1/ “رام غوبال باجاج” / الهند ـ آسيا & المحيط الهادي (مدير المسرح والمسرح والسينما الممثل، أكاديمي، مدير المدرسة الوطنية للدراما ، دلهي).
السيرة الذاتية (رام غوبال باجاج)/ الهند
رام غوبال باجاج. ولد في عام 1940 في داربهانغ، الهند، رام غوبال باجاج هو الممثل الحائز على جائزة و نالت استحسانا كبيرا، مدير، كاتب ومعلم المسرح.
بعد الانتهاء من تخرجه من جامعة بيهار في عام 1960، ثم ذهب إلى المدرسة الوطنية للدراما في عام 1965 – وهي مؤسسة أصبح منذ ذلك الحين مرادفا – حيث تخصص في التمثيل. بعد التخرج، أصبح باجاج عضوا هيئة التدريس في المدرسة الوطنية للدراما، حيث شحذ نظرياته على تعليم المسرح. كان يعمل في مدير الجامعة، ومحاضر ضيف، في جامعة البنجابية، وجامعة حيدر أباد والمدرسة الحديثة المرموقة في نيودلهي.
بعد الحصول على أسس في التعليم، ذهب باجاج لتصبح واحدة من مؤسسي “ديشانتار”،مجموعة من عمال المسرح المحترفين أنشئت في عام 1967، أدائه في وقت مبكر، من كل من الدراما الهندية والدولية، كانت كلها المشهود لهم للغاية. في وقت لاحق انه أنشأ نفسه كمدير، ووضع الكثير من ما تراكمت كممثل وباحث في الممارسة.
منذ اختراقه الأولي، ذهب باجاج للعمل في 36 مسرحية وتوجيه 45 إنتاج. ومن الفضل أنه حصل على جوائز في كلا المجالين، مثل “الجائزة الوطنية للمسرح الهندي الخيال” من الصحافة الوطنية الهندية لمديرته في عام 1992، و ” جائزة أفضل ممثل” في دادا صاحب فالك. مهرجان الفيلم في عام 2017. وقد ترجم أيضا وتكييفها 19 مسرحيات من لغات مختلفة في الهندية وتشتهر أسلوبه الفريد من تلاوة الشعر.
لخدماته الهائلة للمسرح، حصل رام غوبال باجاج على ” بادما سري” من قبل رئيس الهند في عام 2003. وقد منحت من قبل الأكاديمية الهندية ناتاك سمان في 2015 و 2016 و 2017لمساهماته البارزة في شريعة اللغة الهندية والأدب. وهو لا يزال نشطا كممثل ومخرج وكاتب في كل من المسرح والسينما اليوم.
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2018 – آسيا ومنطقة المحيط الهادي
رام غوبال باجاج ، الهند
مخرج مسرحي وممثل مسرحي وسينمائي وأكاديمي والمدير السابق للمدرسة الوطنية للدراما في دلهي.
بعد الاطلاع على كل قصص تطور البشرية بتنا نعرف شيئًا واحدًا فقط باختصار: أن جميع أشكال الحياة تميل إلى البقاء حتى الأبدية، وأن الحياة الممكنة تميل إلى التفوّق على الزمان والمكان حتى تصبح خالدة. وفي إطار هذه العملية تشوّه أشكال الحياة وتدمّر نفسها أيضاً في كافة أنحاء العالم، ومع ذلك فنحن بحاجة إلى الحد من النقاشات حول بقاء البشرية وتحررها من رجل الكهف في العصر الحجري وصولاً إلى عصر الفضاء، فالأهم من ذلك هو: هل نحن الآن أكثر مراعاة؟ أكثر تعاطفاً؟ أكثر سعادةً؟ هل نمنح المزيد من الحب للطبيعة التي نشأنا منها؟
منذ بداياتنا، استخدمت الفنون الأدائية الحية (الرقص والموسيقى والتمثيل/ الدراما) أيضًا أداة متطورة وهي اللغة التي تتألف من حروف العلة والحروف الساكنة، وتعبّر حرف العلة بشكل أساسي عن المشاعر أو العواطف بينما تعكس الحروف الساكنة الشكل والفكر/ المعرفة، ونتج عن اللغة علوم الرياضيات والهندسة والتسلح الحربي والآن الحاسوب. ولا يمكننا في هذا الوقت التراجع من تطور اللغة هذا، فالأرض نفسها لن تنجو إذا لم نقم بتحرير السعادة المشتركة الناتجة عن الفنون المسرحية الحية والمعرفة (بما في ذلك التكنولوجيا) وإعادة رفعها وسموها عن الدنيوية والغضب والجشع والشر.
لقد ولّدت وسائل الإعلام الجماهيري والعلوم والتكنولوجيا لدينا قوة شيطانية، وبالتالي فإن شكل المسرح ليس هو ما يشكّل أزمة اليوم ، بل إن الأزمة تكمن في المحتوى والبيان والقلق الذي يحيط به، فنحن بأشد الحاجة إلى مناشدة البشرية اليوم من أجل إنقاذ كوكب الأرض وبالتالي إنقاذ “المسرح”. على المستوى العملي ، يجب إتاحة فن التمثيل والفنون الأدائية للأطفال منذ المرحلة الإبتدائية، وأعتقد أن هذا سينشئ جيلاً أكثر تعاطفاً تجاه الطبيعة والحياة، وبذلك تكون ميزة اللغة أقل ضرراً على كوكب الأرض والكواكب الأخرى، بالإضافة إلى أن “المسرح” سيصبح أكثر أهمية في الحفاظ على الحياة واستمرارها، ولذلك فهو بحاجةٍ إلى تمكين الفنان الذي يقوم بأداء الفنون الحية، وتمكين المتفرج دون أن يهدد أيٌّ منهما الآخر في هذه الحقبة الكونية من التآزر والتكاتف.
