لقد دخلت الصورة الفوتوغرافية في حياتنا العملية واليومية , وأصبحت جزءا حيويا في سبيل التقدم والتطور الحضاري والازدهار المدني لمجتمعنا الكوردي الحديث , حيث اصبحت الصورة الفوتوغرافية ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة فليس هناك من يستطيع الاستغناء عن الصورة بأي شكل من الاشكال . فثمة انواع كثيرة من التصوير , فعلى سبيل المثال لا الحصر : التصوير الجنائي , والتصوير الجوي , والتصوير الطبي , والتصوير العلمي , والتصوير الزراعي , والتصوير المختبري , والتصوير العمراني , والتصوير الفلكي , والتصوير السينمائي , والتصوير الراديوي , والتصوير الطباعي , وفوق الامواج الصوتية , والتصوير الليلي , والتصوير البحري , والتصوير الحربي , وتصوير الفيديو , وتصوير الموبايل والانترنت , والتصوير الحراري ……..الخ .
اضافة الى اعتماد المطبوعات عامة والصحافة من جرائد ومجلات خاصة على التصوير الفوتوغرافي حيث تعتبر الصورة كوثيقة لا تقبل النقاش او الشرح المفصل , واصبحت لغة التفاهم العالمي بين كافة الدول والشعوب !
ان الكتابة عن بدايات ظهور فن التصوير في بهدينان صعب للغاية , كمن يبحث عن قش في بحر متلاطم , وذلك بالنظر للظروف السيئة التي سبقت الانتفاضة المجيدة في اذار عام 1991 والتي دمرت ارشيف رواد التصوير القدامى , بذلك لم نستطع الحصول من ورثتهم على اية صور قديمة توثق تلك الفترة الزمنية الطويلة التي مرت .. ومع هذا فقد استطعنا الحصول على بعض المعلومات المقتضبة حول بعض المصورين الاوائل في منطقة بهدينان ….
آملين من المتتبعين والمهتمين لهذا الفن الجميل من المثقفين الكورد أن يواصلوا البحث والتنقيب في هذا المجال , لعلنا نصل بذلك الى مستوى من المعرفة والمعلوماتية حول بدايات ظهور فن التصوير في كوردستاننا الحبيبة … (( رواد التصوير في دهوك ))
قبل ان نبدا حديثنا عن بداية التصوير في دهوك فالأمانة توجب علينا أن نذكر كلا من المصور الشمسي ( خليل الأعرج -1938-2008 ) والمصور الشمسي ( حسن الاتروشي ) اللذين عملا في هذا المجال في فترة الاربعينات من القرن العشرين ….
وقد كان المرحوم ( أحمد محمود عبدالله ) الذي ولد بالموصل عام 1938 وتوفي في دهوك عام 1986 وبالتعاون مع رائد التصوير العراقي الاول المرحوم مراد الداغستاني قد قام بوضع اللبنة الأولى لفن التصوير في دهوك وذلك في فترة الخمسينات وقد انضم اليه في الستينات السيد طارق عبدالصمد عبداللطيف ( تولد 1934/ دهوك ) حيث عملا لهما مختبرا صغيرا في بيته , وبدأ يشتغلان في هذه المهنة ….
وبعد انبثاق ثورة ايلول الكبرى عام 1961 التحق السيد طارق عبدالصمد بصفوف البيشمركة حاملا معه – كاميرته – !
وفي سنة 1958 فتح المرحوم احمد محمود عبدالله محلا خاصا به سماه – ستوديو الجمهوري – وبعد مدة غير اسمه الى مصور – الجماهير – وحاليا اسم المحل المذكور هو ( مصور و مختبر بهار ) !
والجدير بالذكر فأن للمرحوم احمد محمود عبدالله (4) أولاد لا يزالون يعملون في حقل التصوير , وهم ( مهند ومؤيد وعامر ومحمد ) .
وان اول مختبر للتصوير الملون في دهوك اسسه المرحوم احمد محمود عبدالله سنة 1984 ولم يزل مستمرا في العمل لحد اليوم .
