
أتمشى هذا الصباح وأنا أحمل جزءًا زائدًا في بطني. إنه الامتلاء من الطعام الذي أكدّسه، ربما ميلًا لمحاولة النسيان، أو ردم ذكرى عنيدة… ذكرى عنيدة تواصل النهوض مرارًا وتكرارًا.
وضعتُ هاتفي جانبًا فوق الكرسي الخالي، بجانب قنينة الماء، في حديقة منطقتنا الكبيرة. وأنا أؤمن بأن لا يدَ سارقٍ هنا تلمسه حتى. أعرف جيدًا أمانة الناس في مكاني الذي أعيشه.
لكن فجأني ألم في قلبي، وضاق حَيّز تنفسي، على الرغْم أن الطقس معتدل في هذه الساعة الصباحية مع شروق الشمس.
فكرت: لو كانت أمي معي، لسمعتُ إجابتها المعتادة: “إنها معدتك، وليس قلبك!”
أهو تشخيص خبرة كل هذه الأعوام؟ أم ماذا؟
فكرتُ: ربما هي محقة؟ المعدة عضو حساس ومهم، يشعر بغضبنا وحزننا. أو ربما هي الأمعاء؟ كما قرأت في كتاب مرة، اسمه عَلاقة العقل بالأمعاء. يقول إن الأمعاء ليست مجرد جزء من الجهاز الهضمي، بل هي مركز هام للتواصل مع الدماغ، حيث تلعب دورًا حيويًا في تحديد الحالة المزاجية والسلوك.
إذًا، هناك عِلاقة وثيقة واتصال بين الأمعاء والعقل. كلاهما يؤثر في الآخر.
ألا يُقال: “إن العقل السليم في الجسم السليم”؟
إنها عَلاقة متشابكة، مترابطة، كعلاقة العائلة بعضها ببعض. إن كانت متفاهمة، ستكون صحية وسعيدة، والعكس…
تمر الساعة التي حددتُها لممارسة رياضة المشي، لتقليص وقت الجلوس. هذه الساعة أسميها “ساعة الصبر”، التي أحاول أن أجعلها دائمة، لحق جسدي وعقلي عليّ.
ألّا أسمح لصوت الكسل أن يُنَحّيني عنها. كما إنها، برغم كل شيء، الساعة المُشتهاة التي أحبها، وأحب فيها أنني أنتصر على نفسي!
أعود إلى البيت. وكما هي العادة، على ارتدائي حذاءً مناسبًا لتغطية قدميّ، إلا أنني أشعر بضرورة تدليل قدميّ بحمام خاص بهما أولًا.
أنتبه لتشققات طفيفة فيهما. لا يزعجني منظرٌ بقدر هذا المنظر.
أحاول ألّا أراهما هكذا، بقدر ما أستطيع، وأن أهتم بهما ملساء، حتى لا تزيد تلك التشققات.
نظرتُ إلى تلك التشققات، وطفرت من طرف عيني دمعة شحيحة.
حينما تكون الذكرى مؤلمة جدًا، حتى الدموع تبخل في زخّها.
تذكّرت كيف كانت علاقتي ب رضا في ذلك البلاد الغريب، كيف جعل من نفسه بيتًا لي. وعندما صرنا في بلدة واحدة، يفصل بينهما أمتار، صار يتنصّل مني بحجة نكدي وصراخي.
ما كان حلوًا هناك، أصبح لديه الآن علقمًا ومُرًّا.
لا أدري، الآن بعد فراقنا،
كم لغمًا عليّ إزالته قبل أن أواصل حياتي؟