إنني أحيّي المسرح وأناشد العالم أن ينفِّذ ويسهِّل وجوده على المستوى الشعبي وفي المناطق الريفية والحضرية: ” الجسد واللغة والتعاطف معًا من أجل تعليم الأجيال”.
ترجمة: حصة الفلاسي
مركز الفجيرة للهيئة الدولية للمسرح – دولة الإمارات العربية المتحدة
**********
2/ “مايا زبيب” لبنان/ الدول العربية (مديرة مسرحية، مؤلفة، كاتبة و مؤسس مشارك في شركة مسرح زوقاك)
السيرة الذاتية (مايا زبيب)/ لبنان
هي مديرة مسرحية، ومؤلفة، وكاتبة ومؤسس مشارك في شركة مسرح زوقاك.
وقد عرضت أعمالها في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب آسيا. وقد درست المسرح دوليا في السياقات الأكاديمية وغير الأكاديمية. كانت مسؤولة عن خلق عمل لمركز الفنون الندوية بجامعة نيويورك، وجامعة هيوستن، وكلية ويليامز، ومسرح كريفيلد / مونشنغلادباخ، ومهرجان شويندلفري، ومهرجان ليفت، ومسرح رويال كورت.
زبيب هي طالبة سابقة في جامعة غولدسميث في لندن (2007) من شيفينينغ / كرف (2007)، القيادة الثقافية الدولية (2010)، وهي باحثة إيسبا، نيويورك (2010)، وتم اختيارها على أنها بيتر بروتيج. سيلارز، كجزء من مبادرة رولكس ومنتدى الفنون المحمية (2011). وقد حصلت زوكاك على جائزة إبسن (2012)، وجائزة الحوار الأورومتوسطي لمؤسسة آنا ليند للمرونة الاجتماعية والإبداع (2014)، والفنانين الشباب برياميوم للفنانين الشباب من جمعية الفنون اليابانية (2017) والجائزة مؤسسة ثقافة السلام شيراك (2017).
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2018 – الدول العربية
مايا زبيب ، لبنان
مخرجة وممثلة وكاتبة مسرحية ، عضو مؤسس لفرقة زقاق المسرحية
هي لحظةُ من التواصل، هو لقاءٌ لا يمكن أن يتكرّر ولا يمكن وجوده في أي نشاطٍ علمانيٍ آخر. إنها ببساطة بادرة من طرف مجموعةٍ من الناس اختاروا أن يجتمعوا معاً في نفس المكان و الزمان للمساهمة في تجربةٍ مشتركة. إنها دعوة لأفرادٍ كي يشكّلوا مجموعة، ويتبادلوا الأفكار، ويتصوّروا سبل تقسيم عبء الأفعال الضرورية… كي يستعيدوا ارتباطهم الإنساني رويداً رويداً، ويجدوا أوجه التشابه بينهم. إنه المكان الذي يمكن فيه لقصةٍ معينة أن ترسم خطوط العالمية… هنا يكمن سحر المسرح حيث يستعيد التمثيل خصائصه القديمة.
في ظل ثقافة الخوف من الآخر المستشرية عالمياً، والعزلة والوحدة، يصبح تواجدنا معاً هنا والآن، فعلاً من المحبة. أن تبتعد عن الإشباع الفوري والانغماس الذاتي في مجتمعاتنا ذات النزعة الاستهلاكية العالية والتطور المتسارع وتقرر أن تأخذ الوقت للتفكير والتأمل في الآخرين، فذلك بحدّ ذاته فعلٌ سياسيّ وهو عملٌ فيه ما فيه من السخاء.
كيف يمكننا إعادة تصوّر مستقبلنا بعد سقوط الأيديولوجيات الرئيسية وبعد ثبوت فشل النظام العالمي الحالي على مرّ العقود؟ ولما كانت السلامة والراحة هما الشاغل الأساسي وذو الأولوية في الخطابات السائدة، فهل ما زال يمكننا الخوض في نقاشاتٍ غير مريحة؟ هل يمكننا أن نخطو تجاه المناطق الخطرة دون الخوف من فقدان امتيازاتنا؟
اليوم أصبحت سرعة المعلومات أكثر أهمية من المعرفة، وأصبحت الشعارات أكثر قيمةً من الكلمات، وصور الجثث أكثر تبجيلاً من الجسد الإنساني الحقيقي. هنا يأتي المسرح، ليس فقط ليذكّرنا أننا مصنوعون من لحم ودم وأنّ لأجسادنا وزناً، بل ليوقظ جميع حواسنا، ليقول لنا أننا لسنا بحاجةٍ للاستيلاء والاستهلاك بما تراه أعيننا فقط، فالمسرح يأتي ليعيد للكلمات قوّتها ومعناها، ليستردّ الخطاب من السياسيين ويعيده إلى مكانه الصحيح… إلى ساحة الأفكار والمناقشة، حيث الرؤية الجماعية.