وفي فترة الستينات انضم الى المرحوم احمد محمود عبدالله احد اقربائه وهو المرحوم المصور صديق قاسم النعمان , وفي سنة 1960 انفصل المرحوم صديق وعمل له محلا خاصا به وقد سماه ( مصور النعمان ) والى حين وفاته عام 1998 حيث انتقلت ملكية الاستوديو الى احد معارفه وهو المصور ( عيسى حسين الدهوكي ) منذ سنة 1982 ولا يزال .
وقد ولد المصور المرحوم صديق قاسم النعمان سنة 1933 بالموصل , وله اربعة اولاد ولا يزالون يعملون في مجال التصوير وهم كل من ( نبيل ومحمد ونعمان ورضوان ).
مع العلم ان المصور – سامان – عبدالله كامل ئاكره يي قد بدأ باحتراف التصوير في بداية السبعينات في دهوك , حيث انه الان قد انتقل الى رحمة الله تعالى وبعده ظهرت نخبة جيدة من المصورين الفوتوغرافيين المعروفين آنذاك في دهوك وهم كل من : صباح علاء الدين ( مصور صباح ) الذي توفي في حادث سيارة , وسهام فارس – مصور سهام – الذي انتحر في سجنه , وصلاح خليل ( مصور نوروز ) الذي هاجر الى خارج الوطن وسلام عبدالله ( مصور جوان ) وحقي ( مصور زه ري ) والاخيران
مستمران لحد الان . وكلهم أصلهم من مدينة ( ئاكرى ) وقد كانوا مستقرين وقتها في دهوك لاجل العمل والمعيشة .
رواد التصوير في ئاميدي :
بدا التصوير في مدينة ئاميدي مع كل من شعبان أمين , وحمدي سعدالله اللذان كانا مصورين شمسيين آنذاك في فترة الخمسينات . وفي فترة الستينات بدأ ثلاثة أفراد من عائلة واحدة , وهم كل من السيد اسماعيل ( تولد 1945 ) والسيد صالح ( تولد 1951 ) والسيد ابراهيم ( تولد 1955 ) أولاد المرحوم شعبان رشيد ئاميدي بالعمل في حقل التصوير الفوتوغرافي …
وبعد سنوات قلائل أستقر المصور صالح في مصيف سرسنك ( حيث كان لديه أرشيف مدينة ئاميدي , وقد احترقت في الحوادث التي سبقت انتفاضة اذار عام 1991 ) واستقر السيد اسماعيل ( مصور وليد ) والسيد ابراهيم ( مصور دياري ) في مدينة دهوك أوائل الثمانينات ولحد يومنا .
رواد التصوير في زاخو:
اثناء حوادث الحرب العالمية الاولى اشتد الاضطهاد التركي الطوراني لكافة الشعوب المنضوية تحت لواء الخلافة العثمانية قبل سقوطها , ومنها الشعب الكوردي بدون اي مبرر سوى حقدهم التأريخي الدفين وتعصبهم العرقي الأعمى على هذا الشعب المسالم من قبل حزب الاتحاد والترقي التركي .
بذلك فقد أضطر العديد من العوائل الكوردية في كوردستان تركيا آنذاك للهجرة والرحيل الى اطراف المنطقة خلاصا من الجحيم التركي البغيض . وكان من بين هؤلاء المرحوم ( أدهم علي حمزة ) الذي حمل كاميرته الخشبية الشمسية وتوجه الى كوردستان الجنوبية , واستقر في مدينة زاخو حيث بدأ العمل فورا في حقل التصوير الذي لم يكن معروفا آنذاك في المنطقة الى ان وافته المنية سنة 1979 .
