عمر الحسني :
لم يزل الصوفية من أهل البقاء و الفناء تغرق إشاراتهم في رمزية حالمة.
يكون الذوق غير الذوق ، والمنوال في فوضى عارمة ، تعبث الروح بالكلمات فتكون في نسيخ غير مألوف لم يعتده اللسان العربي.
أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، فكانت الرسالة خالدة محكمة بإحكام المنزل المحدث الموحي لعبده أسرار الروح و الكون و العوالم و الحضرات في آيات التنزيل.
التنزيل مقام لمن حباه الله سر الذكر ، وسر المناجاة ، وطلب المحبوب نسأل الله أن يجعلنا من أهل حضرته اللهم آمين.
يا من تجلى بالخفاء شأنه ………… أنت الملاذ للأسيف أمنه.
ناجى القريب في سكون هادئ ……… يغري الشغاف باحتراق شوقه.
ليت الرضا حين ارتضى صبابة ……. عند النشوء بالليال نبضه.
أسرى الدبيب خاشعا في صمته ……… حين اصطباح فالمدام شربه.
تمضي تباعا للحاق ، حضرة ……….. روت جموعا فالرشوح ريه.
في بسطه كان اليراع كاتبا …………. كل الحروف في لحاف رمزه.
نسج القلوب ، بالتياع غامر ………… غر السواقي ، بالقواف شعره.
كان الحبيب جالسا في ربعه …………. يرنو لقدح باقتداح كاسه.
كاس الليالي ، بانتظار شادن ……….. أمسى عليلا بامتداح عشقه.
حب اعتلال ، في مسير عاشق ………… زف الحتوف ، بالربوع شهده.
لم يعتلي غير البقاء علة ………… حين ارتجى من سائر ، بريده.
برد الغرام ، دون ذكر نأيه ……….. في طارق عند الدياجي ، حزنه.
لوع الطريق عانت سر المضا …….. لما رأت عند الهجير ، كشفه.
ياذاكرا سر الوجود ، قد بدت ………. كل المعاني ، في جلال قصده.
أمسى الحبيب بالعلا في رونق …… يبدي السماح للخليل وهده.
نام القرير في بهاء سامر …….. يسري بليل للرواح أنسه .
أسريت روحي بالفنا في همسة ……. تصغي لروح في أصيل لهجه.
لوامع تبدو بقلب بارقا …….. سمت بعبد للبقاء خلده.
من أشرقت في سره أسراركم ……….. أضحى قريبا من سراج نوره.
روى القلوب بالضيا لفحة …………. ترخي ستورا بالحشا سروره.
كان اللقا في بارق من بهجة ………….. حيى الحبيب بالنقا نجومه.
أنت الحبيب في فؤاد سيد …………. ذكراه أفنت هيام خله.
إسرائكم عبر الشهود ذلتي ………. في حضرة كانت كبرق لمعه.
للذاكرين عزة و بهجة ……… يا طالب الحسن البهي دره.
للسائرين ريثهم في حكمة ………… هزت رواس بالسما ريثه.
فمن تسامى ذكره في ليلة ………. أمسى وحيدا بالرضا أنسه.
تترى فيوض سره في لامع ….. .من ممطرات بسطه من طربه.
يرقى لرمز ساترا دنوفه ………. من عشقه يبغي لحاق سربه.
يا كاشفا سر الوجود خفية ………… نلنا رشوحا من سماء شاوه.
في صورة من وحدة ، ياعاذلي …… لم تعتلي يوم المسير ، ركبه.
ترجو الوصول في سكون قاعد ……. ليت التداني في هجوع ليله.
يامن تجلت في الشئون حكمه …….. أكرم عبيدا بالفناء ، فيضه.
أنت الرجاء في ليال كلما ……… نادى البعيد ، بالرجا حلمه.
يشدو القصيد في رحاب حبكم ……… يرجو المنال من سماح زهره.
2.* في حضرة الوجود الخفي
يامبصرا سر الحكيم ذاكرا ………… اسم العظيم بالدعاء راجيا.
بذكركم كان الوليد سائرا ………… رغم الرغام بالرجاء دانيا.
