اختزل الفنان الكوردي – سمير ئاكره يى – كل عناصر التضاريس الطبيعية و الانسانية والثقافية والفلكلورية الكوردية ، في لوحات على فتوغرافيتها نفخ فيها من خياله الفني والغني ورؤيته الجمالية والفكرية ما تفتق عنها نصوصا تنبض بالتشكيل ، فحياة الفنان سمير ئاكره يى يجددها مع كل لقطة تقتنصها عدسته التي جال بها جبال وسهول ووديان وقرى ومدن كوردستان على مدى اكثر من عقدين من الزمن الجميل قدم فيها كوردستان – فتوغرافيا في سيمفونيات بصرية رفعت اسمه عايلا في سماء الفن الفتوغرافي الكوردي المعاصر . تتفرد كوردستان بخصائص جمالية في مشهده البصري وهي خصائص تحتاج الى عين محترفة قادرة على اكتشاف جماله المخبوء في التفاصيل بذكاء يعيد قراءة تلك المفردات في مؤلف بصري جديد …
يعشق الفنان سمير ئاكره يى الكاميرا حيث يحتفظ باعداد مختلفة من الكاميرات ويوثق ارشيفه الفتوغرافي للطبيعة وللانسان في كوردستان وبشكل يكاد يكون هو – الارشيف الوحيد الذي يمكنك من خلاله ان تتحسس الطبيعة والانسان في كوردستان المعاصرة بصريا في الوقت الذي قد لا يتوفر لك ذلك معلوماتيا ، خصوصا العلاقة ببعض المعالم – الفلكلورية والثقافية الكوردية التي اندثرت واختفت من حياتنا اليومية الان …
وقد نظم الفنان سمير ئاكره يى عشرات المعارض داخل كوردستان وخارجها ونال العديد من الجوائز وشهادات التقدير … ويتضح للمتأمل في لوحات هذا الفنان انه قدم افضل ما في كوردستان من مناظر سواء في القرى او في المدن او الجبال او السهول كأن اجمل ما في هذه المناظر قد استنطقته عدسته حيث يقضي الفنان سمير ئاكره يى اوقاتا طويلة منتظرا طلوع الفجر او سحابة او قمة جبل ليأسر انعكاسات الشمس وحوار الظلام و الاضواء في الافق المفتوح للبصر حين تنام عن هذا المشهد البصري اعين كثيرة فيقدم لها مشاهداته بعد ان تمسها يداه في مراحل اعدادها وتحولها الى مفردات بصرية معالجة بالحيل والتقنيات البصرية التي كان السينمائيون يدعونها خدعا وهي في ظني قراءة للمشهد البصري تستنطق جمالياته وتستكمل غير المنطوق من دلالاته باضافات الالة وسحر الطباعة والتظهير ) !
– ان تجربة الفنان سمير ئاكره يى تعيد الاعتبار لمناظر طالما الفناها في لقطات مصورين كثر بما فيها صور المعالم والمواقع السياحية والتاريخية الا انها مع هذا الفنان جاءت مختلفة لانه انطلق من رؤية واحاسيس فنية وذكية ونظرة تاريخية وثقافية واعية ومستوعبة . اعادت قراءة هذا المنظر فتوغرافيا في لوحات اعادت الاعتبار للمنظر بينما فشل في ذلك كثير من العدسات التي قد تكون قد سبقته في محاورة واستنطاق خصوصيته وهنا نفسر فكرة الفنان سمير ئاكره يى بان عدسته محبة ومستوعبة لمفردات لغة الجمال والواعية بمفردات ثقافة المكان والمدركة لخصوصية الزمان والمتعاملة بحرفية عالية ف ياختيار الزاوية وتحديد الوقت المناسب لاصطياد المنظر عوامل كفيلة بتفويز العدسة بلقطة جديدة مكتملة ! حيث تبقى العين المحبة اساس جمال الصورة فالحب هو دليل الفنان الى حيث يكون الجمال مختلفا متوهجا في ذروة تجلياته ) !