وقد استلم منه الراية ولداه كل من المصور الفوتوغرافي توران ( تولد 1943 ) والمصور الفوتوغرافي زمان ( تولد 1951 ) وقد استمرا على نهج ابيهما في حقل فن الفوتوغراف لحد اليوم …
وقد تلمذ على يدي المرحوم أدهم علي حمزة بالاضافة الى ولديه , العديد من المصورين الرواد في زاخو أمثال المرحوم المصور فرنسيس سنة 1940 والمصور الفنان الفوتوغرافي احمد ابراهيم حاجي والمصورين صالح وجمال وعمر , وغيرهم كثيرون . وبهذا يعتبر المرحوم أدهم علي حمزة أول من أدخل التصوير في مدينة زاخو منذ بدايات الحرب العالمية الاولى .
واذا كنا نريد اجراء المقارنة الحقيقية فأنه من خلال معلوماتنا الوثيقة فأن كل من رائد التصوير العراقي المرحوم مراد الداغستاني من مدينة الموصل , وكذلك رائد التصوير الكوردي المرحوم محمد يوسف صديق الغزنوي في مدينة ئاكرى , وايضا المرحوم ادهم علي حمزة رائد فن التصوير في مدينة زاخو قد بدأوا العمل في هذا الحقل في نفس الفترة الزمنية وقتذاك .
وقد انفصل المصور الفنان أحمد ابراهيم حاجي تولد 1949 عن المرحوم ادهم وفتح له محلا خاصا به منذ سنة 1971 ولحد اليوم يعرف بمصور احمد حيث شارك منذ ذلك الحين في توثيق جميع الاستعراضات المدرسية والحفلات والسفرات الطلابية خاصة مع اتحاد طلبة كوردستان , كما وانه قد التحق بصفوف البيشمركة قبل نكسة عام 1975 وعين مصورا في الامانة العامة للثقافة والاعلام المشكلة في المناطق المحررة من كوردستان , كما وانه قد شارك في العديد من المعارض الفوتوغرافية منذ السبعينات وحصل على الكثير من الشهادات التقديرية , منها حصوله على شهادة تقدير ومشاركة في معرض اعياد الربيع ونوروز بتاريخ 21/3/1989 في محافظة اربيل .
ولديه أرشيف ضخم جدا من الصور الفوتوغرافية القديمة ذات القيمة التأريخية والوثائقية المهمة في شتى مناحي الحياة الكوردية .
وانه يعتبر مصدرا حيويا لتزويد الجهات المعنية من الصحف والمجلات وغيرها باللقطات والصور الاعلامية , وبهذا فانه يشكر على جهوده تلك جزيل الشكر , خصوصا اذا علمنا ان ما يقوم به هذا المصور الفنان عن طيب خاطر وبدون مقابل وان الفن مبدأه الاول والاخير وليس المادة . وغايته القصوى هي تقديم خدمة متواضعة لشعبه وامته وابناء مجتمعه الكوردي المعاصر
رواد التصوير في ئاكرى :
لقد سبقتنا الكاتبة (جولي حاجي عمر ) بالحديث عن الفتوغراف ، وعن اول اقدم مصور فتوغرافي في ئاكرى . وذلك على صفحات مجلة (دهوك) الغراء . وباللغة الكوردية .
وقد اضطررنا هنا ان نقتبس بعض المعلومات الواردة ضمن بحثها المذكور . وترجمناها الى العربية بتصرف وحسبما يقتضي الحال . تلك التي تتعلق برائد الفتوغراف الراحل ( محمد يوسف صديق الغزنوي ) فقط ….