في وجده ألف الرموز كاتبا ……….. نبع الصرير باليراع شاديا.
صفو الوجود بالضيا لامعا …………. في سمعه شدو السماع ساقيا.
من أينعت في قلبه لوامعا ………. أسرى القلوب بالسماح حانيا.
أبقى الحبيب في خفاء ظاهر ………. عند المساء بالسفور خافيا.
في موعدي أنت الملاذ كلما ………. جاءت ندوب بالجراح قانيا.
وكنت مرقاة البدور ، بالسما ………. ترقي برفق للطباق عاليا.
تحنو لشمس بالعلا ناظرا …………. أسرار ختم بالبطون داعيا.
يبقى ليرقى في فناء نير ………….. أعتاب كتم بالظهور فانيا.
كانت برحبكم قطوف غاسق ………. مثل البهاء بالجمال باديا.
في حضرة أنت الحبيب سيدي …….. مأوى الوليد بالرحاب ساميا.
3.* في حضرة الإفشاء و الكتم
لم تكن الذكرى إلا موعدا لسكب سواقي الحبر في بحر لجي متلاطم. يستغرب من لا لوعة له عن معنى القلب و السر ، وتدفق العلم البهي في تموجات متساوقة في سر العبد.تكون المعاني متقابلة متفاضلة تنسخ نفسها ، فترى الضذين و الأمرين و العبدين و السيدين و المحدث الذي فاضت عليه أنوار القديم .
فكان خليفة على صورة مستخلفه ، الكامل الذي يرجو قرب ربه .
يكون الكفر عند أرباب الطريق ، هو الستر ، أن تستر أمرك في أمره ، ووجودك في سرمديته ، فيكن الفاني باقيا بدوام الباقي.
تترك الروح في رموزها ، ويكون لإفشاء سرها هو عين الكفر بالستر.
كفرت الشيء أي سترته ، وهو واجب في حق أهل الطريق من أهل الله.
يكون أهل الله ، هم سراج الطريق ، وصحبتهم عين الحقيقة ، والعلم هو نبذ كل أمر وفهم ووعي و فكر ومعنى يبعدك عن الله.
يظل البصر خاسئا حسيرا عن معنى الوجود ، إن كانت الحياة بعد اعن ذكر الله.
يكون الخليفة مسخا على صورة غير صورته ، ومعناه كمي لفظي حسير. يكاد يكون العلم عند أهل الله تعالى هو عين الجهل به.
فكيف تنسج ما تراه العين ، وتسمعه الأذن ، وتلمسه اليد ، في فوضى الحواس.؟
مثل الذي يذكر ربه ، والذي لا يذكر ربه كمثل الحي و الميت.!!!!!!!
كان الشيخ الأكبر قدس الله سره ساترا لمعان تتدفق في فوضى عارمة كاسحة ، فيدهش العقل ، و تلين الجوارح ، ويكون الكشف هو العلم ، لكنه سرعان ما يندثر أمام جمال الوحي ، وسر البلاغ ، وقوة الإشهاد.
حينها يكون العبد حجرة صماء زهاء برهة من الزمن ، تنهار الإرادات و العزائم ، ولايكون في الجبة غير الله
تغرق في جلال الله ، فلاتكون إلا أن تكون أنت به لا بغيره.
تنقطع العلائق ، و المحدثات ، وولاترى غير ميزاب القدر.
فيتجلى الله في ضد ما تحب ، وتنال ماتكره امتحانا منه فلا صبر لك عن برد الإرادة الإلهية ، وتكون الإرادة الكونية مسرحا لما أنت فيه من الحب و الشوق.
فلن تنال إلا ما تكره ، ولن تجد إلا نقيض ماتحب.
كتب الشيخ الإكبر رضي الله عن حضرة الشهود ، ومن عجائب ماصرح به ( لا يتجلى الله لعبد في حضرة شهودية مرتين) .
فإن أغرقك بحبه في حضرته ، أذاقك من بأس ما تكره ، امتحانا لك.
فكيف يكون الخليفة على صورة من استخلفه إن لم يياس من نفسه و غيره ومن الكون ومن الخلائق.