من خلال قوّة الحكاية والخيال، يمدّنا المسرح بطرقٍ جديدة لرؤية العالم ولرؤية بعضنا البعض، وهذا من شأنه أن يفتح المجال للتفكير المشترك وسط الجهل الساحق للتعصّب. عندما يعود مجدداً وبكل سهولة الخوف من الآخر وخطاب الكراهية وسيادة الرجل الأبيض بعد سنواتٍ من العمل الشاق وتضحيات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم لمحاربة كل تلك الأمور المخزية… وعندما تُطلق النار على الأولاد والبنات في عمر الزهور في الرأس ويُسجنون لرفضهم الامتثال للظلم والفصل العنصري… وعندما يحكم متطرّفين غير متّزنين بعض الدول الكبرى في العالم… وعندما تلوح في الأفق الحرب النووية كلعبة افتراضية بين رجالٍ وصبيةٍ في مواقع السلطة… وعندما يصبح التنقّل مقصوراً أكثر فأكثر على عددٍ قليلٍ من المختارين، في حين أن اللاجئين يموتون في البحر، في محاولةٍ للدخول إلى الحصون العالية للأحلام الوهمية، حيث يتم بناء جدرانٍ أكثر وأكثر تكلفة، فأين يجب أن نسائل عالمنا؟ خاصةً في حين أن معظم وسائل الإعلام قد باعت مبادئها. ليس لنا إلا ألفة المسرح حيث يمكننا أن نعيد التفكير في حالتنا الإنسانية، وأن نتصور النظام العالمي الجديد بشكل جماعي، ليس فقط بالحبّ والرحمة ولكن أيضاً بمواجهةٍ بنّاءة من خلال الذكاء والمرونة والقوّة.
بما أنني من منطقة عربية، فإنني أستطيع أن أتحدّث عن الصعوبات التي يواجهها الفنانون في العمل، ولكنني أنتمي إلى جيل من المسرحيين الذين يشعرون بالامتياز لأنّ الجدران التي نحتاج إلى تدميرها كانت دائماً جدران واضحة. وقد دفعنا هذا إلى تعلّم كيفية تحويل ما هو متاح ودفع التعاون والابتكار إلى أقصى حدوده، فقد قمنا بالعمل المسرحي في الأقبية وعلى أسطح المنازل وفي غرف الجلوس وفي الأزقّة وفي الشوارع. وكنّا نجمع جمهوراً حيثما ذهبنا، في المدن والقرى وفي مخيّمات اللاجئين. لقد كانت لدينا ميزة بناء كل شيء من الصفر في بيئاتنا، وتصوّر طرقٍ للتهرب من الرقابة، في حين أننا لا نزال نعبر الخطوط الحمراء ونتحدّى المحظور. تواجه اليوم هذه الجدران جميع المسرحيين في العالم، حيث لم يسبق للتمويل أن يصل لهذه الندرة وأن يتحول التهذيب السياسي إلى رقابةٍ جديدة.
وهكذا، فإنّ لمجتمع المسرح الدولي دوراً جماعياً يلعبه اليوم أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هذه الجدران المتنامية، الملموسة وغير الملموسة. اليوم هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة ابتكار هياكلنا الاجتماعية والسياسية بصورةٍ خلاقة، وبأمانةٍ وشجاعة لمواجهة أوجه القصور لدينا وتحمل المسؤولية تجاه العالم الذي نشارك في صنعه.
وبِوَصفنا صنّاع مسرح العالم، فإننا لا نتبع أيديولوجية أو نظام يرتكز على معتقدٍ واحد، ولكن نشترك في بحثنا الأزلي عن الحقيقة بجميع أشكالها، وفي مساءلتنا المستمرّة للوضع القائم، وفي تحدينا لأنظمة القوة القمعية، وأخيراً وليس آخراً، في نزاهتنا الإنسانيّة.
نحن كثيرون، نحن لا نعرف الخوف، ونحن باقون ههنا!
********************
3/ “سيمون ماك بورني” الولايات المتحدة/ أوروبا (ممثل، كاتب، مدير المرحلة والمؤسس المشارك للمسرح من كومبليسيتي)
السيرة الذاتية (سيمون ماك بورني” الولايات المتحدة/ أوروبا)
ولد في كامبردجشاير 1957، هو ممثل الإنجليزية والكاتب ومدير المرحلة. بعد دراسة الأدب الإنجليزي في جامعة كامبردج، سرعان ما لفت انتباهه إلى المسرح والمسجل في المدرسة الدولية للمسرح جاك ليكوق في باريس.
في عام 1983 شارك في تأسيس مسرح التشابه في لندن وبدأ على الفور في استخدامه. وقد فعل ذلك من خلال توجيه عدد كبير من إنتاجات الشركة المعروفة مثل: ‘منيمونيك’ (1999)، ‘الفيل يختفي’ (2003)، ‘قلب الكلب’ (2010) و ‘الماجستير ومارجريتا’ (2011) ).
كتب سيمون ماكبورني ووجه في عام 2007 “عدد مختفي”، حول التعاون بين عالم الرياضيات البريطاني والعلم الهندي. هذا الأداء جولات في العالم. وعلاوة على ذلك، في عام 2009 ساعد في تصور وتوجيه إنتاج مسرح كومبليسيتي من “شون كين”، استنادا إلى المؤلف الياباني جونشيرو تانيزاكي.
وقد قيل أن مسرح كومبليسيتي هو جعل كثيرا في صورة سيمون ماكبرني الفهم النظري والأكاديمي للمسرح. ومن المعروف عن أسلوبه المسرحي المميز الذي يركز بشكل كبير على الصور القوية، والمادية، والشعرية والسريالية في حوار مع شعور سامية من مشهد. عمل الشركة هو اشادة في جميع أنحاء العالم.