من الممكن ان نثق بأن الفتوغراف قد وصل الى ئاكرى من قبل احد رواد هذا الفن العظيم الا و هو المرحوم ( الغزنوي ) وقد كان ذلك بداية سنة 1912 اي قبل الحرب العالمية الاولى اسمه الكامل ( محمد يوسف بن صديق بن عبدالله بن محمد دوستي غزنوي ) بالاصل من منطقة ( ورده ك ) الافغانية . هاجر مع عائلته الى العراق . وقد سكنوا في بغداد حيث ولد فيها سنة 1894 وبعد ان صار – مشرفا – تعين في الاوقاف القادرية في الموصل . وبعد ذلك انتقل الى ئاكرى . حيث استلم (( التكية القادرية )) تكية الشيخ عبدالعزيز بن شيخ عبدالقادر الكيلاني الى ان وافته المنية في 26-4-1964
كان المرحوم – الغزنوي – يجيد العديد من اللغات منها ( الكوردية و العربية و الافغانية و الفارسية و الهندية ) مع معرفة واسعة بأدابها وثقافاتها المتنوعة . وكان يحب الموسيقى وله ستوديو صغير خاص به في بيته . وكان كثير المواهب و الامكانيات نادرا ما تجد ذلك في الانسان الاعتيادي . حيث كان للمرحوم – الغزنوي – علاقات عمل و صداقة و اواصر وثيقة مع رائد الفتوغراف العراقي الراحل – مراد الداغستاني – وهنا فأن السيد شاكر فتاح حسين قائممقام قضاء ئاكرى في الخمسينات قال عن الغزنوي (( الصور التي التقطها محمد يوسف كانت بمثابة بطاقات المعايدة التي تتوزع في جميع انحاء المدن و المناطق العراقية كي يستطيع الناس ان يروا جمال مدينة ئاكرى وسحرها الاخاذ عن طريقها .
من ورثة الراحل الغزنوي (8) اولاد (4) منهم قد استمروا في العطاء الفني المتميز في حقل الفتوغراف وهم كل من المصور الهام الذي ترك المهنة بعد سنوات قليلة واتجه الان الى فن الموسيقى . و المصور انعام الذي هو الاخر اتجه الى النجارة . و المصور بليغ الذي استقر في هولير . و المصور فوزي الذي لم يزل يعمل في مهنته في مصيف صلاح الدين .
بداية الستينات : ظهر العديد من المصورين الفتوغرافيين في مدينة ئاكرى نذكر منهم المصور الفنان مصطفى شوكت واخوه جميل اللذين استقرا بعد ذلك بسنوات في مدينة هولير . ولا يزالان يعملان في هذا الحقل المتميز وكذلك المصور محمد صديق محمد فاضل الذي هو الاخر قد استقر بعد سنوات في هولير بعد ان ترك المهنة و جميل كامل الذي توفي قبل سنوات و المصور غازي واخوه ياسين ولدي محمد سركلي و اللذين استقرا في الموصل بحيث استمر الاول في التصوير ، وترك الثاني المهنة ، و المصور موفق نعمت الذي بدا اواخر الثمانينات في فن التصوير الملون وهاجر الى الموصل ، وفتح له فيها (مختبر اشور للصورة الملونة السريعة ).
وهنالك مصورين فتوغرافيين اخرين قد تركوا المهنة . وقد عملوا في حقل التصوير في فترة من الفترات الزمنية البعيدة …
و الامانة تحتم علينا ذكر اسمائهم وهم كل من صديق جمعة جهور . صدقي قادر . صابر سليم واخوه المرحوم كريم سليم . ازاد سلطان . اسكندر عزيز .
وان اول مصور متجول في ئاكرى منذ سنة 1980 ولحد الان هو فاروق كامل فارس .