لايجتمع في القلب حبين و لا أمرين.
نسال الله العفو و العافية.
4.*في حضرة الشهود :
غيضت بأفنان القريب غضاه …………..ذاب بشوق للحبيب شذاه.
قال الحبيب شافعا في سماح …………..إن الطبيب بالدواء دواه.
مل التنائي حين راجت بروض…………. كل الأقاحي بالنديم لقاه.
وكان علمي بالحراب سقيم ……………. من سقمه جال الأريب عزاه.
مل البعاد من قريب بعيد ……………… قال الرفيف بالصدى فداه.
كنت الوحيد بالأماسي في خلاء………….من عدمه كان السراب سراه.
ذابت بليل للسرى من بعيد …………….. حيث اعتلت السفين رياه.
ترجمان شوق سامر من أليق ……………زان الأليف بالودود صفاه.
جل الكريم بالعطاء عطاءا ……………… يربي العبيد بالرؤوم دعاه.
أم رقوب نادمت سر عبد ………………… من قلبه البرحاء تغفو دجاه.
مثل العطايا دون حد غناء …………………من سره النعماء تصغي سماه.
لما تجلى بالشراب شهودا ………………… عاث الوليد بالأعالي ضياه.
حل الوحيد بالرحاب كعبد ………………… من حبه الشم الرفيف دناه.
فيها ترامت بالقصيد هبوبا …………………رياح غرب بالشرود سماه .
من بعد ترح بالنزوح بميل ………………غاب الحبيب بالغياب شفاه.
وعندكم أعطاف صب كريم…………… في علوه الأسماء تغدو علاه.
وعندكم أستار بيت عظيم …………… من برقه الأفشاء يسمو بناه.
وعندكم أوداج موت أليف …………..في رمسه الإفصاح تدنو غذاه.
وعندكم أمشاج عتق عفيف ………….في رحمه الكتم الرقيب مناه.
في كأسكم أفنى الغذاة بصبح……………عند الأصيل بالرفاه ثراه .
في قدحكم أسمى البروق بريقا ………….من نجمها لاحت بذكر صباه.
ياسيدا أعطى المراد بإذن ……………… في حضنه لاذ الوحيد فتاه.
من بارقات بالوميض شعاعا …………….. كان الصلاح بالمليح غناه.
لم يرتجي دون الكريهة مناحا ……………..عند الزحوف بالجهاد غشاه .
ياموئلا عند السماع شهودا ………………….زدنا رشوحا بالشراب بقاه .
5.* في حضرة العجز و الحيرة
وكان عجزي بالمقام حائرا ………يدنو برفق من خليل حضرة.
يبقى بقرب في التياع غامر ……. يرجو السماح من سليل نظرتي.
أنت المنيف في بهاء ساحر ……..ترضي الصفاء في بساط مهجة.
وسار بوحي بالفياف سابحا ……..يرنو لكتم بالهباء مقتي.
وكان ذكري بالعلا عاجزا ……عن نائرات بالبهاء حلتي.
6.في الوصل و الهجر
وقال طيفي للخيال مفصحا …. عن بسطه يوم التراقي سامرا.
قي ليلة صداحة عن مودة ……. في كاسها شم القراح ناثرا.
جال الهوى في صمتها ياسادتي …….بين الربوع بالفخار ساحرا.
في ذكركم كان المساء تاليا ……. شوق الأماسي بالبراح ناظرا.
أبديت سري بالوصال منشدا ….. كل القصيد بالمنال نائرا.
تبريح قلب فالحشا في بعده ….. مثل الرضيع بالفطام خائرا.
في ذكركم كنت الوليد حينها ….. كشف الخليل بالمساء ساهرا.
لم أرتجي من بوحكم غير الصفا …. عند الدعاء بالرجاء ذاكرا.
وكنت سرا بالمعاني ناعما .. برد الطريق بالخلال زاهرا.
ذكر و بوح للصحاب كلما …. رجت بقلب بالبلايا ماهرا.
في خمركم كنت الرحيم ساترا ….. سر الرؤوف بالتياع سافرا.
وبحت كتما بالربوع والها ……. حلاج عصر بالفيوض ظاهرا.
—