
تم الاحتفاء بالتَّجربة الإبداعية للمبدع والأديب ” عبد الله فراجي”، حيث انطلق اللقاء الثُقافي بمقهى “مشيل جوبير” بمكناس بحمرية ..بمداخلة قيمة للمُحتفى به؛ عريس النسخة الخامسة للمقهى أثار فيها التقاطع الوشيج بين الفلسفة والأدب، إلى جانب قراءة شعرية لأحد قصائده، بعد كلمة ترحيبية بالحضور النَّوعي الذي حج للمقهى من مدينة مكناس، وخارجها ألقاها الشاعر “الحسين نكور”..ثم المداخلة الأولى للأستاذ الناقد “عبد الله الطني” الموسومة ب:” شعرية الكينونة بين الفلسفة والأدب / قراءة في المُنجز الإبداعي للمبدع ” عبد الله فراجي”..وهي قراءة عميقة لناقد مسكونٍ بروح الفلسفة ..يتسلل من فجوة العتمات، ليعانق آفاق الضوء الغميسة بنور الفلسفة ليفتت المقروء ..سابرا حمولاته ودلالاته، بروح الناقد الْمتوثِّبِ نحو المعرفة،..وقد أصابته سهام التَّجربة الإبداعية القوية للمحتفى به؛ ليقرأها بنفس النَّاقد الحصيفِ الرَّصينِ الحريص على فحص النُّصوص بعمق، مقتفياً مراحل الفكر الفلسفي سواء الفلسفة الغربية، أو الفلسفة العربية الإسلامية ،وصُولاً إلى تأثر المبدع / المترجم بالعمق الفلسفِيِّ..فهو الأديب والقاص والْمترجِمُ، الَّذِي لا يقترب من النَّص، إلا وقد تسلح بكل هذه الذخيرة المعرفية ليبدع نصوصا قمينةً بالتَّبني والتَّلقي.
ثم تلته مداخلة الاستاذ” محمد بوحاشي”، بعنوان:” سَفرٌ في مدارِ الانكساراتِ والخيباتِ” قراءة في المنجز الإبداعي للشَّاعر ” عبد الله فراجي” ..مُحاولاً بدوره إثبات التَّواشٌجاتِ بين الحقل الفلسفي، والأدبي ..مُركِّزا في مداخلته على الكتابة الشِّعرية لَدَى الشَّاعر الْمُحتفَى به..يقول عن كتاباته الشِّعرية : ” هو الشاعر القلق ..المحتفِي بالاستعارات النوعية التي تحفن من معين الفلسفة ..فهو يستعير من. الفيلسوف الصيني ” لي شي” ليكتب صوته..صهيله ..يرتدي نظارات الفليسوف الشاعر ليكتب نُصوصه العميقة..”.
هو الشَّاعر المسكون بقضايا الإنسان، والعالم، وفق رؤيوية عميقة للوجود وللموجوداتِ ..يكتب بالقلم والقدرِ ..لايكتب الشاعر حسب الناقد ” محمد بوحاشي” من فراغٍ، فهو ابن الحضارة الإنسانية مُكتَوٍ بلهيب تناقضاتها ليكتب ألغامها، وتمزقاتها، وحروبها الكثيرة”.
خرائط المبدع لا تكفُّ أن تُزْهِرَ رغم ضبابية العالم ..ثم سُرعانَ ما انتقل للكشف عن تقنية الكتابة الشِّعرية عنده ؛والتي تنضح بالمفاهيم الفَلسفية ..منها السُّؤال الفلسفي وفق حركية وسيرورة الحَياةِ ..فالشَّاعر
لا يكفُّ عن تساؤلاته الفلسفية من جداول الفلسفة يغترف لتتَوقَّدَ مَعانِيهِ الشِّعريةِ ..وهو الناقد النَّاهض من نور الفسلفة، وأنهارها، محاولا أن ينعتق من ليالِي الظلم والظَّلامِ..انكتبت أشعاره ولبست وهجَ السُّؤال الفلسفي، والرمز والأسطورة والغرابة..إذ لا يكف الشاعر أن يكون شاعرا فيلسوفا ..
