ثامر الحلي :
لاتكترث
ولاتحزن ياصديقي اِن كنتَ مشرّداً
أو صغيراً مهمّشاً ..
فلا بدَّ لهذهِ الأيام أن تنجليَ حتماً
فهل تذكر ياصديقي لعبة الفقاعات ؟
وهل سمعتَ يوماً عن الحكايا والروايات ؟
وعن السعالي والسندباد والشاطر حسن ؟
فلا تأس ياصديقي مادمتَ على موعدٍ
معَ الآهات والشجن ..
ولاتكترث يوماً اِن قسى عليكَ أو طال الزمن
وتذكّر دائماً .. بأنكَ أكبر من كلّ السنواتِ
وأكبر من كلّ المدارس والجامعاتِ
واِذا كانت سنواتكَ عبارة عن صخب
فأنتَ تدرس في مدرسة الحياة
واِذا كانت الحكايات تأتي من جوف المؤلفات
فأنتَ من أشارت اِليه السطور
ونوّهت عنه الصفحات
أنتَ أكبر من الطعام والشراب
وأكبر من الهمبركر أو البيتزا
أو الشوكالات
فلا تأس ياصديقي لكونكَ بتّ وحيداً
أو يتيماً بلا رفيق
أو لاتملك حظوظاً
وتفتقد حظناً رقيقاً
لأنكَ تختلف فَرَضاً
وأكبر من كل التفاهات
لاتنس بأنكَ مغامر
تجازف كل يوم وليلة
في أروقةِ الحانات وفي قلب الساحات
وتجلس على حافاتِ الأرصفة
حتى تمتلئ رئتاك الصغيرتان بعوادم العجلات
وتختبأ من حر القيظ في الحدائق
تتأمل ساعات المساءِ
وحينما يَجدوكَ تائهاً في قلب الدنيا
ترمقكَ النظراتِ
منها تستميلكَ وأخرى تمتهنك
فتهرب نحو جنبات الطُهر
وتلوذ في كنف الله
وتختبئ في أروقة الكنائس والجوامع
فلا تكترث يومها اِن ضاق بكَ السبيل
ولاتنزعج من نَزَعات السدنة والرهبان
يدور بكَ الليل المدنَف في رحى الساعات
وتمرّ عليكَ الأوقات
وعند الصباح..
أجدكَ هائماً في الخانات
وأحياناً تتسكّع بين المكبّات
وغالباً مايسعفكَ ظهركَ الصغير مليّاً
وأنتَ تجر عربتكَ الخشبية الصغيرة
تلتقف المأكولات الزنِخة من الأرض
وكسرات من الخُبز الجَدوب
تملأ خِربتكَ البائسة بها
وحينَ أراكَ نائماً تغفو
تتوسد حذاءك
في أوقات الشتاء
أرى ذلكَ الوجه اللافت المونِق
وتلكَ العينين اللامعتين الغائرتين في هالاتٍ بنفسجية
وحينها أريد أن أذكِّركَ ياصديقي
أن تبقى محتشماً رغم ثيابكَ البالية
وأن لاتبالي لهزائم الحياة
رغماً أنكَ ستبقى أجمل من كلّ المخلوقات
—