أوسلو- أصبح بإمكان القارئ العربي بالنرويج التعرف على أدب وثقافة هذا البلد الاسكندنافي ومختلف رواده، من خلال أعمال الترجمة التي دأبت المغربية زكية خيرهم على إنجازها منذ عدة سنوات.
وجعلت زكية خيرهم، الحاصلة على ماجستير أدب إنجليزي من جامعة “سان فرتنسيس كالدج”، والعضوة في نقابة الكتاب في النرويج، من الترجمة جسرا للتقريب بين الثقافتين العربية والاسكندنافية عموما.
وتعد ترجمة كتاب “فلسفة المكتشفين” للنرويجي أرلنغ كاغا، الذي يقدم رؤية فلسفية عن مجال الاستكشاف، آخر أعمال زكية خيرهم بعد ترجمته إلى اللغة العربية.
وتعتبر هذه الترجمة الأولى من نوعها إلى اللغة العربية لمؤلفات هذا الكاتب النرويجي المشهور الذي يهتم بالمجال الفلسفي والأدب وتحليل الشخصية الاسكندنافية انطلاقا من تجارب ذاتية.
وأصبح الكتاب، الذي يرصد التجربة الإنسانية والثقافية لهذا الكاتب النرويجي، في متناول القارئ بالعربية بإدراجه ضمن خزانة المكتبات العمومية لهذا البلد الاسكندنافي.
ويتناول هذا المؤلف، الذي صدرت نسخته النرويجية سنة 2006، فلسفة المكتشفين ويحللها ويعرض شخصية المكتشف المبدع من خلال جوانب متعددة، مع رؤية حول مرامي الاكتشافات التي يقوم بها أفراد في القطب الشمالي ضمن مغامرات تتوخى بعث الأمل من أجل حياة أفضل.
ويقول أرلنغ كاغا في كتابه إن “الحياة تجربة واكتشاف، لكن العديد من الناس لا يميلون إلى المغامرة”، في حين أن “هناك من يعيش المخاطرة والاكتشاف بكامل وعيه”.
ويؤكد الكاتب، الذي من بين مؤلفاته “الصمت في زمن الصخب” و”فن جمع الإنتاج الفني” و”تحت مانهاتن” و”ما لم أتعلمه في المدرسة”، أن الأحلام وسيلة لاكتشاف أقصى المغامرة، خاصة أن بعض الأشخاص يتبنون “فلسفة الاكتشاف بالفطرة”.
وتطرق الكتاب إلى مغامرات الناشر التي انتفض فيها على الانعزالية التي اتسمت بها طفولته، حيث خاض رحلة محفوفة بالمخاطر في القطب الشمالي، مؤكدا أنها علمته كيف يعيش بصورة عادية بعيدا عن ضغط الحياة اليومية المستلبة من قبل التكنولوجيا المتقدمة.
ويأتي تأليف الكتاب ثمرة رحلة إبحار هذا الفيلسوف عبر المحيط الأطلسي وفي القطبين الجنوبي والشمالي دون مساعدة خارجية، وكذا تسلق مرتفع جبل ايفرست.
وأكدت زكية خيرهم، التي سبق أن عملت مستشارة بالمركز الثقافي النرويجي سنة 2004، أن الكاتب يشدد على ضرورة توفر ثنائية “الاستقلالية والاكتشاف”، وتحمل المصاعب المستحيلة في الحياة.
وأشارت خيرهم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن المؤلف يقدم محطات من تأملاته وتجاربه في الحياة منذ كان طفلا إلى أن أصبح مشهورا في القارة الأوروبية.
وأبرزت أن الكاتب، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة، ركز في مؤلفه على الوحدة الإيجابية التي يحتاجها المرء للاختلاء بنفسه في هذا الزمن الذي “حينما يخلو المرء مع نفسه يعتبر نوعا من الترف”.
وتوجد أعمال قليلة لكتاب نرويجيين مرموقين ترجمت إلى لغة الضاد، بفعل صعوبة هذه اللغة وتراكيبها المعقدة، ولكون القراء المحتملين لهذا الصنف من المؤلفات الاسكندنافية أقل من تلك التي تصدر في باقي بلدان أوروبا.
وأكدت خيرهم أن دافعها لترجمة هذا المؤلف يكمن في تعريف القارئ بالعربية على الثقافة النرويجية والواقع السياسي والفلسفي والتاريخي لهذا البلد.
وأضافت أن ترجمة المؤلفات الصادرة في البلدان الاسكندنافية بدأت تنتشر بشكل جيد، خاصة القصص البوليسية التي يعتبرها المتتبعون متفوقة على نظيراتها في البلدان الغربية.
وذكرت بالإقبال الذي حظي به كتاب “عيون في غزة” للطبيب النرويجي مادس غيلبرت، الذي ترجمته للغة العربية حيث يحكي تجربته في تطبيب جرحى العدوان الإسرائيلي على سكان القطاع.
وأبرزت خيرهم، التي تقوم بتنظيم صالونات أدبية منتظمة بأوسلو، أن الإقبال أدى إلى طباعته لعدة مرات، خاصة أنه يقدم تجربة طبيب غربي وحيد إبان الحرب على القطاع، وعمل أيضا كمراسل لقنوات أجنبية لكون أغلب وسائل الإعلام لم تتمكن خلال تلك الفترة من دخول القطاع لتغطية الأحداث التي جرت آنذاك.
كما تأتي ترجمة الكتب النرويجية إلى اللغة العربية لوجود قراء محتملين لاقتناء المؤلفات النرويجية التي أصبحت تحظى بالمتابعة لكون هذا البلد يعرف ارتفاعا متزايدا لعدد الناطقين بالعربية من مختلف الجنسيات خاصة القادمين من الشرق الأوسط بفعل الهجرة واللجوء.
وأكدت خيرهم، التي صقلت تجربتها مع الكتاب الاسكندنافيين عبر، على الخصوص، إصدار مسرحية مشتركة مع كاتبة الدراما السويدية، لينا ستايملر (سنة 2008)، أن الكتب الصغيرة المبسطة التي تقوم بعض دور النشر بترجمتها إلى لغة الضاد تحظى بقبول لدى القارئ العربي، خاصة تلك المهتمة بأعلام الأدب والفكر النرويجي من قبيل المسرحي المشهور إريك إبسن.
—–