و الجدير بالذكر فأن كاتب هذا المقال يعتبر اول و اقدم من اشتغل بفن التصوير الملون في ئاكرى بالذات حيث فتح له محلا للتصوير الملون في ئاكرى بداية (1980 ) بأسم ستوديو الحرية للتصوير الملون . وبعد مدة غير اسمه الى مصور دلشاد واخيرا – مصور رمزي – قبل ان يعتزل المهنة بعدها بعشر سنوات تقريبا …. كان ذلك حين لم يكن التصوير الملون معروفا في منطقة بهدينان عموما وفي ئاكرى خصوصا . ولم يكن ايضا فن التصوير الملون – مستطرقا من قبل المصورين الفتوغرافيين انذاك. وقد تمكن – كاتب هذا المقال – ان يؤسس له مختبرا للتصوير الملون خاصا بعمله في بيته بالاعتماد على المواد الضرورية التي كانت – شركة الاجهزة الدقيقة – حينذاك تستوردها من الخارج . وقد كانت هذه الكيميائيات الخاصة بالتصوير الملون غير معروفة لمصورينا وقتذاك . وقد استطاع هذا المصورمعتمدا على نفسه من التقاط الصور وتحميض الافلام الملونة وطبعها وتكبيرها من حجم الطابع لحد حجم الشيت دون الاعتماد على تقنية عالية او الات او اجهزة متطورة كما نجدها ونراها في الوقت الحاضر . وقد اقتبست العديد من المجلات و الجرائد صوره الفتوغرافية الملونة ونشرتها على اغلفتها الخارجية . وضمن صفحاتها الداخلية . مثل مجلة (بيان )و (ره نكين ) و (Irak) و (المصور العربي ) و (فنون ) الصادرة جميعها في بغداد وكذلك مجلة –فن التصوير – الصادرة في بيروت وغيرها ، حيث كان ذلك في فترة الثمانينات . ولديه ارشيف كامل لحفلات اعياد النوروز الخالدة التي كانت تقام عند حلولها في ئاكرى خلال الثمانينات ، بالاضافة الى تسجيله الكثير من المناسبات و الاحداث المهمة ….
وقد كانت لكاتب هذا المقال علاقات صداقة وثيقة مع العديد من المطريبن الكورد في بداية الثمانينات . فلقد صور الكثير منهم بالالوان وبعدسته المتميزة . امثال كل من المطربين الراحلين اردوان و اياز زاخولي … و المطرب ميران سليمان الهركي . و المطرب احمد زيباري . و المطرب كمال عقراوي . و المطرب وليد دوسكي . و المطرب محمد طه ئاكره يى . وغيرهم كما كانت له مراسلات مع رائد التصوير العراقي . الراحل الفنان مراد الداغستاني سنة 1976…بخصوص فتح فرع الجمعية العراقية للتصوير في نينوى وقد استلم راية فن الفتوغراف الاصيل و الممتع من خلفه
في مدينة ئاكرى اخوانه الثلاثة وهم كل من سمير و امير و منير ئاكره يى وهؤلاء يقيمون و يعملون في هذا المجال منذ ذلك الوقت ولحد اليوم .
وبعد الانتفاضة المباركة في اذار عام 1991 فقد ظهر العديد من المصورين الفتوغرافيين في شتى ارجاء اقليم كوردستان العراق عامة وفي منطقة بهدينان خاصة . وازدادوا عن ذي قبل باضعاف مضاعفة جدا حيث ان محلات التصوير ضمن حدودمحافظة دهوك حاليا في حدود التسعين من المجازين في الوقت الذي اصبح فقط داخل مدينة دهوك (6) مختبرات للصورة السريعة الملونة . اسماؤها كالاتي (روز – دلشاد – ئاراز – زه لال – بهار – سولاف ) وفي داخل مدينة زاخو مختبران ايضا للصورة السريعة الملونة وهما (دلشاد – ره نكين ) وفي ئاكرى ثلاث مختبرات ايضا للصورة السريعة الملونة وهي مختبر ( ئاكره يى – ئوميد – برايتي ).
وبما ان المكتبة الكوردية تفتقر الى المطبوعات الفتوغرافية وباعتبار هذا الفن الحيوي المهم من الفنون الجميلة و المفيدة في كل مناحي الحياة لذا وجب على المثقفين الكورد ان يهتموا بهذا الجانب الثر من العطاء الفني المستمر وان يوثقوا لحركة فن الفتوغراف في كوردستان عموما وفي منطقة بهدينان خصوصا ….. وقد لاقينا صعوبات جمة في هذا السبيل وذلك لقلة المصادر المعتمدة .. املين من الاخرين من المتتبعين لهذا الفن الجميل التوسع و الكتابة و البحث و التنقيب عن الصور الوثائقية القديمة عند اصحابها كي يتمكنوا من ان يرفدوا هذا الحيز الفني المهم . وعرضه امام انظار القراء الكرام .
