكهة والارغفة .. وهكذا اكتشفت الحل فكلما تصحرت الثلاجة قصدت الطب العدلي لالتزام جنازة ).
بعد سنوات قريبا من موقع الماتم حيث انطلق المثل سيبيع حمدان الموطة ويحرك الاسطوانة صائحا في ظهيرة هاجرة
: (توها حلت … توها حلت ) فيبتسم او يضحك من يعرف القصة .