
البديل والمعيار والبوصلة ، هى ثقافة حقوق الانسان الكاملة دون تمييز.
فى سوق التقدم الحضارى ، العبرة ليست فى حجم العدد . فحكم الأغلبية أو الأكثرية،
لم يكن أبدا ، دليلا على العدالة وازدهار الحريات ، وتحقق السعادة .
حسب صناديق الاقتراع ، ، فى الأنظمة الديمقراطية ، يتاح ل 100 شخص محدودى العلم والمعرفة والرؤية والمواهب والخيال المبدع ، حكم 99 شخص من ذوى العلم الغزير والمعرفة العميقة والقدرات والمواهب .
هل يقبل العقل الحكيم بأن تكون الأرقام هى المتحدث الرسمى الشرعى ، للعدالة والحرية؟.
الديمقراطية كلمة أصلها يونانى ، مشتقة من ” ديموس ” تعنى الشعب ،
و” كراتوس ” تعنى الحكم . وذلك ضد الأرستقراطية وتعنى ” حكم الأفضل ” ، وكانت تصف النظام السياسى ، فى ولايات أثينا القديمة فى القرن الخامس قبل الميلاد ، حيث
” النخبة ” المؤهلة للحكم مقصورة على الرجال الأحرار العقلاء ، واستبعد النساء والعبيد .
سقراط 470 – 399 ق . م ، وتلميذه أفلاطون 427 – 347 ق . م ، يؤمنان أن حكم الأفضل هو بالضرورة لطبقة الفلاسفة الملوك ، التى تمزج بين حب الحكمة ( الفلسفة ) ، والسلطة السياسية .
وكان سقراط ناقدا عنيفا للديمقراطية ، التى ستجلب بالضرورة حكاما يفتقرون الى مهارة القيادة . وهو يفضل فساد وطغيان النخبة الأقلية ، عن فساد وطغيان الأغلبية .
وكثير من العلماء والأدباء أيضا ، يحذرون من عواقب الديمقراطية . مثلا جورج برنارد شو 26 يوليو 1856 – 2 نوفمبر 1950 ، الكاتب والمفكر الايرلندى ، الذى اعتبر الديمقراطية هى أن يحدد مصيرنا بواسطة أهواء الغوغاء و الجهلة والحمقى . وقبله قالت مارجريت جاردينر 1 سبتمبر 1709 – 4 يونيو 1849 كونتيسة بليسينجتون هذا المعنى :
” أن الاستبداد يخضع الأمة لطاغية واحد والديمقراطية تخضع الأمة للكثيرين “.
وأوضح بعض المفكرين أن لا فرق جوهرى بين الديمقراطية ( حكم الشعب ) والديكتاتورية ( حكم الفرد ) ، حيث الديمقراكية تبدأ بالتصويت ثم تفرض الطاعة ، أما الديكتاتورية تفرض الطاعة دون اهدار الوقت فى التصويت .
أما جان جاك روسو 1712 – 1778 ، الكاتب والفليلسوف الفرنسى ، صاحب فكرة العقد الاجتماعى ، قال مقولته الشهيرة : ” رصيد الديمقراطية الحقيقى ليس فى صناديق الانتخابات ولكن فى وعى الناس “.
ويخبرنا الباحث السياسى الأمريكى ” أوستن رانى ” 23 سبتمبر 1920 – 24 يوليو 2006 ، فى كتابه ” سياسة الحكم ” ، أن الديمقراطيات بجميع أشكالها وتطوراتها
الحديثة ، قد حكمها الأشخاص لا القانون .
فى أمريكا وفى الغرب ، لا توجد ديمقراطية كما يزعمون . فمنْ يصل الى الترشح ، يجب أن ينفق الملايين أو المليارات فى الاعلان والدعاية عبر كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة . وهذا متوفر للأثرياء فقط ، أى فئة قليلة من الشعب ، تملك الأموال وآليات الكذب والتضليل ، وشراء الاعلام الجاهز للتأجير دائما ، للتأثير على ناس أصلا مغسولة الأدمغة .
ان الأنظمة السياسية فى أوروبا وأمريكا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، التى تصدر فكرة الديمقراطية للعالم جاءت بسياسيين ورؤساء لا يختلفون جوهريا . مثلا فى أمريكا ، يتنافس الحزبان الديمقراطى والجمهورى طوال الوقت ، وفى أوقات الانتخابات يخدعوننا بتصاعد شراسة المنافسة . لكن الاختلافات بينهما طفيفة ، لا تصل الى معارضة جذور النظام الرأسمالى.
وحسب تقارير المؤسسات الراصدة للديمقراطية فى العالم ، فان هناك تراجعا فى التوجهات الديمقراطية على مستوى العالم ، فى العقد الأخير ، وظهر مصطلح ” الدولة المفترسة ” ،
و ” التدهور الديمقراطى ” . وهذا طبيعى لأن الديمقراطية تحمل داخلها بذور فنائها ، عاجلا أو آجلا . لو كانت صالحة ، لأثمرت سعادة الانسان على كوكب الأرض . أليست هذه هى الغاية فى نهاية الأمر ؟؟
الانتخابات الحرة والديمقراطية واسنفتاء الشعب الألمانى ، جاء بهتلر الى الحكم فى ثلاثينيات القرن الماضى . الشعب أراد هتلر ، الفاشى ، وواحد من الأساتذة الكبار فى الاجرام والتوحش والاختلال العقلى والنفسى وجنون العظمة ، على مدى التاريخ . لقد تقدم الحزب النازى فى الانتخابات ، وأيده القوميون والرجعيون والموالين للحكم الملكى والكاثوليك وأنصار الحزب الجمهورى ، وأيضا أيدته الأحزاب الديمقراطية . وكان شعار هتلر فى حملته الانتخابية ” هتلر فوق ألمانيا “.
وفى الخمسينات والستينات من القرن الماضى ، لو أجريت انتخابات ديمقراطية نزيهة واستفتاءات شعبية ، لكان الشعب الأمريكى أيد بقاء التفرقة العنصرية بين البيض والسود ، ، ورفض حركة الحقوق المدنية التى تزعمها مارتن لوثر كينج الابن 15 يناير 1929 – 4 أبريل 1968 ، والذى أغتيل لتمرده على رغبة الأكثرية من الشعب الأمريكى آنذاك .
فى مصر ، الم تجئ الانتخابات عام 2012 ، بمحمد مرسى الاخوانى ، الى الحكم ، وكان أول رئيس مدنى منتخب ؟؟. وكانت سنة حكمه ، خرابا على الوطن ، ومحاولة لبيع مصر بالجملة والقطاعى .
اذن القول بأن الديمقراطية هى الحل ، خدعة كبيرة يتم ترديدها دون تحليلها وتفنيد تاريخها والتفكير الجذرى فى مقوماتها ومعناها وآلياتها وعواقبها . ان الاستفتاءات الشعبية لأغلبية جاهلة مغيبة مغسول عقلها بسيطرة رجال الدين والاعلام الذكورى، لن يجلب الا التخلف والنكسات وترسيخ التفرقة .
البديل اذن كما أسلفت هو ” حقوق الانسان ” ، التى يتذوقها الجميع ، كما الموت .