اسلام عادل :
الملائكة و الشياطين ترقص الرومبا, تتمايل الملائكة, تتعثر الشياطين, و على الحان ساليري تبكي بعدها الملائكة و بلؤم تضحك حينها الشياطين التي استترت بعباءة من دخان تنفثه من اجوافها العفنة, تنام الملائكة, تقرأ الشياطين لرامبو فصل في الجحيم.
اشباح تلوك العلكة.. ملائكة تجمعها.. شياطين تسرقها..
لا احد يظفر لي شعري, يقلم اظافري,يغسلالطين الذي يثقل قدمي او يمسحاثار الطعام على شفتي..
لم يشتر لي احد علكة..!
لم أر علكة من قبل. كانت المرة الاولى التي ذهبت فيها الى المتجر.جذبتني صورة ولد ينفخ فقاعة بيضاء تغطي انفه و فمه.
و بدون تفكير, سارعت الى شراء العلكة, التقطت اول علبة فارغة وجدتها في القمامة. و جمعت العلكة على مر الايام. استطيع القول ان الذي كنت افعله اسمه “هواية”. فلم أكن اعرف هذه المفردة.
ألوكها بأسناني التي تبزغ للتو في فضاء فمي, او اسكن بها الام اسناني المسوسة.. افرقع الفقاعات..اخرج العلكة من فمي او اعجنها بين اصابعي الرفيعة بلعابي الدبق.. ابصقها او ادوسها لتمتزج بالرمال..
جمعت كل انواع العلكة التي بطعم النعناع و الهيل و الفاكهة, المدورة و المربعة. لم اكن قد مضغت بعد اي منها. و كل ليلة و انا انظر الى السماء افكر بأنواع العلكة التي لا اعرفها, و ماذا سأفعل اذا امتلأت العلبة, او اذا سرقها احد. كانت سري الاول و امتلاكي الاول. حاولت ان أخبأها فوق سطح بيتنا الذي تسلقت اليهسلما خشبيا و قلبي واجف.
و حين صعدت صاحت علي جدتي ان انتبه من الشبح الذي استوطن في السطح بين القش و الخشب. بقيت افكر! هل ابقى بجوار الشبح ام انزل السلم المتزعزع. انه ذات الشبح الذي يتلبس عمي. فالصخب الذي يحدثه ليلا و هو يكلم الاشباح يمزقني ارتياعا وانذعارا .
امسكت جدتي السلم و طلبت مني النزول. و لشدة فرحتي للتخلص من الدرجات الاولى المرعبة اسرعت الخطى في منتصف السلم و كدت أَهْوَى . اغتاظت جدتيو قالت اني على عجل دائما و اني سأبقى هكذا لأني اتيت الى الدنيا مسرعة قبل شهر من موعدي الطبيعي لعناق الارض فقد باغَت امي بمغادرة احشائها حين لم تتوقع ذلك.
قالت جدتي ايضا:
– لقد بقيتي مستلقة على السرير في المستشفى لساعات عارية محاولين ان نجد لك ثيابا من متبرعين. لقد كانت الحرب شرسة حينها الا انك متلهفة لسماع اصوت البنادق و قرقرة البطون الجائعة.
اخترت مكانا لعلكتي, بالقرب من شجرة السدر التي تتوسط بيتنا و تلقي بظلالها عليه. كانت جدتي تصلي حين خبأت علكتي فلم يرني احد.
اختلس نظرة اليها كلما سنحت لي الفرصة. امتلأت.. شعرت بالاعتزاز.. بالأنوثة التي لا أعيها.. بالأمان.. المفاهيم التي استوعبتها مؤخرا..
اختفت العلبة بعد عام … لم ار احدا مضغها قط, فرجحت ان الشبح قد سرقها.
أعزوا ضياعي لذلك الشبح الذي لا يواجهني, بل ينتقم مني و يضحك على بلاهتي بملء فيه.
لماذا سرقتها يا شبح؟
لم يجد الشبح شيئا اخر ليسرقه مني غير العلكة.. الى اليوم لم اعرف مصير علكتي.. و لذلك بت افرقع العلكة بلا رغبة في الاحتفاظ بها.
أريد من يعيد لي علكتي,يقرأ لي شعرا و يرقص معي الرومبا.
—