ريبر هبون:
لا تخف أيها الظل, ولا تكتئب، عيناي تكتئبان من مشهدك المؤلم، ومن فزعك المتمثل بالوهم، آن أن تقضِّم أظافر البرد بغصة حزنك, وتفتح رسائلي من صندوق بريد الشتاء وتتهاطل عتمة علي، سئمتك أيها الحيوان، لا تباغتني بسيل الوساوس، مازال هناك متسع من قدوم الخرف، حان أن تشرب من فيئي تثاؤب الماء في صدر النافورة ، وتبتاع ملابس الجوري ، وتغطس في برك الجنون فلا تبتئس حين تغادر من ليلي بلا أذنين وأنت الذي كنت تبحث عن قرنين,
أيها الظل، انس لونك ، متأسف من أنني رجعت لأهذي بك مجدداً بعد أن خاطبتك في نص سابق وها أنذا أطاردك أيها الظل اللئيم ، غادر سلالتك فهي زائفة وقد طاش غضبها عليك فبادرتك بالصمت ورجمتك بالقطيعة والغياب، فاهدأ كن شامخاً كالمدى، واستر عورة روحك بالجموح واجنح للحياة، لا تلتفت ورائك ، قابل من هم أمامك فهم أشباه ما مضى من بشر خلفك، دعك من سخافات الحنين وانسف جسور ماضيك ، اجتث جذورها ولا تقف على أطلال خوفك من جرحك ،وانهض كي تحذو خطاك بقية الظلال، لا تكن إلا كما لم تكن حتى تكون, هكذا ستباركك أعين الذين رموك بين مفترقات أسئلتهم ، ستحظى بإعجاب الدموع واحترام الغروب وتقدير الحبيب.
يا ظل الحياة , تعبر متأخراً خلف الأشباح وتخشى سعال النائمين في الزنازن الضيقة التي تعج بالواقفين، لا تضطرب إذا خذلك هدوء الموج, ولا تطالبه بما لا يستطيع عليه,كن ظلاً عاقلاً ، لا تنجر لحبائل الهاوية فقد تماديت في التوغل نحو أعماق مجهولة لا شأن لها في سبر أغوارها تيقن من ما يدور بصمتك الغائب عن صمت الآخرين وافهم مغزى أن نكتشف معنى اليقين في بلادة الأمل وعقم المعنى
أيها الظل ، كم بتلهفي أشفق على صبرك ، وأتوسل لعنادك أن يرحمك، التفت لغيابك ، تعلم كيف تحس بصقيع أنفاسك ولا تطالب فلاناً بالاكتراث بك، فقد يضيع في فهمك وقد تضيق الأرض عن انتظاره..
ثق بالرياح حين ترشقك بوابل تحيتها، تعلَّم حكمة الصدمة حين توغل بك في بحار العتمة ، واخش نزيف الموت بين شفتيك وأنت تصعد نحو جدار مثقوب الجبين يقع في مملكة الذهول، ما شاني بأكاذيب القرنفل، تهمني سكاكين عبقه حين تخترق صدري، وتطعن استنشاقي
للحياة فلسفة التضاد فمن الغياب نرى وجوه الآخر المتعددة، ومن الجرح نوغل في ثقافة الكرامة ومن الكذب الوقح نبصر أخانا المنقرض الصدق.
رويداً رويداً تنكشف الألوان البراقة أمامنا، فقضيتنا مكشوفة أمام الغموض ، نتابع جرينا دون اكتراث لظلال ارتضت عبودية الخلف، بينما نحن نوقن أن الغد هو الملاذ فنجري..