– ومن ربوع كوردستان الخضراء ومن قمم جبالها الشاهقة الشماء والمثير في هذا النوع من المناظر ليس في اللوحات البانورامية وانما في لوحات اخرى عديدة تنقلّ فيها الفنان بين الوديان والمدرجات الجبلية والمرتفعات فاقتنص مشاهد كان بارعا وذكيا في خياله وتوليفه ومعالجته لعناصرها خصوصا تلك المناظر المتجلية عن مواقع القرى المعلقة في قمم جبلية تعانق الفضاء ولوحات اخرى عديدة ظهرت فيها حساسيته الجمالية العالية ورؤيته الموضوعية وخياله الخصب محققا عبر سطوحه التصويرية لوحات شكلتها ذائقته ورؤيته وحرفيته ليقدم لنا ما نقف امامه كثيرا فاللوحات ابلغ من أي حديث … !
– تركز عدسة الفنان سمير ئاكره يى في كل اعماله على معاني الحياة وتجليات الجمال ولهذا نجده في القرى والوديان والحقول والغابات وغيرها لا يتجاوز منظرا مفعما بالحيوية سواء كان المنظر لشجرة او نبات او طائر وهو في كل ذلك لا يتجاهل العنصر الانساني بل يبرزه في افضل وابسط مظاهره من خلال وجوه اجاد تصويرها مجسدا كل ما فيها من طفولة وبساطة ومعاناة وخصوصا في الريف الكوردستاني !
– ويبدوا لي ان الفنان سمير ئاكره يى في (البورتريهات) حساسا جدا لحالاتها لذا برع في تصويرها وتجسيدها في ابلغ نص لانه يخاطب من خلالها الانسان في ابسط ما يكون واعظم ما يتجلى عنه فكثير من الوجوه التي صورها فناننا بما فيها وجوه الفتيات ونظراتهن وتضاريس ملامحهن اكبر من ان نحكيها في هذا الحيز ويكفي ان ننظر اليها لتقرأ ببصيرتك ما لم تقرأه ببصرك ! ولقد سجل فناننا لوحاته الفتوغرافية الرائعة تعبيرات الوجوه وانعكاسات المشاعر الداخلية على الاجساد كما في صوره المشهورة للمارة والنساء والمزارعين والاطفال ولعل انبثاق الوجوه من كوة الكوخ الطيني تبعث في النفس فكرة الامل بوجود الانسان حاميا للطبيعة لا مدمرا لها وذلك هو لب اطروحة المصورين الحداثيين الممعنين في كشف استيهامات العين وانصاتها لسيمفونية متناغمة خفية تعزفها الطبيعة ويكملها – البشر … وعلى الرغم من تنوع وتعدد اعمال هذا الفنان الا انه يبقى سعيدا بكل هذه الصور الفنية الاخاذة فجميعها نتاج حبه لوطنه وشعبه الابي وبالتالي فجمعيهن بناته وهو سعيد بهن !
– ان ما يشغل بال الفنان سمير ئاكره يى دائما وابدا هو حبه الشديد للتصوير وحب كوردستان وحب المناظر الاخاذة وعشق الجمال الآسر من خلال العين الجميلة والقدرة على قراءة واصطياد الخصوصية بواسطة حس ذكي ولو محبته الصادقة لكوردستان لما انتج مثل هذه الصور – اللوحات التي تعكس ايضا مدى عشقه وغرامه وحبه للكاميرا وللفتوغراف / ميدان الفتوغرافيا في هذا العالم الذي لم نستوعب في عالمنا الكوردي ابعاد سحره وهو السحر الذي ننبهر بانعكاساته الاقدمة الينا من الغرب ونكتفي بذلك الانبهار الذي لم يحرك لدينا نزعة توطين هذا السحر الخلاب وتكريده والاحتفاء به والاستفادة منه وتوظيفه في ترسيخ ثقافة الجمال في مجتمعنا الكوردستاني فنحن كما قال احد زملائي المصورين لم ندرك سحر الفتوغراف بعد … اذ ما زلنا ننظر اليه من خلال بعد وظيفي نسقي في الغالب – اما البعد الفني الرؤيوي الذي يتجاوز المرئي الى التأويل عبر لغة الظل والضوء فلم نجني من قدرة التعامل معه وقراءته سوى القليل جدا .
كتابة / رمزي ئاكره يى / فني فتوغراف / دهوك