١- المقدمة:-
أن تتمرد، معناه أن تستعيد ذاكرتك، تلبسها ثوب الثقة، لا للتترفع عن الواقع، وإنما أن تكون مصاحبآ فعليآ، وتترك الوهم السائد في الإنسان على إن التغيير-تمرد لاأكثر-.
مسرحية (في إنتظار فلاديمير) هي نسق عبثي، ظفر جدائلها شاب سومري وتوجها بالحداثة بمشاكسات خطابية، الهدف منها هو التغيير، الخروج من المأزق، وعلينا أن نكمل الدرب بخطى جديدة مغايرة للواقع، تعيد لنا الثقه بأنفسنا أولآ.
٢- مسرح العبث : –
هو ليس تمرد على الواقع ولا مشاكسة، بل هو تتويج للواقع (بفلسفة طريق مغايرة) وبها نتجاوز محنة الواقع المريربحيث نفتح لها أبواباً ونوافذ جديدة مغايرة، هدفها إصلاح مفاهيم الإنسان في التعايش السلمي من خلال خلق السلام الداخلي أولآ.
٣- حكاية العرض : –
مسرحية (في إنتظار فلاديمير)، مبنيه على انقاض ثيمة أخرى ألا وهي مسرحية (في إنتظار غودو) وكما نوه عنها مخرج المسرحية. مسرحية في إنتظار غودو للكاتب الايرلندي (صاموئيل بيكيت) كتبت في عام١٩٥٢باللغة الفرنسية، وهي من مسرح (العبث) وتدور أحداثها بين رجلين أحدهما يدعى (فلاديمير – بوزو) والثاني يدعى (إستراغون- لاكي الصبي) وهما شخصيتان معدمتان، شخصية فلاديمير(المتشرد الفلسفي) و شخصية إستراغون (المتشرد المتعاجز) من كل شئ حتى أنه يتعاجز من نزع حذائه. ينتظران شخصآ يدعى (غودو) ولا يصل أبداً ينتظرانه لمدة يومين كاملين، أملآ ان يخلصهما من حالة البؤس والفقر واليأس التي يعيشانها، لكن فلاديمير واستراكون عرفا بأن (غودو) لن يأتي، لأنهم لايعرفان (أين ومتى) سيلتقيان به، ولا يعرفانه أصلآ، حتى إن فلاديمير يقول ( لانعرف جيدآ، ولكن نوعآ ما)، ولكن مسرحية (في إنتظار فلاديمير) كتبت في نهج مغاير لثيمة مسرحية في إنتظار غودو، ربما تكون هي (تمرد آخر أو مشاكسة إخرى تدعو إلى الخلاص).
تذهب مسرحية في إنتظار فلاديمير لمنحى درامي آخر ألا وهو – محاكمة المؤلف(صموئيل بكت) لانه زرع في أنفسنا فكرة (عجز الإنسان) وهذا ما يدعيه مؤلف العمل المسرحي الكاتب المبدع (مثال غازي) وهي محاكمة لما جرى من أحداث الانتظار لشخصية (غودو) – المخلص المنقذ –
المتهم :- يدعى صاموئيل بيكيت.
القاضي :- يدعى إستراغون.
وهنا المفارقه؟ كيف الشخصية معدمة، رثة الثياب، متشردة، مثل شخصية إستراغون، هي التي تدير إستنطاق المتهم مثل شخصية صاموئيل بيكيت؟ وتحاكمه بسيل من الاتهامات (الافتراضية) وعلى شكل أسئلة سريعة فيها إتهامات (لبيكيت) لما فعل بهم، من خلال – تعزيز فكرة العجز في نفوسهم وجعلهم يتخبطون في حياتهم دون جدوى. أقترح أن يكون عنوان المسرحية (في إنتظار إستراغون) بدل من العنوان ( في إنتظارفلاديمير)
وأعيد العناوين والمناصب : –
المتهم : – صوموئيل بكت.
القاضي : – فلاديمير.
لان شخصية فلاديمير، هي شخصية فلسفية قادرة على إدارة الحوار وإستنطاق المتهم، بعكس شخصية إستراغون المعدمة العاجزة دوماً وليس لها أي تأثير على شخصية مثل( صاموئيل بيكيت) وغير قادرة على إدارة الحوار، لأنه ( متعاجز).
مسرحية في إنتظار فلاديمير، محاولة جادة من قبل المؤلف الشاب المبدع (مثال غازي) في تدوير ثيمة العرض، واعطاها بريقاً ملفتاً للنظر، وأقول وبأعتزاز، إن الكاتب المبدع (مثال غازي) أعطى أبجدية جديدة لكتابة الخطاب المسرحي، حيث جعل المتلقي (يفكر، ويسأل)، وهذه هي قيمة المسرح، وتأثيره الوجداني.
