مونتبليه – فرنسا: يقول باولو كويلهو :”إني كاتب مشهور في أنحاء العالم ، وغير معروف تماماً في أمريكا”. حقاً. إنه أحد أكثر الكتاب نجاحاً في الكرة الأرضية ومع ذلك فهو غير معروف فعلياً في الولايات المتحدة. وطبقاً لنشرة ” اتجاهات صناعة النشر” فإن رواية كويلهو الأخيرة “أحدى عشرة دقيقة” ظهرت على قمة قوائم الروايات الأفضل مبيعاً في العالم السنة الماضية أكثر من أي رواية أخرى بضمنها أجزاء رواية “هاري بوتر” ورواية “ملك الأذى” لجون غريشام. وفي الولايات المتحدة هناك قصة أخرى. فبعد صدورها في الربيع عن دار نشر “هاربر كولنز” لم توضع رواية “إحدى عشرة دقيقة” على قمة قوائم الروايات الأعلى مبيعاً في صحيفتي “الواشنطن بوست” و “نيويورك تايمز”. وهذا أمر غامض ، لكن كويلهو رجل متصالح مع الأمور المتعذر تفسيرها فهو يقول ويتكلم بطريقته الخاصة الملغزة والمشفرة ” لا أحد بإمكانه أن يفسر النجاح. بالإمكان فقط تفسير الفشل ، فنحن نتعامل مع الكثير من الأمور التي لا يمكننا فهمها”.
بدأت السماء تظلم بينما كان يضع مرفقيه على المنضدة إنه في مقهى “لا بيتت جاردن” وهو مقهى صغير في المركز التاريخي لهذه المدينة التي تقع في جنوب غرب فرنسا من أجل تناول وجبة الغداء والتأمل في منتصف النهار. السماء على وشك أن تمطر ، لكن كويلهو لم يسرع. يتكلم بجمل محدودة بينما هو يتناول الروبيان.
إنه رجل مكتنز ذو شعر أبيض قصير جداً بلحية صغيرة مشذبة ضاربة إلى البياض ، جلد اسمر وتي شيرت أسود خلف نظارات إطارها أزرق يرتديها خافضاً إياها على أنفه: عينان سوداوان غامضتان.
ثمة وشم على ساعده الأيسر. يقول :” إنها فراشة رمز الخيميائي والخيمياء”. اعتاد أن يتحدث بأمور كونية مثل ” نحن نعيد توظيف قيمنا ككائنات بشرية” إن ما يبدو طموحاً لدى آخرين يبدو طبيعياً حين يتحدث به كويلهو. يتحدث ببساطة عن الأشياء المعقدة. يقول :” العواطف مؤثرة جداً حين يريد الواحد منا الاتصال بالآخر”.
ولم يفاجئ من أن الكتب الموجهة لمواضيع روحية مثل “الأفراد الخمسة الذين لقيتهم في الجنة” و “شفرة دافنشي” مشهورة جداً. يقول :” إننا نتعامل مع الروحانية بطريقة صريحة كثيراً ، لمَ نحن هنا ؟ أحياناً ننسى. فقصص مثل “شفرة دافنشي” تعيد فتح آفاقنا ، يجب أن نميز الصيغة الأنثوية للإله”.
توقف حتى اختار كلماته قائلاً:” الإله هو الأم”.
على مقربة منه قرع جرس الكنيسة حالاً في النسيم فأنتبه إليه كويلهو وابتسم كأن الصوت هو نوع من التوكيد الإلهي. قال :” إنها علامة ” ثم هز كتفيه.
لقد ترجمت رواية “إحدى عشرة دقيقة” إلى 39 لغة في خمسين بلداً تقريباً وترجمت رواية “الخيميائي” إلى 56 لغة في 150 بلداً وقد بيع منها أكثر من 27 مليون نسخة عبر العالم منذ أن نشرت عام 1988.
