![](https://i0.wp.com/basrayatha.com/wp-content/uploads/2023/02/WAKALA-BOOK.jpg?fit=400%2C273&ssl=1)
• إشارات سريعة موجزة:
ــــ العنوان يشكل صوتان, صوت بالوكالة عن الغيب/ وصوت شخصي بالأصالة عن الكارثة.
ـــ الغيب وعرفناه, وهو المهيمن على الكون, أما الكارثة في الرواية فهي الوباء, تحول الناس إلى قرود أو هيئة القرود, يغطي أجسادهم نقابا من الشعر!
ـــ تنم الرواية على اتساع ثقافة الكاتب, وإلمامه بالنظم الدولية؛ سياسية واجتماعية, وهي تجربة أفرغ فيها كل ما يكنه نحو العالم: فيزيقي/ ميتافيزيقي.
ــــ الجنس في هذه الرواية نوع من ضياع البطل, بين القيم وخراب العالم.
ــــ مساحة التمرد على الثوابت الدينية هنا أوسع من مساحة النقد السياسي, باطن الرواية سياسي, وقشرتها دين, والدين هنا يتمثل في سؤال( أين الله من كل مايحدث لنا من كوارث؟)
( وربما كان من ترتيب الأقدار, وفي يوم مناقشة الرواية, ذلك الزلزال {الكارثة}, الذي وقع في سوريا وتركيا, قريبا من منطقة هُوية الكاتب, الأكراد, وحجم الدمار والموت الذي رأيناه, لكن للدنيا اعتباراتها, ولخالق الدنيا اعتباراته)
ـــ الرواية قائمة على التحول, تحول الناس إلى قرود, والكاتب لم يذهب بعيدا, إن كان من ناحية دارون, أو من ناحية الشبه النسبي بين الإنسان والقرد, حتى الذين “اعتدوا في السبت ” من بني إسرائيل؛ قال لهم ربهم كونوا قردة…, لم يقل كونوا كلابا أو ذئابا مثلا, ح ولسان حال الرواية؛ يتمنى العدمية لهذا الشعب الموبوء أفضل مما صار إليه.
ـــ ” الماضي اللدود ” حسب تعبير الرواية, هو مرادف الغيب عند السارد, وهو الذي راح يتكلم عنه بالوكالة أو بالإنابة, يخاطب الغيب قائلا ( ترفض أن ينوب عنك أحد/ فقط أحاول الحديث بالنيابة عنك)
ـــ في مناطق الصراع والدم, القتل والسفك والمظالم, تهتز الثوابت الدينية, على مستوى الفرد المأزوم, أو المستوى الجمعي, يطفو التمرد على الثوابت, وجود الله, القدر, المُقَّدر على الإنسان من مصائب وأزمات, وأيضا يكثر الدجل وتنتشر الخرافة.
ــــ مثل هذه الروايات القائمة على الفلسفة والذهنية إلى حد بعيد, ومعالجة الأمور الكونية, تقل فيها جماليات السرد, فتغطي تلافيف الرواية: العلمية والفلسفية والسياسية على التفاصيل الصغيرة الحميمة, ولا بد أنها تجربة لصيقة بوجدان الكاتب, يعتز بها, لأنه أفرغ فيها كل هواجسه.
ــــ الكاتب/ السارد ( مسكون بقلق الأسئلة الكبرى), جاء هذا التعبير في الرواية, وبالفعل كانت تلك الأسئلة الكبرى حاضرة على طول الرواية.
ـــ أجواء الرواية تدعو لما يسمى ( الدين الإبراهيمي), مبنى لاهو كنيسة ولا مسجد ولا معبد, عليه الصليب وصورة المسيح وهلالين ونجمة داود. ـــ ترى الرواية أن العِلمانية/ العالمانية, هي الحل, فنرى وزير دفاع الدولة المُحاصرة/ الموبوءة, يضع الكتب الثلاثة: الانجيل والتوراة والقرآن. ويكتب تحتها ( العقل ثم العقل. في غرة مارس سيتأكد العالم من فشله, وأن الخرافة كانت السبب فيما يحدث), والخرافة هنا هي تأويلات وتفسيرات رجال الدين, والفجوة الموجودة دائما بين العلم والدين حيال الكوارث والأزمات, يؤكد ذلك مقولة جاءت في النهاية..( أن العون جاء من الأرض وليس من السماء )
ـــ الرواية ليس لها مكان محدد, لكن من الممكن أن تكون المنطقة العربية حاضرة في ذهن الكاتب/ السارد, يخاطب ذلك “الماضي اللدود” قائلا ( صوتك دائما أعلى من صوتيّْ الحاضر والمستقبل), وهل في العالم قوم يقدسون الماضي مثل المنطقة العربية؟, وعند كتابة الرواية, يستدعي الكاتب الأزمنة والأمكنة بلا ترتيب منطقي.