وقد تم الاعتراف مساعيه مع العديد من الجوائز المرموقة؛ في عام 1998 حصل على جائزة لورانس أوليفييه لأفضل الكوريغرافيا لإعادة صياغة “دائرة الطباشير القوقازية”. في عامي 1999 و 2007 حصل على جائزة مسرح نقاد الدائرة ل “منيمونيك” و “عدد اختفاء” على التوالي. وفي عام 2005 حصل على جائزة أوب (ضابط من الإمبراطورية البريطانية).
بعد المسرح، واصل سيمون ماكبورني العمل كممثل وكاتب في كل من السينما والتلفزيون.
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2018 – أوروبا
سايمون ماكبرني ، المملكة المتحدة
ممثل وكاتب ومخرج مسرحي والمؤسس الشريك لمسرح كومبليسيت
على بُعد نصف ميلٍ من الساحل القيرواني في شمال ليبيا يوجد مأوىً صخريٌّ شاسع يبلغ عرضه 80 متراً وارتفاعه 20 متراً، ويطلق على هذا الكهف في اللهجة المحلية اسم “هوا فطيح”. في عام 1951م أظهر تحليل الكربون الذي يستخدم لتحديد عمر الآثار أن الإنسان استوطن هذا الكهف لفترةٍ زمنيةٍ مستمرةٍ لا تقل عن 100,000عام، ومن بين القطع الأثرية التي تم اكتشافها كان هناك مزمارٌ مصنوعٌ من العظمٌ يعود تاريخه إلى ما بين 40 و 70 ألف عام.
كصبيٍّ عندما سمعت بهذا سألت والدي:
“هل كان لديهم موسيقى؟”
ابتسم لي وقال:
“حالهم كحال كافة المجتمعات البشرية.”
كان والدي أمريكي المولد وعالماً في آثار ما قبل التاريخ، وكان أول من حفر “هوا فطيح” في برقة.
إنه لشرفٌ عظيمٌ لي أن أمثل قارة أوروبا في كتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح هذا العام.
في عام 1963م ، قال سَلَفي في كتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح، الكاتب والروائي والمسرحي الكبير آرثر ميلر في الوقت الذي كان تهديد الحرب النووية يثقل كاهل العالم: “في هذا الوقت الذي أصبحت فيه أسلحة الدبلوماسية والسياسة قصيرةً وضعيفةً للغاية، فإن على الفن بامتداده الرقيق ولكن الطويل المدى أحياناً أن يتحمل عبء تماسك وترابط المجتمع البشري”.
تم اشتقاق كلمة دراما من الكلمة اليونانية “dran” وتعني “العمل”، بينما تنبع كلمة “المسرح” باللغة الإنجليزية من الكلمة اليونانية “Theatron”، ومعناها الحرفي هو “مكان الرؤية”، مكانٌ لا ننظر فيه وحسب، بل نرى وندرك ونفهم. قبل 2400 عام، صمم بوليكليتوس مسرح إبيداوروس الكبير والذي يتسع لـ 14,000 مشاهد ويعتبر معجزةً في الهندسة المعمارية بسبب خصائصه الصوتية المذهلة في الهواء الطلق، حيث يمكن أن يسمع صوت عود ثقابٍ يتم إشعاله في منتصف خشبة المسرح في كافة المقاعد البالغ عددها 14,000 مقعداً، وكما هي العادة في المسارح الإغريقية عندما تنظرون إلى الممثلين يمكنكم أيضا رؤية ما ورائهم من المناظر الطبيعية، فلم يقتصر الأمر على تجميع عدة أماكنٍ في الوقت نفسه: المجتمع والمسرح والعالم الطبيعي، بل استحضر أيضاً كافة الأزمنة في ذات اللحظة، وبما أن المسرحية تستحضر الأساطير الماضية في الوقت الحالي، يمكنكم النظر إلى المسرح ورؤية ما سيؤول إليه مستقبلكم النهائي: الطبيعة.
إن أحد أهم الاكتشافات المرتبطة بإعادة إعمار مسرح غلوب الشيكسبيري في لندن تتعلق أيضاً بما يمكنكم رؤيته، فهذا الاكتشاف متعلقٌ بالضوء، حيث يتم إضاءة خشبة المسرح والقاعة بالتساوي، فيمكن للفنانين والجمهور رؤية بعضهم البعض، فترى الأشخاص في كل مكان تنظر إليه وفي كل وقت، وأحد النتائج المترتبة على ذلك هو تذكيرنا بأن المناجاة الرائعة، على سبيل المثال، لهاملت أو ماكبث لم تكن مجرد تأملات خاصة، بل مناظراتٍ عامة.
نحن نعيش في وقتٍ تصعب فيه الرؤية بوضوح، إننا محاطون بالخيال أكثر من أي وقت مضى في التاريخ أو ما قبل التاريخ، يمكن الطعن في أي “حقيقة”، ويمكن لأي حكايةٍ أن تطالب بانتباهنا على أنها “الحقيقة”، هناك شكلٌ واحدٌ من الخيال على وجه الخصوص يحيط بنا باستمرار وهو ذلك الذي يسعى لتفرقتنا عن الحقيقة وعن بعضنا البعض، فنصبح منفصلين: البشر عن البشر والنساء عن الرجال والبشر عن الطبيعة.