ولدى “جوليا سربرنسكي” وهي محررة كويلهو الأمريكية ، نظرية حول ظاهرة نجاح كويلهو. تقول :” إنه يكتب عن لحظات التحول الحيوية في حياتنا”. لهذا فإن روايته تغري العديد من الناس في العالم الذين بلدانهم خاضعة لتحول دراماتيكي عميق. وتضيف :” هناك شيء ما بشأن كتابته يجعلك تشعر بالأمان في حياته”. وتحكي قصة أخرى عن الجاذبية العالمية للمؤلف.
ولدت سربرنسكي في موسكو. هاجرت عائلتها إلى الولايات المتحدة قبل 25 سنة. كان والداها يعودان إلى روسيا كل صيف وقبل سنتين اتصلت أمها بها والتي عادت لتوها من البلد القديم. فقالت لها أمها :” عليك أن تقرئي هذا الكاتب ، فهو يسحر كل شخص. اسمه باولو كذا..”. كان كويلهو. وكما قال كويلهو فهو كاتب مشهور جداً وغير معروف كلياً في الولايات المتحدة.
حسن. غير معروف كلياً في الولايات المتحدة. إن لدى كويلهو تابعين يتبعونه في هذا البلد ورواية “الخيميائي” هي خرافة عن راع أسباني يلاحق حلمه ، أصبحت من أحسن الروايات مبيعاً في قوائم صحيفة “نيويورك تايمز” وكتبه الخمسة عشرة الأخرى بضمنها الرواية الصادرة هذه السنة “إحدى عشرة دقيقة” ، وهي رواية عن الاستكشاف الجنسي ، بيعت كثيراً لكنها لم تحرز شهرة قومية.
يقوم هارولد بيترسون ، بروفسور الاقتصاد في كلية بوسطن ، بتعليم رواية “الخيميائي” لكويلهو في فصوله الدراسية المتعددة المعارف للطلاب في المراحل الأخيرة. ويقوم بتشجيع الطلاب في الفصل الدراسي ” أن يفكروا أين هم وأين يرغبون بالذهاب”.
يقول إن رواية ” الخيميائي” تقبض بصورة أفضل على فكرة الحياة كرحلة. فطلابه يحبون الكتاب.
يقول بيترسون أن ” كل واحد تقريباً أوصيته برواية ” الخيميائي” أحبها”. شعر بضعة قراء أن قصة كويلهو كانت بسيطة لكنهم لم يفهموها لحد الآن”.
إن كتب كويلهو دائماً ما كانت مؤثرة وتنبع من الحياة الرائعة. لقد ولد في “ريو دي جانيرو” عام 1947 لأب مهندس وأم ربة بيت. ذهب إلى مدرسة ابتدائية للجزويت وفاز بجائزة في مسابقة للشعر وطبقاً لموقعه على الأنترنت www.paulocoelho.com فإن اخته “سونيا” فازت أيضاً بجائزة أدبية بإرسال إحدى مقالات أخيها التي ألقى بها في سلة المهملات.
وأدرك كويلهو منذ سن مبكرة أنه يريد أن يصبح كاتباً. غير أن والديه حاولا أن يدفعاه نحو مهنة عملية – الهندسة فثارت ثائرته. يقول :” كنت ضد رغبة أبي وأمي. لم أكن مطيعاً لهما”.
وكان التوتر بينهما من الشدة بحيث أن والدي كويلهو أرسلا ابنهما إلى مستشفى للأمراض النفسية بين فترة وأخرى بدأت حين كان عمره سبعة عشرة عاماً. وقد عولج مرات عديدة علاجاً بالصدمة الكهربائية.
وتوقفت العائلة أخيراً وقبلت بحقيقة أن كويلهو كان روحاً مبدعة. وانخرط في المسرح في (ريو) تاركاً شعره يطول وانغمس بتناول مخدرات مختلفة وأصدر مجلة قصيرة الأمد. وحين التقى الموسيقار ” راؤول سيكساس” عام 1972 شاركا في كتابة أغاني روك أند رول. واسطواناتهما الثانية “جيتا” أحرزت نجاحاً في البرازيل ، وبيع منها أكثر من نصف مليون نسخة وانضم هو وسيكساس ، حسب موقع كويلهو على الانترنت ، إلى الجمعية البديلة لمعارضة الرأسمالية وانغمرا بالسحر الأسود.