٤ – فلسفة العرض :-
يعتبر الفن المسرحي – هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي، وهو حالة جمالية لا تجد نفسها الا داخل فلسفة المسرح، بحيث تقدم أفكارها على المسرح باعتباره – منظومة فكرية ثقافية أعدت للمواجهة.
المسرح( هو تفكير في تفكير)، إي الفكرة تطرح وتناقش بين الممثل والمتلقي حيث يكون التأمل ثالثهما للوصول إلى الأمل المنشود.
مسرحية (في إنتظار فلاديمير) هي إنعطافة جديدة في وجه المتلقي، عندما كتبها المؤلف وفسرها المخرج بمعالجات دلالية تلفت النظر.
في انتظار فلاديمير هو حصار لذات الإنسان المعذب، وتزداد شدته كلما عبرنا حقبة زمنية، وإذا أذعنّا لهذا الحصار ولم نحرك ساكناً معناه – ازداد الوجع وكثر الهم بكثرة السجون وإزدياد الوباء وأصبحنا كالحي الوجوه والصفرة تعلو جباهنا باضافة إلى الخوف والقلق من قادم الايام وفي النهاية نخسر إنسانيتنا وهي الأهم الاعظم، وقد يكون التمرد أو المشاكسة (لائقة أو غير لائقة) وفي النهاية لابد من حسم جميع الأمور لكثير من مشاكلنا العالقة والتي نوهت لها مسرحية في إنتظار فلاديمير.
ملاحظتي للعرض هناك نوع من القسوة على الشخصيات التي فرضها المؤلف أو استحدثها المخرج من خلال المعالجة الاخراجية، وقد تكون ناتجة من (سادية) القدر. وكما بين (آرتو) حول ماتعنيه القسوة، (الجهد قسوة، التواجد إلى الجهد قسوة، الانتظار قسوة، وما يطرأ من أحداث في الانتظار، هوقسوة مركزة.) ولو فكرنا نحن ( المشاهدين) بدعوات المخرج (سجاد حسين) بأن لانجثو على ركبنا، أو لانختلق سجوناً بلا نوافذ،
ودعانآ أيضآ ان نفكر بالخلاص، والخلاص هو مشروع الابدي للأنسان.
٥ – الأيقاع : –
كل عرض مسرحي يعاني من هبوط الإيقاع، لأن الإيقاع – هو الضابطة الداخلية المركزية- للعرض المسرحي، وخاصة في مسرحيات (المونودراما)، أو المسرحيات المسهبة في الخطاب، وكثير من المخرجين والممثلين يعانون من هبوط الإيقاع، الإيقاع – هو الدبوس الذي يمسك الاوراق كما بين ( سينيكا). الإيقاع هو الحافز الداخلي الحسي، ويعتبر هو المفتاح لكل حركة أو إيمائة إو دلالة. واذا أردنا ان ندقق في الإيقاع :-
أ – الجمل التي تكتب من قبل المؤلف تكون ضمن نطاق الإيقاع.
ب – المكان والزمان يدخلان في نطاق الإيقاع.
ج – الديكور، الاكسسوارات، الموسيقى، الاضاءة، والمناظر المسرحية. كلها تسعى لتحقيق الإيقاع.
ويرى ( الإسكندردين) – بأن ايقاعات العرض المسرحي يجب أن تتماشى مع الإيقاعات الداخلية الحسية. الإيقاع يحقق المسافة الاجمالية، بين الممثل والمتلقي. لذا يجب مراعات الإيقاع، لكونه الضابطة المركزية للعرض المسرحي.
الخاتمة : –
(المسرح يحتضر في مدينة الناصرية) عبارة تكلم بها الدكتور ياسر البراك معلم جماعة الناصرية للتمثيل وعرابها الكبير، نحن بحاجة الى اسعافات مسرحية تنعش مدينتنا الجميلة، الناصرية في كل فترة، أو بين حين وآخر، لتكون هناك ديمومة مستدامة لفن المسرح.
شكرآ لجماعة الناصرية للتمثيل – مؤلفين، ومخرجين وممثلين وفنيين، والشكر موصول إلى الأخ العزيز الدكتور ياسر البراك الأب الروحي والمعلم الكبير لجماعة الناصرية للتمثيل.
تمنياتي للجميع بالموفقية والنجاح الدائم.
الناصريه / سوق الشيوخ
—–
* مسرحية في إنتظار فلاديمير تأليف :- مثال غازي إخراج :- سجاد حسين تمثيل :- جماعة الناصرية للتمثيل قدمت يوم الاثنين والثلاثاء ٢٠٢٣/٦/٢٧،٢٦ في قاعة النشاط المدرسي /الناصرية