– مسك الختام و النظرة الفتوغرافية :
ان النظرة الفتوغرافية يمليها الغرض . وان طريقتنا في رؤية الاشياء هي ما اعنيه بالنظرة الفتوغرافية ولكني سأوضح هذا المفهوم اكثر فأقول ان كثيرا منهم قد يتفقون على معنى كلمة سباق – دين – وطن – خبرة …. الخ ولكن افكارهم لايمكن ان تتوحد حول مفهوم كلمة السعادة فقد تعني لكل فرد مفهوم خاص حول الرضا و القناعة او الاحساس بالامان او الصحة او المال …. وهم ايضا لم يلتقوا على معنى واحد حول مفهوم النظرة الفتوغرافية ….
لكن لماذا يسحر التصوير بعض الناس ؟ هل لانهم يستخدمون كاميرات وادوات غالية الثمن ؟ هل لان الصورة يمكنها ان تحقق للمصور دخلا اضافيا ممتازا ؟ ام لان التصوير يمكن المصور عكس احاسيسه ومشاعره على الصورة ام لان الصورة وسيلة تحليلية ووسيلة اتصالية تلم شمل الماضي و الحاضر و المستقبل ؟
كل هذه االاسئلة لايوجد عليها وعلى كل منها جواب واضح المعالم نستطيع ان نتعامل معه وفق قواعد العلم وضوابطه ونجري عليه القياس بصدد الخروج من النتائج بارقام وقوانين …
في بداية السبعينات التقيت مع رائد فن الفتوغراف الراحل مراد الداغستاني وطرحت عليه هذا السوال : لماذا تسعد عندما تمارس التصوير ؟؟! رد على السؤال قائلا :
بالنسبة لي هناك بعض المظاهر البسيطة تحتويني و تؤثر في … البحث عن الجمال وتكوين الجمال …. عندما تهدا حركة السيارات ويقل السابلة في الطرقات و الشوارع وتتراقص انعكاسات الاضواء على الاسفلت وتلعب اضواء النيون المتعبة على سطح نهر دجلة وافراد يقطعون الشوارع الخالية وعربات حولها جنود مجهولون ينظفون الارض وشرطة الدوريات الليلية . ثم يمضي الليل رويدا رويدا وقبل ان تختلط الاضواء الصناعية باضواء النهار …..
شباك في عمارة سامقة مضيء وسط المسحة الرمادية على مدينة الموصل وحيدا يغالب ضوء الليل المستحب وباعة ينشطون فجاة وينبلج الفجر وتنطلق الحركة ثم يخف الضوء مرة اخرى وتختلط اضواء التكنولوجيا باضواء الطبيعة ويقل التباين …
ونحن نضيف فنقول : انظر الى الدنيا مع بدء الربيع في كوردستان وحلول اعياد نوروز .. زهور تتفتح . و ورود تنمو ، اوراق الشجر تبزغ ، حرارةالعواطف تتدفق …. العيون تتفجر …. اهتزاز الاعراق و الاشجار وضحكة مملوءة بالسعادة … الحدائق و الرياض … الشوارع و الازقات … القرى المتناثرة بين السهول الخضراء و الوديان السحيقة ، وعلى قمم جبال كوردستان الشماء بشموخها وعظمتها … والتاريخ مجسدا في اباد و اثار ارض الكورد الطاهرة ….. الفلكلور الزاخر المنتشرفي شتى ارجاء بلاد الكورد … زحام البشر يصنع سيمفونية قد تراها عينيك ليست بذات بال او هي ابعد عن الجمال . لكن عين الكاميرا ونظرة المصور الفتوغرافية تخلق من هذه اللمسات لوحات و لوحات . المهم ان تبحث عن الجمال في. حجر او طير او حيوان . ضربة معول و عرق الفلاح لا تبحث الا عن الجمال وستجد ان نظرتك الى الاشياء كل الاشياء قد تبدلت وصرت فتوغرافيا ذا شأن كبير.
—————————-
رمزي عقراوي – دهوك: أديب عراقي و خبير وباحث في التصوير والطباعة