ولكن كما نعيش في زمن الانقسام والتشرذم، فإننا نعيش أيضًا في زمن الحركة الهائلة، فالناس يتحركون أكثر من أي وقتٍ مضى في التاريخ، فتراهم يفرّون ويمشون ويسبحون إذا لزم الأمر، ويهاجرون إلى كافة أنحاء العالم، وهذه هي البداية فقط. والرد كما نعلم كان بإغلاق الحدود وبناء الجدران وبالصمت والعزلة. نحن نعيش في نظام عالميٍ مستبد، حيث اللامبالاة هي العملة والأمل هو البضائع المهرّبة، وجزء من هذا الطغيان هو السيطرة ليس على الفضاء فحسب، بل على الزمان أيضاً. فالزمن الذي نعيش فيه يتجنب الحاضر، ويركز على الماضي القريب والمستقبل القريب: أنا لا أملك هذا وسأشتري هذا.الآن وقد اشتريته يجب أن أحصل على الشيء… التالي، تم طمس الماضي البعيد، ولا توجد عواقب للمستقبل.هناك العديد ممن يقولون بأن المسرح لا ولن يستطيع تغيير أي شيء من هذا، ولكن المسرح باقٍ لن يذهب، لأن المسرح موقع، وأميل أن أقول أنه مأوى، يتجمّع فيه الناس ويشكّلون المجتمعات على الفور، كما فعلنا دائماً، كل المسارح تماثل في حجمها أحجام المجتمعات البشرية الأولى: من 50 إلى 14,000 نسمة، من قافلةٍ بدوية إلى ثلث أثينا القديمة.
ولأن المسرح موجودٌ في الحاضر فقط، فهو يتحدى هذه النظرة الكارثية للزمن، فاللحظة الحالية هي دائما موضوع المسرح، ويتم إنشاء معانيها في العمل المشترك بين الفنان والجمهور. ليس هنا فقط، بل الآن. فبدون تمثيل الفنان لا يستطع الجمهور التصديق، وبدون تصديق الجمهور لن يكون الأداء كاملاً، فنحن نضحك في نفس اللحظة وتتحرك مشاعرنا ونشهق أو نشعر بالصدمة إلى درجة الصمت، وفي تلك اللحظة من خلال الدراما نكتشف تلك الحقيقة الأكثر عمقاً: أن ما اعتقدناه أكثر الأشياء خصوصية في انفصالنا عن بعضنا البعض وهو حدود وعينا الفردي، هو أيضاً بلا حدود. إنه شيء نتقاسمه.
لا أحد يستطيع إيقافنا، سنعاود الظهور في كل ليلة، وسيعاود الجمهور والممثلون التجمع في كل ليلة، وسيتم تمثيل الدراما نفسها، لأنه كما يقول الكاتب جون بيرغر “في عمق طبيعة المسرح يوجد الإحساس بعودة الطقوس”، وهذا هو السبب في أن المسارح كانت دائمًا الشكل الفني للمحرومين، وهو -بسبب التفكك الحالي لعالمنا- حالنا جميعاً. حيثما يوجد الفنانون الأدائيون والجمهور سيتم تمثيل القصص التي لا يمكن سردها في أي مكان آخر، سواءً في دور الأوبرا والمسارح في مدننا الكبيرة، أو في المخيمات التي تأوي المهاجرين واللاجئين في شمال ليبيا وفي جميع أنحاء العالم، سنظل دائماً ملتزمين معاً بشكل جماعي بمعاودة تمثيل الحكايا.
ولو كنا في مسرح إبيداوروس الكبير يمكننا النظر إلى الأعلى ورؤية كيف نتشارك هذه اللحظة مع المناظر الطبيعية، وندرك أننا دائماً جزء من الطبيعة ولا يمكننا الهرب منها كما لا يمكننا الهرب من كوكبنا، ولو كنا في مسرح غلوب سنرى كيف يمكن طرح الأسئلة التي تبدو خاصةً علينا جميعاً، ولو كانت لدينا فرصة حمل المزمار العظمي في برقة والذي يعود لـ 40,000 مضت، سنفهم أن الماضي والحاضر هنا لا يمكن تجزئتهما، وأن سلسلة المجتمع البشري لا يمكن أبداً كسرها من قبل الطغاة والديماغوجيون.
ترجمة: حصة الفلاسي
مركز الفجيرة للهيئة الدولية للمسرح – دولة الإمارات العربية المتحدة
**********
4/ “سابينا بيرمان” المكسيك ـ الأمريكتين (كاتبة مسرحية و صحافية)
سيرة ذاتية (سابينا بيرمان) المكسيك ـ الأمريكتين
ولدت في مكسيكو سيتي، كاتبة وصحفية. يعتبر بيرمان من أكثر الكاتبة المسرحية المعاصرة نجاحا وتجاريا في المكسيك، وهو واحد من أكثر الكتاب غزارة في اللغة الإسبانية.
وقبل ولادتها، تعرض والداها للاضطهاد في الولايات المتحدة وطلبا اللجوء إلى المكسيك. نشأت سابينا، جنبا إلى جنب مع شقيقيها وشقيقتها، في مضيق هذا الصراع وكان لها عامل حاسم في حياتها.
عملها المهني ككاتب يتعامل بشكل رئيسي مع القضايا المتعلقة بالتنوع والعقبات. أسلوبها يميل إلى الفكاهة والحاجة إلى تجاوز حدود اللغة. وهي فائزة أربع مرات في جائزة المسرحية الوطنية في مكسيكو سيتي وفازت مرتين بجائزة الصحافة الوطنية (بريميو ناسيونال دي بيريوديسمو). وقد نظمت مسرحياتها في كندا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا. روايتها، أنا ( لا موجر كيو buceó إن إل كورازون ديل موندو ) إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل.
