“خارج عن العلم – ناءٍ عن المصادر- داخل في الاسطورة – بعيد في أغوار الزمن- قريبٌ مضاع”- ختم سومري
وفقا للكثير من المصادر والأبحاث التاريخية المتعددة، فان الأهوار العراقية هي مجموعة المسطحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وتكون على شكل مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه. وتتسع مساحة الأراضي المغطاة بالمياه وقت الفيضان في أواخر الشتاء وخلال الربيع وتتقلص أيام” الصيهود”، وأطلق العرب الأوائل على هذه المناطق اسم “البطائح”، لأن المياه “تبطحت فيها”، أي سالت واتسعت في الأرض وكان ينبت فيها القصب.وفي تموز 2016 أعلنت منظمة اليونسكو العالمية، عن وضع الأهوار العراقية ضمن لائحة التراث العالمي كمحمية طبيعية دولية بالإضافة إلى المدن الأثرية القديمة الموجودة بالقرب منها مثل “أور واريدو والوركاء”،يعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة، ويستخدمون “المشاحيف” في تنقلهم وترحالهم في تلك الأهوار التي يعد لها تأثير إيجابي على البيئة فهي تعتبر مصدرا جيدا لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والمواد الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الرز وقصب السكر.ويعتقد البعض أن المنطقة هي الموقع الذي يُطلق عليه العهد القديم “جنات عدن”. وتشير الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم وتوضح ذلك الآثار والنقوش السومرية المكتشفة. فكرة تجفيف “هور الحمار” برزت في تقرير وليم ويلكوكس عام 1911 عندما اقترح تنفيذ ربط نهاية نهر الفرات في منطقة الطار مع مخرج هور الحمار في مدينة الجبايش ووضع سداد لهذا المجرى على الجانبين ليحرم هور الحمار من أهم مصادره المائية ونفذ هذا المقترح في ثمانينات القرن الماضي باسم الحفار، كما ظهر تجفيف هور الحمار في تقرير شركة تبيت وشركائها عام 1958 باسم مشروع ري وبزل المالحة، وقد تعرضت (الاهوار) للتجفيف بعد انتفاضة 2 / آذار/ 1991
(اهوارنا..نص مفتوح ) للباحثة (خيرية عبود ياسين)- مديرة بيئة المنطقة الجنوبية سابقاً – بالأشترك مع القاص، والروائي والمسرحي عبد الحليم مهودر – دار تموز للطباع والنشر- دمشق- 2016 . بمثابة نصٍ انثروبولوجي، وتداخل لعلاقات وتوجهات تجنيسية بين ما هو تاريخي – سردي مفتوح على آفاق موغلة في (الزمكان) العراقي،و توثيق ، لأهوار العراق، معززاً بالصور الفوتوغرافية الملونة ـ لـ((خالد عبد المجيد، حيدر الناصر،علي أبو عراق،عماد فالح،احمد المالكي،عمار الصالح،فراس يعقوب،مكتب بصرياثا،احمد البزوني))- عن حياة سكان الأهوار، وعاداتهم وسبل عيشهم والطبيعة الجغرافية للأهوار، وكل ما يمس الحياة اليومية لسكانها – العصيين على الترويض- وميزاتهم شديدة الخصوصية، المحلية الجنوبية – العراقية ،التي تتزاحم فيها صباحات الاهوار المكفهرة ، وغابات القصب والبردي ،وهي تحجب الرؤية بكثافاتها، والمجاذيف والكوفيات و(العقل) ودشاديش(الخيش) الخشن والبنادق بخراطيشها للصيد أو للثأر أو للانتقام، والخناجر المربوطة عند الخصر بحزام جلدي أو حبل مبروم ، والفالات الحادة ، والجواميس والخنازير والأبقار والفوانيس ، والرنين المتواصل لـ(هاونات) دلال القهوة عصراً، معلنةً ترحيبها بالضيف الذي حل، مكرماً، هنا، وعلى الجميع الحضور بعد المساء للترحيب به والسمر معه ، ولسعات “الحرمس” والبرغوث، سيد ليل الأهوار ، والطين والحجر وزمجرة الرياح التي لا ترحم ، والـ(طراريد) المطلية بقار الأسلاف السومريين.” أهوارنا..نص مفتوح” وقع على ( 16) فصلاً تناولت تاريخية الاهوار- العراقية ، الموغلة في القدم، وتكوينها وحياة سكانها وعاداتهم ومواردها والميثلوجيا والتأثيرات السياسية والبيئية التي حدثت للاهوار بعد تجفيفها من قبل النظام المنهار، ومحاولته القضاء على مكون عراقي- تاريخي أصيل ، تلك المحاولات التي جوبهت حينها بصمت دولي نفعي مريب، رغم كل الأصوات العراقية- الملتاعة، خارجياً- داخلياً.لا ينطبق على تجفيف (الاهوار)،زمن النظام السابق، غير رثاء مدينة (أور):” إيه (انانا) إن تلك المدينة قد تحولت إلى رميم/ في أبوابها العالية / رميت جثث الموتى/ وفي شوارعها المشجرة / حيث كانت تنتصب الولائم/ وفي كل طرقاتها / التي كانوا فيها يتنزهون/ ألقيت الجثث / وفي ميادينها/ حيث كانت تقام الاحتفالات / استلقى الموتى بالأكوام”. يذكر أن الكتاب أنجز قبل عام 2008 وقدم حينها إلى جهة حكومية ،لغرض الاستفادة منه في حملة ” إنعاش الاهوار” وكان من المؤمل أن يدرس ويعتمد ويطبع كذلك على نفقتها،لكنه تعرض للإهمال أولاً،و السرقة ثانياً ، إذ تم نشر بعض فصوله على (الشبكة العنكبوتية) باسم آخر.
—