ـــ الكارثة الكونية, هي الحدث الذي ليس لها حل بشري, ولا علمي, يحار فيه الفكر, فلا يكون أمام الإنسان إلا نقد الغيبيات, وإيقاع اللوم عليها, بأسئلة من قبيل: أين الرحمة/ أين العدل…., تقول الرواية ( التنظيم الدقيق اللامتناهي للحياة, ومحاولات الأديان والفلسفات تفسيره.. اكتشفنا أنه شديد الهشاشة)
ـــ الرواية تُعتبر تداعيات لأحداث وأزمات كونية كبرى, يكتبها الكتاب بعد حروب عالمية, كوارث يشيب لها الولدان, وتصاب العقول بالذهول, أمور أكبر من طاقة وفهم واستيعاب الانسان, وهي غالبا أمور خليط من الغيبي والمشهود, لننظر إلى تصرفات وسلوكيات وقناعات العالم بعد الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال.
ــ الكاتب/ السارد صنع الكارثة في عالم الواقع, فرغم الفانتازيا التي تقوم عليها الرواية, إلا أنها تجري على أرض الواقع, بكل مفرداته, مجلس الأمن, الحرب العالمية الأولى والثانية. اليابان وغيرذلك, ويُحسب له أنه لم يصنعها في عالم افتراضي, فكان الخيال على أرض الواقع أفضل, خيال من لحم ودم إذا صح التعبير!!, ممزوج بواقع ملموس.
ـــ الفصل 13 ربما ابتعد عن سياق الرواية/ الكارثة/ الأزمة.. ربما جاء لتأكيد فلسفة واتجاه الكاتب/ السارد, نحو السرديات/ الأسئلة الكبرى.
ـــ اللغة في الرواية من أهم جمالياتها, لغة فنية شاعرية, على سبيل المثال قول السارد ( الأمل مخلوق لطيف يشبه الممرضة الحسناء)
ـــ تناقش الرواية جدلية الدين والفلسفة والعلوم, وكيف أن موقف رجال الدين في مثل هذه الحالات , أضعف من موقف رجال العلم, موقف رجال الدين مُحرج, فلا جواب عندهم سوى النص, وما يملكون غيره؟!, أما الروائي/ الفيلسوف. فتكون الإجابة عنده ( ماعُدنا نعرف متى يتقبلنا الله عن حب, ومتى يبتلينا عن عقاب)
ـــ يقول الكاتب/ السارد أن شخصيات الرواية, أي رواية, طبائعها وأقدارها مكتوبة في ” لوح محفوظ” في خيال الكاتب, وهو تعبير مبتكر وجميل.
ـــ الرواية تدعو إسرافيل لتجهيز بوقه لعزف معزوفات للحياة, للجمال, وليس للفناء والخراب, مما يؤكد كمية التمرد والرفض الذي يخنزنها الكاتب/ السارد تجاه ذلك الغيب الذي يتكلم عنه بالوكالة.
ـــ بدأت الكارثة, الوباء, تحول الناس إلى قرود يغطي أجسادهم الشعر الأسود, وهو ذاهب إلى عمله راكبا سيارته, يسمع أخبارها في راديو السيارة / وفي نهاية الرواية يقول ” أقود سيارتي ناظرا إلى حركة الشوارع, ما من شيئ غير عادي, الناس تمضي إلى أعمالها ومشاغلها”, وكأن شيئاً لم يكن, تقنية الدائرية في الرواية, ربما جاءت كدلالة على دائرية التاريخ عند بعض الشعوب, وربما تخرج من كارثة لتدخل في كارثة أخرى.