ألف كويلهو بين عامي 1972 و 1982 عدداً من الأنغام – مع سيكيساس وبقية المغنين البرازيليين وحصل على ثروة كبيرة.
قدم كويلهو وسيكساس أيضاً سلسلة من المقاطع الهزلية ضد الحكومة ونتيجتها تم القائهما في السجن. وقضى كويلهو عدة أسابيع هناك. وأخيراً أطلق سراحهما، لكنه فيما بعد -كما يقول – تم خطفه وأرسل إلى مركز للحجز العسكري حيث تعرض للتعذيب. يقول أنه أفلت من الموت بإخبار سجانيه أنه كان يدخل بين فترة وأخرى مستشفيات الأمراض العقلية وقام بجرح نفسه ليحقق هدفه.
ولأنه كان يأمل ببعض “العادية” في حياته ذهب ليعمل في شركة تسجيلات “بوليغرام” والتقى بالمرأة التي أصبحت زوجته الأولى. انتقلا إلى لندن عام 1977 لكن كويلهو لم يكن سعيداً وأراد أن يكتب من جديد. رجع إلى البرازيل وطلق زوجته. تزوج مرتين قبل أن يستقر مع صديقته القديمة “كرستينا أوتيشيكا”.
زار كويلهو و أوتيشيكا ” ألمانيا في عام 1982 وبينما كان يزور مركزاً للاعتقال النازي في “داخاو” حصلت له رؤيا. يقول أن رجلاً ظهر له. وبعد بضعة أسابيع التقى كويلهو برجل شبح مرة أخرى في مقهى بأمستردام. قال الرجل له بطريقة غامضة مشفرة ” عليك أن تغلق الدائرة ، سترى صورة الرب في كل شيء من الآن فلاحقاً”.
علّم الرجل كويلهو كيف يعيد اكتشاف المذهب الكاثوليكي وأن يقوم برحلة حاجاً راجلاً على الطريق إلى سانتياغو ، بين فرنسا وأسبانيا. قام كويلهو بالرحلة راجلاً. وفي عام 1987 كتب كتابه الأول “رحلة الحج” عن رحلته. ومنذ ذلك الوقت كتب عددا كبيرا من الكتب.
والآن يعيش كويلهو و أوتيشيكا في طاحونة مائية محدثة في سان مارتن في “مارينيس”. يقول طويلهو :” وجدنا البيت في قرية صغيرة بالصدفة”. يقول أن الكثير مما حدث في حياة كويلهو الرائعة كان بفعل الصدفة.
في كل صباح حين يكون في البيت يستيقظ مبكراً ويمشي لمدة ساعتين مع أوتيشيكا. يقول:” في إحدى الأيام تسلقنا جبلاً” وبعد رحلة الصعود مارس الزوجان ” الكيدو” وهي نوع من رمي السهام. قام كويلهو برمي 24 سهماً مستعملاً ثلاثة أقواس. يقول :” أفضل السهام كانت من إيطاليا”.
ظلا يرميان لمدة ساعة تقريباً. ثم تناولا وجبة فطور خفيفة وشربا القهوة بالحليب وفي بداية فترة ما بعد الظهيرة تصفح كويلهو الأنترنت واهتم بعمله. ومؤسسة باولو كويلهو التابعة له التي يدعمها قسم من راعيه ، هي للعناية بالأطفال والعائلات.
كان يكتب الرواية فقط حين يكون لديه قصة يحكيها وكان يعمل بسرعة وكان يحتاج إلى بضعة أسابيع بكتابة رواية ثم يريها إلى حفنة من أصدقائه ويراجعها حسب ملاحظاتهم. كان ينشر كتاباً تقريباً كل أسبوعين لأنه لا يريد أن يشبع السوق. روايته القادمة “زاهر” عن كاتب له مبيعات كثيرة من الكتب يمشي في طريق إلى سانتياغو ويملك الكثير بضمنه طاحونة مائية في “بايرنيس” ، تهجره زوجته ، سوف تنشر في البرازيل في الربيع.