وهي تعمل حاليا في السينما والتلفزيون.
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2018 – الأمريكتين
سابينا بيرمان، المكسيك
مؤلفة وكاتبة مسرحية وصحفية.
فَلْنتخيّل:
ترمي القبيلة أحجارًا صغيرة لإسقاط الطيور من السماء، في الوقت الذي يهجم فيه ماموثٌ عملاقٌ داخلاً في المشهد ويزأر بشدة – وفي اللحظة نفسها، يزأر إنسانٌ صغيرٌ مقلّداً الماموث، ثم يهرب الجميع …
هدير الماموث ذلك الذي نطقت به الأنثى البشرية – أود أن أتخيل أنها كانت امرأة – هو أصل ما يجعلنا الأنواع الحية التي نحن عليها اليوم، نوعٌ حيٌ قادر على تقليد ما لسنا عليه، نوعٌ حيٌ قادرٌ على تمثيل الآخر.
لنقفز عشر سنواتٍ أو مائة سنةٍ أو ألف سنةٍ إلى الأمام، تعلمت القبيلة كيف تقلد الكائنات الأخرى: في أعماق الكهف وعلى ضوء النار الخافت، يلعب أربعة رجالٍ دور الماموث بينما تلعب ثلاث نساء دور النهر، ويلعب الرجال والنساء الآخرون دور الطيور وحيوانات البونوبو والأشجار والغيوم: تمثّل القبيلة طقوس الصيد في الصباح وبذلك يلتقطون الماضي بمواهبهم المسرحية، والأكثر إثارةً للدهشة هو أن القبيلة حينها تخترع سيناريوهاتٍ محتملةٍ للمستقبل وتكتب الطرق الممكنة لقهر الماموث، عدو القبيلة.
ثم تتطور أصوات ذلك الهدير والتصفير والتمتمة – المحاكاة الصوتية التي شكّلت مسرحنا الأول – لتصبح لغةً لفظية، وتتطور اللغة المنطوقة لتصبح لغةً مكتوبة، وفي المسار الآخر يتطور المسرح ليصبح شعيرةً ثم سينما.
ولكن بمحاذاة هذه الأشكال الأخيرة وفي أصل كلٍّ منها، يستمر وجود المسرح دائماً ليكون أبسط شكلٍ من أشكال التمثيل بل الشكل الحي الوحيد للتمثيل.
المسرح: كلما كان أبسط، كلما ربطنا بحميميةٍ أكثر بالمهارة البشرية الأكثر مدعاةً للإعجاب، ألا وهي تمثيل الآخر.
اليوم وفي كل مسارح العالم نحتفل بهذه المهارة البشرية المجيدة وهي الأداء، نحتفل بالتمثيل، وبالتالي نحتفل بالتقاط ماضينا – وابتداع سيناريوهاتٍ محتملةٍ للمستقبل يمكن أن تجلب للقبيلة مزيداً من الحرية والسعادة.
ما هي حيوانات الماموث التي يجب القضاء عليها اليوم من قِبل القبيلة البشرية؟ من هم أعداؤها المعاصرون؟ وهذا المسرح الذي يطمح ليكون أكثر من مجرد ترفيه، ما الذي يجب أن يمثّله؟
بالنسبة لي، أعظم ماموثٍ هو غُربة القلوب البشرية، وفقدان قدرتنا على الشعور بالآخرين: على الشعور بالتعاطف مع إخواننا من البشر ومع أشكال الحية غير البشرية.
يا لها من مفارقة! اليوم، وعلى ضفاف الشواطئ الأخيرة للإنسانية – للحقبة الأنثروبوسينية – وفي العصر الذي أضحت فيه الكائنات البشرية هي القوة الطبيعية التي غيرت كوكب الأرض أكثر من غيرها وستستمر في القيام بذلك، أصبحت مهمة المسرح – في رأيي – عكس المهمة التي جمعت القبيلة عندما تم أداء المسرح في الجزء الخلفي من الكهف: اليوم ، يتوجب علينا إنقاذ ما يربطنا بالعالم الطبيعي.
أكثر من الأدب وأكثر من السينما، يتناسب المسرح – الذي يتطلب حضور البشر أمام غيرهم من البشر – بشكلٍ رائعٍ مع مهمة إنقاذنا من التحول إلى خوارزميات وإلى تجريديةٍ خالصةٍ.
لنقم بإزالة كل الزوائد عن المسرح، لنجرّده ونتركه عارياً، لأنه كلما كان المسرح أبسط، كلما ذكرنا أكثر بالشيء الوحيد الذي لا يمكن إنكاره: أننا موجودون في الوقت المناسب، أننا موجودون الآن فقط تكسونا هذه الأجساد وهذه العظام وتنبض قلوبنا في صدورنا، أننا نحن الزمان والمكان، ولا أكثر من ذلك.
فليحيا المسرح، الفن الأكثر قدماً، فن الوجود في الحاضر، الفن الأكثر إدهاشاً، فليحيا المسرح.
