ابراهيم دشيري :
في ذلك اليوم حين حملتك سحب الذكريات إلى مخيلتي البئيسة
رأيتك شفقا أحمر يتيه على أفق الأمس البعيد
بل رأيتك فجرا ساطعا على الوجود
يقترب مني فأهرب بعيدا وأنسلخ منك لأعيش يوما بلا أنت
ياأنت التي تروعين غزالاتي الشاردة
ياأنت التي تحاصرين مدائني الباردة
مهلا لاتتكلمي ولاتقولي شيئا فما عدت أصدق الوعود
تقيمين عرسك فوق صهوة جراحاتي وتفرحين
فرح أنت تعيشينه لوحدك في بساتينك القرمزية
تائهة على الدنيا تعدين أطروحة التيه واللامبالاة
وتتركين نهر الشوق يجري إلى اللانهاية
ابتعدي عني فالأشباح لاتظهر إلا في الظلام
وعصفوري الصغير يرتعش خوفا فأحضنه في عش أحلامي البئيسة
لاتطرديني فالمملكة ماعادت لك ،كان عهدا ولى بفراشه وأعشاشه
والبئر جف ماؤها والحديقة أزهارها التوت وأصابها الذبول
لاتطرديني لاتطرديني فالمملكة ماعادت لك
في ذلك اليوم حين جاءتني رسائلك حملتك سحب الذكريات الى مخيلتي البئيسة
رايتك فرسا أبيض يجري في غابات نسياني ويسقط في النهاية لاماء ولاشعير
هاأنت تحتفلين بعيد ميلادك ماقبل الألف والحسن يتدفق منك تدفق النهر الغرير
تجمعين زهورك وعطورك في سلة آلامي وأحزاني البليدة
لاشئ يسليك عني سوى قطة تترية تحاولين ضمها فتتسلل منك نحو شجرة التوت
التي شهدت ميلادنا في القرن العاشر ماقبل استعباد الشعوب
أنا هاهنا وسأبقى هاهنا حتي يرجع سندبادي المفقود
ولكنني لن أصدق الوعود
ولست أدري أأنت التي ستعودين أم أنا الذي سأعود
قالت: من أنت ياهذا فما عدت أتذكر
قلت ياسيدتي أنا ذاك الفتى الذي كان بالأمس
يغازل فيك خيوط الشمس
أنا ذلك الفتى الذي كان يشرب رحيق السعد من كفك حين
كنت حورية هربت من ملك البحر
لكن جاءتني رسائلك سيدتي بعد فوات الوقت
تأمرني أن أطلق فراشات الحقل
وان أعيد أفراخ اليمام إلى أوكارها
لكن قلت لاتأمريني سيدتي فالمملكة ماعادت لك
كان عهدا ولى بأعشاشه وفراشه
أسقطيني من لائحة عبيدك فاني أريد اليوم أن اتحرر
أريد أن أرسم شمسا وقمرا ووردا وعلما أحمر
قالت لست رساما أنت
قلت تعلمت الرسم سيدتي يوم أخطات فرسمت حلمنا على صفحة قمر أحمر
قالت ماعدت أتذكر ماعدت أتذكر
قلت تذكري أو لاتتذكري فتلك مسألة لم يعد نظر أو منظر
وذريني اليوم منك فإني سئمت من حب لم يمض عليه يوم إلا وهو يتعثر
وإني لاأريد منك شيئا ياابنة الحرير والمرمر
إنما أريد من أشجان ذكرياتك أن اتطهر
فإلى اللقاء ياصاحبة العرش الذهبي الذي تكسر
—