يعتقد كويلهو بأن القص يجري من أربع حبكات : قصة حب بين شخصين؛ قصة حب بين ثلاثة أشخاص؛ الصراع من أجل السلطة؛ رحلة. يقول :” رواية “الخيميائي” هي أساساً إعادة رواية قصة “ألف ليلة وليلة”.
رجع إلى “ريو دي جانيرو” ثلاث أو أربع مرات في السنة. يقول إن من السهل العيش في فرنسا لأنه هناك مطالب أقل في عصره. لقد أصبح ذا موهبة في وطنه بحيث أن الناس كانوا يقتربون منه للقاء بصورة مطردة في الشوارع والمقاهي. يقول :” من الأسهل العيش في فرنسا”.
كأن الأمر علامة قامت امرأة مسرورة من منضدة عبر الفناء وسألت إن كان هو باولو كويلهو. كان تريد أن يوقع لها و تلتقط معه بضعة صور وقد التقط بالمقابل سيجارة من ابنها.
رجع إلى الحديث أثناء فترة الغداء. يقول :” إذا لم تترجم عن الإنكليزية فأنت لا شيء”. كان كويلهو يتعجب من نجاحه. وهو يصغي دائماً إلى الكلام عن الطبعات غير القانونية لرواياته.
كانت رواياته تباع بصورة قصوى في البلدان المختلفة مثل إيران وإسرائيل. وهو لا يستطيع توضيح مثل هذه الحقيقة القوية. إنه لا يحاول. وهو يقدر السخريات الصغيرة للحياة. يقول وخيط دخان يتلولب مثل الجني فوق رأسه:” كنت أحلم دائماً بالحصول على مال للرحيل إلى كل مكان” يقول أنه الآن أغنى من كروسو ” لقد دعيت للذهاب إلى كل مكان لأكون حراً”.
وبينما هو يغادر كانت امرأة قد سمعت بأن كويلهو كان يتناول الغداء في المطعم فجاءت بالعديد من كتبه ليوقعها وكان إحداها طبعة غير مرخصة وقد وقعها وهو سعيد وكان يحيي العديد من معجبيه.
واستمر في الطريق بالحديث عن الأمور التي لا يمكن توضيحها. أنهى جملة واحدة ثم أخرى ثم أخرى وهز كتفيه واستدار وانطلق في الطريق الواسع نحو سيارته التي تقف على مقربة.
في كل مكان هناك تبدو علامات. يقرع جرس كنيسة مرة أخرى. كان ثمة رعد في الغيوم الفحمية. وفي غضون بضعة دقائق بدأ المطر يهطل.
***
عن الواشنطن بوست
بدأت السماء تظلم بينما كان يضع مرفقيه على المنضدة إنه في مقهى “لا بيتت جاردن” وهو مقهى صغير في المركز التاريخي لهذه المدينة التي تقع في جنوب غرب فرنسا من أجل تناول وجبة الغداء والتأمل في منتصف النهار. السماء على وشك أن تمطر ، لكن كويلهو لم يسرع. يتكلم بجمل محدودة بينما هو يتناول الروبيان.
إنه رجل مكتنز ذو شعر أبيض قصير جداً بلحية صغيرة مشذبة ضاربة إلى البياض ، جلد اسمر وتي شيرت أسود خلف نظارات إطارها أزرق يرتديها خافضاً إياها على أنفه: عينان سوداوان غامضتان.
ثمة وشم على ساعده الأيسر. يقول :” إنها فراشة رمز الخيميائي والخيمياء”. اعتاد أن يتحدث بأمور كونية مثل ” نحن نعيد توظيف قيمنا ككائنات بشرية” إن ما يبدو طموحاً لدى آخرين يبدو طبيعياً حين يتحدث به كويلهو. يتحدث ببساطة عن الأشياء المعقدة. يقول :” العواطف مؤثرة جداً حين يريد الواحد منا الاتصال بالآخر”.