ترجمة: حصة الفلاسي
مركز الفجيرة للهيئة الدولية للمسرح – دولة الإمارات العربية المتحدة
*********
5/ ” ليكينغ Wèrê Wèrê ” ساحل العاج/ إفريقيا (فنانة متعددة الاختصاصات)
السيرة الذاتية (ليكينغ Wèrê Wèrê) ساحل العاج/ إفريقيا
ويريوير-ليكينغ ولدت غنيبو 1 مايو 1950 في بونده في الكاميرون، وقالت انها تعيش في ساحل العاج منذ عام 1978. وهي فنان متعدد التخصصات: كاتبت مع ما يقرب من ثلاثين ألقاب نشرت، بدءا من الرواية إلى المسرح، من خلال القصص والمقالات والكتب الفنية والشعر … الرسام منذ عام 1968 مع العديد من المعارض في جميع أنحاء العالم. كاتب مسرحي، عرائس مبتكر ومدير للعديد من اللوحات الجدارية المسرحية الكبيرة، وكلها وصفت بأنها الأوبرا الأفريقية، وكثير منها قد جولات في العالم، ممثلة المسرح والسينما، سينغر رابيوس …
شاركت الباحثة في تقنيات التربية التقليدية في جامعة أبيدجان (إيلينا) من 1979 إلى 1985، وشاركت في الثورة المسرحية الطقسية وبدأت مجموعة فنية كي-يي مبوك. وهي تقوم بتطوير نظام تدريب خاص مستوحى من المبادرات الأفريقية التي تسمح لها بمرافقة مئات الشباب الذين يواجهون صعوبة في إعادة الاندماج في المجتمع كزعيم. والتي سوف تكسب له جائزة « أبطال المدينة “الأمير كلاوس في عام 2000. تأسست مؤسسة البانافريكان كي يي لتدريب الشباب في الإبداع والتنمية من خلال الثقافة في عام 2001 التي تواصل عملها منذ … الفائز في العديد من الجوائز مثل جائزة أرليتي من فرنسا، ورينيه برايل من بلجيكا، وفونلون نيكولز من جامعة ألبرتا في كندا، وشيفالير ديس أرتس إت ليترس فرانسيسيس، وقائد النظام الوطني للاستحقاق في كوت ديفوار، وعضو المجلس الأعلى من الفرانكوفونية من 1997 إلى 2003، بريكس نوما 2005 وحائزة على جائزة كتاب عام 2007 لروايتها الذاكرة بتر الأعضاء وغيرها، هي اليوم، عضو دائم في أكاديمية العلوم والفنون والثقافات في أفريقيا والمغتربين الأفارقة في كوت ديفوار.
رسالة اليوم العالمي للمسرح 2018 – أفريقيا
ويري ويري ليكينغ ، ساحل العاج
فنانة متعددة التخصصات
في أحد الأيام
قرر شخصٌ ما أن يسأل نفسه أسئلةً أمام مرآة (جمهور)
أن يخترع لنفسه أجوبةً وأمام هذه المرآة نفسها (جمهوره)
أن ينتقد نفسه ويسخر من أسئلته وأجوبته
أن يضحك أو يبكي، على أي حال، ولكن في النهاية
أن يحيّي ويبارك مرآته (جمهوره)
لمنحه هذه اللحظة من الغضب والاسترخاء
ينحني ويحييها ليبيّن لها الإمتنان والاحترام …
في أعماقه، كان يسعى للسلام
السلام مع نفسه ومع مرآته:
كان يؤدي عملاً مسرحياً …
في ذلك اليوم، كان يتحدث …
يحتقر عيوبه ومفارقاته وتشوهاته،
يصدم نفسه من خلال التقليد والالتواءات والتشويه،
ممثلاً تفاهاته التي ألغت إنسانيته
وحِيَله التي أدت إلى وقوع الكوارث
كان يتحدث مع نفسه …
يعجب بنفسه في ثورته المتزايدة،
وفي طموحاته إلى العظمة والجمال،
ليكون كائناً أفضل، يعيش في عالمٍ أفضل
يمكن أن يبنيه بأفكاره الخاصة
ويشكّله بيديه الاثنتين
وقال لنفسه أنه يريده إذا كان ذلك بين نفسه والمرآة،
إذا كان هو ومرآته يشتركان في الرغبة …
ولكنه يعرف ذلك: كان يقوم بالتمثيل
بتمثيل السخرية، وبلا شك، الوهم،
ولكن أيضاً، بالطبع، الفعل العقلي
التشييد
إعادة صنع العالم
كان يؤدي عملاً مسرحياً …
حتى من خلال نسف كل الآمال
ومن خلال كلماته وإيماءاته الاتهامية
كان عازماً على الاعتقاد
أنه سيتم إنجاز كل شيءِ في هذه الأمسية
من خلال نظراته المجنونة
وكلماته الحلوة
وابتسامته العابثة
ودعاباته اللذيذة
من خلال كلماته التي، حتى عندما تؤذي أو تهز،
تعمل عمل الجراحة للمعجزات
نعم ، كان يؤدي عملاً مسرحياً …
وبشكلٍ عام
في موطني في أفريقيا
خاصة في الجزء الكاميتي الذي أتيتُ منه
لا نهتم بأي شيء
فنحن نضحك على كل حال، وننتحب ونحن نبكي
ونضرب الأرض تحتنا عندما تخيّب آمالنا
من خلال رقصة الغبيغبي أو البيكوتسي
وننحت أقنعةً مخيفة
أقنعة الغلاي والوابيلي والبونيوغو الدينية
لنتمكن من فهم
المبادئ المتشددة
التي تفرض علينا الدورات والأوقات
والدمى، التي تشبهنا،
فينتهي بها المطاف إلى معرفة صانعها
وإلى إخضاع المتلاعبين بها
ونخرج بطقوس تكون الكلمة المنطوقة فيها،
والتي يتم تضخيمها بالأغنيات والأنفاس الإيقاعية،
متّجهةً إلى غزو المقدسات
ونستثير الرقصات الشبيهة بالغيبوبة
منادين بالعزم والتفاني.