خطابه الإبداعِي لا يتنصَّلُ من الجُرأة الفلسفية ومن الحفر الإبستيمِي للكشف عن الأقنعة المجتمعيَّةِ ..غير مُتخلٍّ هُوَ عن قناع الإنْسان/ الكائِن المسْكُونِ بالقلقِ الْوُجودِيِّ..
كتاباته حسب الأستاذ” محمد بوحاشي”؛ تقاطع خطابات عدة ” التاريخ؛ الفكري الفلسفي ..الخ..إذ يعمد المبدع إلى تحويرها وَفْقَ شِعرية خَاصة ..ليختم مداخلته بالقول بفرادةِ المنْجزِ الإبداعيِّ للمحتفى به.لتعقبه شهادة الأستاذ ” عبد الناصر لقاح ” ووصلة غنائية لأشعار المحتفى به من أداء الفنان والملحن الموسيقي “أحمد بلحسين ” ..واستمر الاحتفاء بتجربة الشَّاعر ” عبد الله فرجي ” من قبل الأستاذ ” جمال عبد الدين الزروقي” من مدخل انكباب المبدع على الحُروفية والمَعنى؛ التي استثمرها الشَّاعر في أحد دواوينه الشِّعرية ” ..المداخلة النقدية التي انصبت على نقد لغة الشَّاعر، وأسلوبه في الكتابة ..الأسلوب الذي وسمه بالمتشذرِ والمتشظِّي ..وهو أسلوبٌ يكشفُ عن تجديد الموروثِ في الكتابة الشعرية عند الشاعر ” عبد الله فراجي”، ناهيك عن حضور الانزياح في كتاباته القصصية..نصوص وأشعار تكشف عن فعل السُّقوطِ في قضايا الإنسان الْمُعاصِرِ ..لتختتم فقرة الشهادات بشهادة للقاص ” بوعزة الفرحان” أثنى فيها على تفرد التَّجربة الإبداعية والفِكرية للش؟َاعر والأديبِ ” عبد الله فراجي”..مُعتبراً تجربته الإبْداعية متنوعة مُغرية بالتَّلَقِي والقِراءة ..لما تحفَلُ به من إيحاءٍ ورمز واستعاراتٍ وأبعاد فلسفيةٍ ..فهو الكاتب المتعدد، والمترجم والقاص ..ينطلق من الذات ليقرأ الوجود بعمق بعد اختمار الإنصات للذاتِ والمُحيط ..هو الكاتب الذي يسبُرُ حيوات الذَّات المنْصِتة بعمق للتَّجربة الإنسانية الثَّرية بالمتناقضات..ويشير إلى كونه كاتب لا يستقر على مَرفإ للكتابة، فسفينته ترسُو عند كل القضايا المجتمعية المُتَّسِمة بتعدد الرُّؤى ..متلفعة ذاته بالجمال والإبداعِ المنشغلِ أيضا بقضايا الانتماء للوطَنِ..
واللقاء لم يخل من عناق الشّاعر حقل الكتابة للطفل؛ إذ قدم الملحن والفنان الموسيقي” أحمد بلحسين” أشعارا مغناة، من توقيع الشاعر المبدع تحتفي بعالم الأبوة الظليل، ونشيد ” حنانِ الأمِّ” ..
في حنانِ الأم أمنٌ وابتهاج واحترامْ
قُبلةً منْها سلامٌ وارتياحٌ. وانْسجامْ
حضنُ أمِّي فيه لُطفٌ. فيه رفقٌ واهتمام
في حُنُو الأمِّ عطفٌ فيه حبٌّ وابتِسامْ
في ظلامٍ الليلِ تدعو. في سُهادٍ لا تنامْ