جلس سيدنا الدكتور، في مقهى راق جدا، وأخذ يتصفح هاتفه، لا يضع إعجابا للمنشورات، إلا إذا كان أهلها حاصلون على شهادة الدكتوراه، خصوصا للذين يضعون حرف( الدال ) أمام أسمائهم، أما الباقي فهو يعتبرهم غير ناضجي العقول، والفكر …حتى وإن كانت منشوراتهم جميلة وفيها عبرة وحكمة.
دأب صاحبنا الدكتور المغرور، على حاله هذا، حتى في حياته اليومية، لا يعطي قيمة، سوى لمن يحمل شهادة كارتونية،
تثبت أن صاحبها دكتورا، في تخصص ما_ إنه العجب في أبهى صوره بحرف الدال _ فمادام الخضار والجزار، والبناء والحداد، والطالب…لا يتوفرون على تلك الشهادة فهم في نظره، مجرد أشخاص يمكن الاستغناء عنهم، ولا دور لهم في المجتمعات فكريا، اللهم ما كان من إمدادهم للناس بالسلع والخدمة …
وفي يوم من الأيام أخذ المطر يهطل بغزارة، وحل فيضان مريع بالمنطقة التي كان يسكن فيها، غمرت المياه المساكن، وضاعت وثائقه، عاد إلى الجامعة لتسلمه نسخة من شهادة( الدال) فوجدها هي الأخرى ضاعت منها الوثائق، وصارت الجامعة مجرد أطلال .
أخذ يحدث الناس بأنه دكتور، ولا أحد يصدقه، كاد يجن، وهو الذي فقد الشهادة كدليل من أجل العمل، لكن لا أحد كان يصدق أقواله …
وجد نفسه يوما مساعدا لبقال، ويبيع الفواكه الجافة في نفس الوقت، كان سيدنا( الدكتور) يلف حبات عباد الشمس، والصوجا، وحبات الحمص المقلي …ثم يناولها للأطفال والنساء، بعد قراءة ما كان مكتوبا على تلك الأوراق الشاردة، في دكان يوجد في أقصى المدينة.