ولم يفاجئ من أن الكتب الموجهة لمواضيع روحية مثل “الأفراد الخمسة الذين لقيتهم في الجنة” و “شفرة دافنشي” مشهورة جداً. يقول :” إننا نتعامل مع الروحانية بطريقة صريحة كثيراً ، لمَ نحن هنا ؟ أحياناً ننسى. فقصص مثل “شفرة دافنشي” تعيد فتح آفاقنا ، يجب أن نميز الصيغة الأنثوية للإله”.
توقف حتى اختار كلماته قائلاً:” الإله هو الأم”.
على مقربة منه قرع جرس الكنيسة حالاً في النسيم فأنتبه إليه كويلهو وابتسم كأن الصوت هو نوع من التوكيد الإلهي. قال :” إنها علامة ” ثم هز كتفيه.
لقد ترجمت رواية “إحدى عشرة دقيقة” إلى 39 لغة في خمسين بلداً تقريباً وترجمت رواية “الخيميائي” إلى 56 لغة في 150 بلداً وقد بيع منها أكثر من 27 مليون نسخة عبر العالم منذ أن نشرت عام 1988.
ولدى “جوليا سربرنسكي” وهي محررة كويلهو الأمريكية ، نظرية حول ظاهرة نجاح كويلهو. تقول :” إنه يكتب عن لحظات التحول الحيوية في حياتنا”. لهذا فإن روايته تغري العديد من الناس في العالم الذين بلدانهم خاضعة لتحول دراماتيكي عميق. وتضيف :” هناك شيء ما بشأن كتابته يجعلك تشعر بالأمان في حياته”. وتحكي قصة أخرى عن الجاذبية العالمية للمؤلف.
ولدت سربرنسكي في موسكو. هاجرت عائلتها إلى الولايات المتحدة قبل 25 سنة. كان والداها يعودان إلى روسيا كل صيف وقبل سنتين اتصلت أمها بها والتي عادت لتوها من البلد القديم. فقالت لها أمها :” عليك أن تقرئي هذا الكاتب ، فهو يسحر كل شخص. اسمه باولو كذا..”. كان كويلهو. وكما قال كويلهو فهو كاتب مشهور جداً وغير معروف كلياً في الولايات المتحدة.
حسن. غير معروف كلياً في الولايات المتحدة. إن لدى كويلهو تابعين يتبعونه في هذا البلد ورواية “الخيميائي” هي خرافة عن راع أسباني يلاحق حلمه ، أصبحت من أحسن الروايات مبيعاً في قوائم صحيفة “نيويورك تايمز” وكتبه الخمسة عشرة الأخرى بضمنها الرواية الصادرة هذه السنة “إحدى عشرة دقيقة” ، وهي رواية عن الاستكشاف الجنسي ، بيعت كثيراً لكنها لم تحرز شهرة قومية.
يقوم هارولد بيترسون ، بروفسور الاقتصاد في كلية بوسطن ، بتعليم رواية “الخيميائي” لكويلهو في فصوله الدراسية المتعددة المعارف للطلاب في المراحل الأخيرة. ويقوم بتشجيع الطلاب في الفصل الدراسي ” أن يفكروا أين هم وأين يرغبون بالذهاب”.
يقول إن رواية ” الخيميائي” تقبض بصورة أفضل على فكرة الحياة كرحلة. فطلابه يحبون الكتاب.
يقول بيترسون أن ” كل واحد تقريباً أوصيته برواية ” الخيميائي” أحبها”. شعر بضعة قراء أن قصة كويلهو كانت بسيطة لكنهم لم يفهموها لحد الآن”.
إن كتب كويلهو دائماً ما كانت مؤثرة وتنبع من الحياة الرائعة. لقد ولد في “ريو دي جانيرو” عام 1947 لأب مهندس وأم ربة بيت. ذهب إلى مدرسة ابتدائية للجزويت وفاز بجائزة في مسابقة للشعر وطبقاً لموقعه على الأنترنت www.paulocoelho.com فإن اخته “سونيا” فازت أيضاً بجائزة أدبية بإرسال إحدى مقالات أخيها التي ألقى بها في سلة المهملات.
