يعجبني في الاخ رمزي العقراوي، معد ومترجم هذا الكتاب،(1) انه كاتب متعدد الاهتمامات، واهتمامه بنوع من المواضيع التي قلما نجد من يعنى بها خاصة في منطقة بادينان على الاقل. واقصد اهتمامه في السينما والتصوير والترجمة، ويعجبني فيه ايضاً لباقته وتواضعه الجم في التعامل مع الاخرين، هذا فضلاً عن ان قضايا الشعر والادب تأخذان قسطاً من وقته وهو الذي يدير مكتباً متواضعاً للطباعة.
تعرفت على العقراوي منذ اكثر من عقد ومن خلال كتاباته في الصحف والمجلات، فهو من مواليد مدينة عقرة سنة 1954، هذه المدينة التي كانت مؤهلة اجتماعياً وسياسياً لأن تصبح من اهم مراكز الثقافة في بادينان، الا ان ذلك لم يحصل لاسباب ليس هنا مكان لشرحها.
عاش العقراوي ردحاً من الزمن في مدينة الموصل، لذا فهو يجمع بين الثقافتين العربية والكوردية، فقد بدأ يقرض الشعر منذ سنة 1970، ومن دواوينه المنشورة كوردستان حبيبتي. “من لهيب كفاح الكورد” و”اشراقة الضمير”، وذئاب الانفال، وكان قد نشر اولى مقالاته الادبية في مجلة (اسرتي) الكويتية في مطلع سنة 1979، واخر ما صدر له من قبل مديرية الطباعة والنشر في دهوك كتاب “بابةتيَن سينةمايي وفوتوطرافي” مواضيع في السينما والتصوير سنة 2012.
اننا اليوم بامس الحاجة الى ترجمة المزيد من المواضيع المختلفة الى اللغة الكوردية لننسجم ونواكب روح الحضارة والمستجدات التي يشهدها العالم، ان كل ترجمة تفتح عيوننا على قيمة ما انجزته البشرية من اعمال، فالترجمة تمثل التحدي الاكبر للغة، اية لغة، منها واليها، حيث تكون مؤكدة على التواصل مع اللغات، واللغة الكوردية ليست استثناءً من هذه اللغات، انها اذ تترجم تختبر امكاناتها عبر ادواتها، خصوصاً من لغات متقدمة بتجربتها الثقافية، من مثل اللغة العربية، فهي تغتنى بها، بقدر ما تثبت وجودها حيث تتعرف على الاخرين عبر لغاتهم، فالترجمة بمثابة حوار من نوع راق وصعب، من هنا تأتي اهمية الترجمة الى اللغة الكوردية، حيث يسهل امكان القول : قل لي ماذا تترجم، اقل لك من انت، على حد قول احدهم.
ان ما ذكرته هو الذي دفعني الى ان لا أرد طلب الصديق رمزي العقراوي في تقديم كتابه للقراء، مع انه لم يُتح لي فرصة الاطلاع على جميع ما ترجمه واعده، بل على نماذج منها وحفنة واحدة تنبيء عن ما في الحمل، كما لا استطيع ان احكم على دقة الترجمة والقول ان اصاب فيها، لعدم المامي الكافي باللغة الكوردية.
يضم هذا الكتاب في صفحاته ( 120) موضوعاً معداً ومترجماً اختاره الكاتب من ثقافات عالمية مختلفة ليستفيد منه الكتاب والباحثون الكورد، الذين لا يستطيعون الاطلاع عليه بلغته الاصلية، وضمه في هذا الكتاب الذي أطلق عليه عنواناً معبراً هو” كولبذيرا رةوشةنبيريا جيهاني (ويَنة وبابةت) ” باقة مختارة من الثقافة العالمية (صور ومواضيع).
ومن المواضيع التي اطلعت عليها واستوقفتني:”رؤى في ظل الطاغية” المقتبسة من رواية (حفلة التيس) لماريو يوسا، والتي تثيت ان الطغاة والدكتاتوريين في جميع انحاء العالم تجمعهم صفات مشتركة بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية، فالطغاة – على حد قول الراوي- يحولون اتباعهم الى شخصيات كارتونية بلا كرامة وبلا شعور او احساس، يحولونهم الى مسعورين يعملون فقط لارضائه وتقبل عطاياه السخية.
اما موضوع فلم (اسمى خان) الهندي الذي حقق نجاحاً غير متوقع في عدد من دور السنما المصرية، فمليء بالدلالات والنتائج التي افرزتها حادثة 11 ايلول 2001 التي ادت الى انهيار برجي التجارة العالميين بنيويورك، الفلم يتناول قصة حياة شاب مسلم كان يعيش حياة طبيعية جداً في امريكا، الا ان حياته انقلبت رأساً على عقب بعد 11 ايلول 2001، كان هذا الشاب يؤمن قبل الحادثة بان لا فروق جوهرية بين الاديان، وان العالم ينقسم فقط الى اخيار واشرار بغض النظر عن ديانات البشر، لكن هذا التسامح تحول بعد 11 ايلول الى جحيم في اعقاب انهيار برجي التجارة العالميين، لتصبح الحرب ليست ضد الاشرار، ولكن ضد الاسلام، وهو ما دفع زملاء ابنه الى قتله (الابن) لانه مسلم ، وكان رد فعل زوجته الهندوسية عنيفاً اذ حمّلت زوجها مسؤولية قتل ابنها، لانه (زوجها) مسلم.
ومن المواضيع المثيرة والتي تستحق القراءة موضوع:” تولستوي تعلم العربية، ولكن هل اعتنق الاسلام؟!. اما موضوع” وجهات نظر مختلفة حول القومية الايرلندية” ففيه معلومات عن دور الشعراء في نضال شعوبهم ضد الاستعمار، واهمية اللغة القومية والاسطورة والفلكلور لخلق الصلة بين ابناء القومية الواحدة، ومع هذا فان الحنين المفرط الى الماضي والنظرة المقدسة له لايورثانه الا الشلل ويلحقان اكبر ضرر بالقضية القومية.
ومن المواضيع ذات الدلالة ايضاً موضوع ” الخبز قاهر الجوع” اذ يعتقد كاتبه ان المصريين القدماء كان لهم باع طويل في صناعة الخبز وانهما بسببها اصبحوا اسياد الارض لالاف السنين، ولولا الخبز ما قامت مدن سومر في وادي الرافدين ولا مدن وادي النيل.
في الكتاب مواضيع شيقة عن اعلام الادب والسينما والمسرح والسياسة من مثل : دوستوفسكي، لولومبا، غاندي، تشيخوف، بوشكين، بهرم حاجو، يوسف شاهين، نيلسن مانديلا، جون كندي، جان فيرا، سرفانتس. ومواضيع اخرى مترجمة ومن كتابات الكاتب مثل:
1- المسلمون ورمضان في العالم الغربي.
2- الاسلام بين العلم والمدنية.
3- مقاهي بغداد الادبية.
4- قلعة حلب العريقة والشاهقة.
5- غاندي بطل المقاومة السلمية في الهند والعالم.