ولكن أيضاً، وقبل كل شيء، ننفجر ضاحكين
للاحتفاء ببهجة الحياة
التي لم تستطع قرونٌ من العبودية والاستعمار
والعنصرية والتمييز
أو الاستمرار الخالد للفظائع التي لا توصف
أن تخنقها أو تنتزعها
من روحنا وإنسانيتنا.
في أفريقيا، كما في أي مكان آخر في العالم
نحن نؤدي عملاً مسرحياً…
وفي هذه السنة الخاصة المكرّسة للهيئة الدولية للمسرح
يسعدني ويشرفني بشكلٍ خاص
أن أمثّل قارتنا
وأن أحمل رسالتها للسلام
رسالة المسرح المسالمة
لأن هذه القارة التي قيل عنها منذ فترةٍ ليست بطويلة
أن أي شيء في العالم يمكن أن يحدث فيها،
دون أن يشعر أي شخص بأقل توعك أو نقص،
يتم الاعتراف بها مرةً أخرى في دورها الأساسي كأم وأب للإنسانية
والعالم كله يتدفق فيها …
لأن الجميع يأمل دائماً في العثور على السلام
بين ذراعي والديهم، أليس كذلك؟
وعلى هذا النحو، ينعقد مسرحنا أكثر من أي وقت مضى
ويشرك جميع البشر، وخاصةً
كل أولئك الذين يتشاركون الفكر والكلمة والعمل المسرحي
من أجل الحصول على المزيد من الاحترام لأنفسهم وللآخرين
من خلال تفضيل أفضل القيم الإنسانية
على أمل استعادة الإنسانيةٍ الأفضل للجميع:
إنسانيةٍ تبرز الذكاء والتفاهم.
باستخدام هذا الجزء الذي يشكّل أكثر الثقافات البشرية فاعليةً
واستخدام الشيء الوحيد الذي يمحو كل الحدود: المسرح …
فهو أحد أكثر الأشياءِ سخاءً لأنه يتحدث كل اللغات،
ويُشرِك جميع الحضارات ويعكس كل المثل العليا،
ويعبّر عن وحدةٍ عميقةٍ لجميع البشر الذين،
على الرغم من كل المواجهات
مهتمون بشكل خاص بالتعرف على بعضهم البعض بشكل أفضل
ومحبة أنفسهم بشكلٍ أفضل، بسلامٍ وهدوء
عندما يصبح التمثيل مشاركةً
يذكرنا بواجب الفعل الذي يفرض علينا
قوة المسرح في جعل الجميع يضحكون ويبكون معاً
من خلال تقليل حدة جهلهم وزيادة معرفتهم
حتى يصبح الإنسان مرة أخرى أعظم ثروة لأخيه الإنسان.
يقترح مسرحنا أن نقوم بشكلٍ أساسيٍّ بإعادة فحص وإعادة تقييم
كل هذه المبادئ الإنسانية، كل هذه الفضائل السامية
كل هذه الأفكار الداعية للسلام والصداقة بين الشعوب
والتي تدعو لها اليونسكو بشكلٍ كبير
وأن نجسّدها في المشاهد التي نصنعها اليوم
بحيث تصبح هذه الأفكار والمبادئ حاجةً أساسية
وفكراً عميقاً ينبع من مبدعي المسرح أنفسهم أولاً
والذين يمكنهم بعد ذلك مشاركتها بشكل أفضل مع جماهيرهم.
هذا هو السبب في أن أحدث إنتاجاتنا المسرحية بعنوان “شجرة الخالق” تكرر توصيات معلمنا كينداك إنغو بيونغ بي كوبان حين قال:
“الخالق كالشجرة الكبيرة”
والتي يمكن أن ندرك منها جانباً واحداً فقط في كل مرة
من الزاوية التي تظهر فيها:
وكل من يطير فوق الشجرة لن يرى سوى أوراق الشجر
والفواكه المحتملة والزهور الموسمية.
وكل من يعيش تحت الأرض سيعرف المزيد عن جذورها،
أولئك الذين يميلون إلى الشجرة سوف يدركونها
من خلال الإحساس في ظهورهم.
وأولئك الذين يأتون من كل نقطة جوهرية
سيرون الجوانب التي لا يستطيع أولئك الآخرون الوصول إليها بالضرورة،
البعض من المحظوظين، سيرون السر
بين اللحاء ولب الخشب
بينما سيرى غيرهم، العلم الوثيق في نخاع الشجرة،
لكن مهما كانت سطحيةُ
أو عمق الإدراك لكل منهما،
لا يتم وضع أي شخص تحت زاويةٍ يمكنهم من خلالها
إدراك كل هذه الجوانب في وقت واحد
ما لم يصبحوا هم هذه الشجرة الإلهية بأنفسهم!
لكن عندها، هل سنظل بشراً؟
أدعو إلى أن تتسامح جميع المسارح في العالم وتتقبل بعضها البعض
لتخدم الأهداف العالمية للهيئة الدولية للمسرح بشكلٍ أفضل
من أجل أن يكون أخيراً ، وفي الذكرى السبعين لتأسيسها،
هناك المزيد من السلام في العالم
بمشاركة قوية من المسرح …
ترجمة: حصة الفلاسي
مركز الفجيرة للهيئة الدولية للمسرح – دولة الإمارات العربية المتحدة
—