وأدرك كويلهو منذ سن مبكرة أنه يريد أن يصبح كاتباً. غير أن والديه حاولا أن يدفعاه نحو مهنة عملية – الهندسة فثارت ثائرته. يقول :” كنت ضد رغبة أبي وأمي. لم أكن مطيعاً لهما”.
وكان التوتر بينهما من الشدة بحيث أن والدي كويلهو أرسلا ابنهما إلى مستشفى للأمراض النفسية بين فترة وأخرى بدأت حين كان عمره سبعة عشرة عاماً. وقد عولج مرات عديدة علاجاً بالصدمة الكهربائية.
وتوقفت العائلة أخيراً وقبلت بحقيقة أن كويلهو كان روحاً مبدعة. وانخرط في المسرح في (ريو) تاركاً شعره يطول وانغمس بتناول مخدرات مختلفة وأصدر مجلة قصيرة الأمد. وحين التقى الموسيقار ” راؤول سيكساس” عام 1972 شاركا في كتابة أغاني روك أند رول. واسطواناتهما الثانية “جيتا” أحرزت نجاحاً في البرازيل ، وبيع منها أكثر من نصف مليون نسخة وانضم هو وسيكساس ، حسب موقع كويلهو على الانترنت ، إلى الجمعية البديلة لمعارضة الرأسمالية وانغمرا بالسحر الأسود.
ألف كويلهو بين عامي 1972 و 1982 عدداً من الأنغام – مع سيكيساس وبقية المغنين البرازيليين وحصل على ثروة كبيرة.
قدم كويلهو وسيكساس أيضاً سلسلة من المقاطع الهزلية ضد الحكومة ونتيجتها تم القائهما في السجن. وقضى كويلهو عدة أسابيع هناك. وأخيراً أطلق سراحهما، لكنه فيما بعد -كما يقول – تم خطفه وأرسل إلى مركز للحجز العسكري حيث تعرض للتعذيب. يقول أنه أفلت من الموت بإخبار سجانيه أنه كان يدخل بين فترة وأخرى مستشفيات الأمراض العقلية وقام بجرح نفسه ليحقق هدفه.
ولأنه كان يأمل ببعض “العادية” في حياته ذهب ليعمل في شركة تسجيلات “بوليغرام” والتقى بالمرأة التي أصبحت زوجته الأولى. انتقلا إلى لندن عام 1977 لكن كويلهو لم يكن سعيداً وأراد أن يكتب من جديد. رجع إلى البرازيل وطلق زوجته. تزوج مرتين قبل أن يستقر مع صديقته القديمة “كرستينا أوتيشيكا”.
زار كويلهو و أوتيشيكا ” ألمانيا في عام 1982 وبينما كان يزور مركزاً للاعتقال النازي في “داخاو” حصلت له رؤيا. يقول أن رجلاً ظهر له. وبعد بضعة أسابيع التقى كويلهو برجل شبح مرة أخرى في مقهى بأمستردام. قال الرجل له بطريقة غامضة مشفرة ” عليك أن تغلق الدائرة ، سترى صورة الرب في كل شيء من الآن فلاحقاً”.
علّم الرجل كويلهو كيف يعيد اكتشاف المذهب الكاثوليكي وأن يقوم برحلة حاجاً راجلاً على الطريق إلى سانتياغو ، بين فرنسا وأسبانيا. قام كويلهو بالرحلة راجلاً. وفي عام 1987 كتب كتابه الأول “رحلة الحج” عن رحلته. ومنذ ذلك الوقت كتب عددا كبيرا من الكتب.
والآن يعيش كويلهو و أوتيشيكا في طاحونة مائية محدثة في سان مارتن في “مارينيس”. يقول طويلهو :” وجدنا البيت في قرية صغيرة بالصدفة”. يقول أن الكثير مما حدث في حياة كويلهو الرائعة كان بفعل الصدفة.
في كل صباح حين يكون في البيت يستيقظ مبكراً ويمشي لمدة ساعتين مع أوتيشيكا. يقول:” في إحدى الأيام تسلقنا جبلاً” وبعد رحلة الصعود مارس الزوجان ” الكيدو” وهي نوع من رمي السهام. قام كويلهو برمي 24 سهماً مستعملاً ثلاثة أقواس. يقول :” أفضل السهام كانت من إيطاليا”.
ظلا يرميان لمدة ساعة تقريباً. ثم تناولا وجبة فطور خفيفة وشربا القهوة بالحليب وفي بداية فترة ما بعد الظهيرة تصفح كويلهو الأنترنت واهتم بعمله. ومؤسسة باولو كويلهو التابعة له التي يدعمها قسم من راعيه ، هي للعناية بالأطفال والعائلات.
كان يكتب الرواية فقط حين يكون لديه قصة يحكيها وكان يعمل بسرعة وكان يحتاج إلى بضعة أسابيع بكتابة رواية ثم يريها إلى حفنة من أصدقائه ويراجعها حسب ملاحظاتهم. كان ينشر كتاباً تقريباً كل أسبوعين لأنه لا يريد أن يشبع السوق. روايته القادمة “زاهر” عن كاتب له مبيعات كثيرة من الكتب يمشي في طريق إلى سانتياغو ويملك الكثير بضمنه طاحونة مائية في “بايرنيس” ، تهجره زوجته ، سوف تنشر في البرازيل في الربيع.
يعتقد كويلهو بأن القص يجري من أربع حبكات : قصة حب بين شخصين؛ قصة حب بين ثلاثة أشخاص؛ الصراع من أجل السلطة؛ رحلة. يقول :” رواية “الخيميائي” هي أساساً إعادة رواية قصة “ألف ليلة وليلة”.
رجع إلى “ريو دي جانيرو” ثلاث أو أربع مرات في السنة. يقول إن من السهل العيش في فرنسا لأنه هناك مطالب أقل في عصره. لقد أصبح ذا موهبة في وطنه بحيث أن الناس كانوا يقتربون منه للقاء بصورة مطردة في الشوارع والمقاهي. يقول :” من الأسهل العيش في فرنسا”.
كأن الأمر علامة قامت امرأة مسرورة من منضدة عبر الفناء وسألت إن كان هو باولو كويلهو. كان تريد أن يوقع لها و تلتقط معه بضعة صور وقد التقط بالمقابل سيجارة من ابنها.
رجع إلى الحديث أثناء فترة الغداء. يقول :” إذا لم تترجم عن الإنكليزية فأنت لا شيء”. كان كويلهو يتعجب من نجاحه. وهو يصغي دائماً إلى الكلام عن الطبعات غير القانونية لرواياته.
كانت رواياته تباع بصورة قصوى في البلدان المختلفة مثل إيران وإسرائيل. وهو لا يستطيع توضيح مثل هذه الحقيقة القوية. إنه لا يحاول. وهو يقدر السخريات الصغيرة للحياة. يقول وخيط دخان يتلولب مثل الجني فوق رأسه:” كنت أحلم دائماً بالحصول على مال للرحيل إلى كل مكان” يقول أنه الآن أغنى من كروسو ” لقد دعيت للذهاب إلى كل مكان لأكون حراً”.
وبينما هو يغادر كانت امرأة قد سمعت بأن كويلهو كان يتناول الغداء في المطعم فجاءت بالعديد من كتبه ليوقعها وكان إحداها طبعة غير مرخصة وقد وقعها وهو سعيد وكان يحيي العديد من معجبيه.
واستمر في الطريق بالحديث عن الأمور التي لا يمكن توضيحها. أنهى جملة واحدة ثم أخرى ثم أخرى وهز كتفيه واستدار وانطلق في الطريق الواسع نحو سيارته التي تقف على مقربة.
في كل مكان هناك تبدو علامات. يقرع جرس كنيسة مرة أخرى. كان ثمة رعد في الغيوم الفحمية. وفي غضون بضعة دقائق بدأ المطر يهطل.
***
عن الواشنطن بوست